الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"عدم الانحياز"..أين تقف مصر بين استقطاب روسيا وأمريكا؟

الرئيس الأمريكي جوبايدين
الرئيس الأمريكي جوبايدين ونظيره الروسي فلاديمير بوتين

تطورات سريعة يشهدها ملف الحرب الروسية على جارتها الشمالية أوكرانيا، فبينما يحتفي القوميين الروس بضم بوتين أربع مناطق أوكرانية إلى الأراضي الروسية هي (دونيتسيك ولوغانسيك وخيرسون وزابوريجية)، على غرار ما فعله بوتين إبان أزمة شبه جزيرة القرم العام 2014، يقول الجيش الأوكراني إنه تمكن من حصار 5500 جندي روسي في منطقة لميان، وهو الأمر الذي إذا ما تأكد حدوثه سيضاف إلى قائمة الهزائم التي لحقت بالجيش الروسي خلال الفترة الأخيرة في حرب أوكرانيا.

وعن ردود الفعل الغربية على خطوة الضم الروسية، يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، طارق فهمي: "الناتو ضعيف ومنقسم وليس لديه بدائل حقيقية سوى فرض منظومة جديدة من العقوبات، هناك عالم جديد يتشكل وسيناريو ضم القرم وقبول الدول الأوروبية به سيتكرر بعيدا عن الرفض الأمريكي والغربي لقرار ضم المناطق الأربعة".

وتبدو مخاوف مشروعة لدى العديد من المراقبين بشأن هوية العقوبات الأمريكية والغربية على روسيا بسبب حرب أوكرانيا، والرغبة في التوسع في تطبيق تلك العقوبات على المتعاونين مع روسيا وكذلك الرافضين تطبيقها، أن تشمل تلك العقوبات مصر، خاصة مع تمسك القاهرة بمبدأ عدم الانحياز لأي من طرفي الصراع، فضلًا عن تساؤلات تتعلق بمدى قدرة مصر على تحمل الضغط الأمريكي لقبول مبدأ المشاركة في فرض العقوبات على روسيا، في ظل نجاح حملات الضغط على عدد من الدول بينها تركيا. 

ومصر من الدول الأساسية التي شاركت في تأسيس حركة عدم الانحياز مع الهند، واتخذت الحركة العديد من المواقف والقرارت المهمة على مدار تأسيسها. 

حركة دول عدم الانحياز

موقف مصري ناجح

الباحثة في الشؤون الدولية، أميرة الشريف، تقول: "الموقف المصري حتى الآن ناجح بجدارة في المناورة لتفادي أي ضغوط من أطراف النزاع للانحياز لها على حساب الطرف الأخر"، وأضافت: "حتى الآن مصر على الحياد من الأزمة ولا يمكن اعتبار موقفها منحازًا لطرف دون الآخر، وخلال الأيام القليلة المقبلة ستستضيف مصر حدثًا دوليًا هو قمة المناخ وسيتم دعوة قادة العديد من الدول بما فيها أطراف النزاع كافة، وظني أنه لو لم تكن مصر على الحياد في الأزمة لما تمكنت من عقد هذا الحدث الدولي". 

أكدت الشريف أن أمريكا والاتحاد الأوروبي بلا شك ينتظرون موقفًا مصريًا منحازًا لهم لزيادة الضغط على روسيا، وألمحت إلى أن تقارير نشرتها مجلة "فوربيس" الأمريكية تحمل مطالبات بإعطاء مصر مكافآت وحوافز لتشجيعها على التماهي مع الموقف الأمريكي والغربي تجاه روسياّ، وأشارت إلى أن مصر منذ البداية وهي تتخذ موقف الحياد لكونها يجمعها علاقات استراتيجية مع جميع أطراف النزاع، ولا يمكن تصور فعل غير ذلك من مصر.

مخطط روسيا الكامل

وعن التوقعات المقبلة بعد القرار الروسي بضم أراضي أوكرانية، كتب أستاذ العلاقات الدولية، طارق فهمي عبر صفحته على موقع "فيسبوك" يقول: "١. إعلان بوتين ضم المناطق الأوكرانية الأربعة أول تقسيم جديد للحدود الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

٢. الخيارات العسكرية تستبق الخيارات السياسية ورغم الإخفاقات العسكرية الروسية إلا أن روسيا ماضية في مخططها بالكامل.

٣. الترتيبات الأمنية والإستراتيجية الجديدة التي ستفرضها روسيا مقدمة لمًا هو قادم …

٤.عالم جديد يتشكل وسيناريو ضم القرم وقبول الدول الأوروبية به سيتكرر بعيدا عن الرفض الأمريكي والغربي لقرار ضم المناطق الأربعة..

٥.الناتو ضعيف ومنقسم وليس لديه بدائل حقيقية سوى فرض منظومة جديدة من العقوبات.

٦.الولايات المتحدة مرتبكة وعاجزة عن اتخاذ قرار منفرد وتسعى لإجراءات متعددة وسينتظر بايدين نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الذي قرر تخصيص ١٢ مليار لدعم اوكرانيا..

٧.استخدام النووي محتمل وروسيا قادرة على ضرب مواقع غير مأهولة أو ضرب مواقع عسكرية محددة لكن استخدام سيناريو ضرب المدن الأوكرانية وتسويتها بالأرض مستبعد تماما …

٨.تكرار أزمة كوبا غير وارد بالمرة بين الإدارة الأمريكية وروسيا علي الأقل في الوقت الراهن..

العالم يتأهب لحرب حقيقية وشاملة وستضم دول اخرى …

سيدفع العالم  كله فاتورة العناد الغربي ومحاولة إهانة الرئيس بوتين وروسيا والقضية ليست أمريكا أو روسيا فقط وإنما مستقبل العالم بأكمله…".

احتمالات الهدوء

بينما الباحث في الشؤون الروسية، أشرف الصباغ، يقول عبر صفحته على موقع "فيسبوك": "أما السيناريو المتوقع، بخلاف استمرار وتكثيف العمليات العسكرية الروسية، سواء في الأراضي الأوكرانية أو على حدود دول حلف الناتو، فهو حلول فترة هدوء مع ضم دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيه إلى قوام روسيا الاتحادية.

وشروع موسكو في مماطلات سياسية وحملات إعلامية لإثارة البلبلة والارتباك في أوساط الرأي العام المحلي والدولي. 

من المتوقع أن تنقل موسكو الأحداث إلى مستوى قانوني وتشريع، مع استمرار العمليات العسكرية الروسية، لكن سيتم إبعاد الأضواء عنها وترحيلها إلى الترتيب الثاني بعد أن تعلن موسكو رغبتها بالبدء في مفاوضات. ومن المتوقع أن تشترط أن تكون المفاوضات على أساس الأمر الواقع والنتائج التي تحققت. أي أن التهام القرم وسيفاستوبول ودونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيه أصبح أمرا واقعا، لا يجوز الخوض فيه، لأن هذه أراضي روسية. وسيترافق ذلك مع حملات إعلامية وبروباجندا لإظهار روسيا في موقف الحمل الوديع الذي يدعو للسلام وللمفاوضات. غير أن القوات الروسية ستكون في هذه الأثناء على أبواب خاركوف وأوديسا، كنوع من المساومة، أو كنوع من مواصلة التهام المزيد من الأراضي الأوكرانية وتحقيق هدف الكرملين والرئيس بوتين وأنصار روسيا “الأوراسية” الذين يرون أنه لا توجد دولة اسمها أوكرانيا أصلا، ولا يوجد بالتبعية أي شعب يسمى بالشعب الأوكراني.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

ضغوط على تركيا

كانت تقارير صحفية رصدت ضغوطًا أمريكية كبيرة على تركيا لإجبارها على تطبيق العقوبات على روسيا. أشارت تقارير إلى أن بنوكًا حكومية تركية قررت الانسحاب من نظام "مير الروسي" للمدفوعات، بعد تحذير أميركي بالعقوبات، ووفق موقع "العربية" فإن مسؤولًا تركيًا كبيرًا قال إن المقرضين الثلاثة، وهم الوحيدون في تركيا الذين لا يزالون يستخدمون نظام مير الروسي في معالجة المعاملات التي تتم باستخدام بطاقات الدفع الروسية، قرروا الانسحاب من ذلك النظام.

ووفق الموقع فيمثل قرار شركة Turkiye Halk Bankasi AS وTC Ziraat Bankasi AS وTurkiye Vakiflar Bankasi TAO  بالتوقف عن استخدام "مير" تحولًا في الموقف التركي بشأن العقوبات التي تستهدف روسيا.

وحسبما تقول تقارير صحفية تركية فإن أردوغان امتنع عن المشاركة في العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن موقف الرئيس التركي بدأ يظهر بوادر تحول منذ أن سافر إلى الولايات المتحدة لحضور الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، وبعد عودته مباشرة، استدعى أردوغان كبار مسؤوليه بمن فيهم وزير الخزانة والمالية نور الدين النبطي لمناقشة بدائل "مير".

وفي اليوم نفسه، أعلن المتحدث باسم أردوغان، إبراهيم كالين، على قناة تلفزيونية وطنية، أن تركيا تقف بقوة إلى جانب أوكرانيا في الحرب، داعيًا روسيا إلى الانسحاب من الأراضي التي تحتلها.

وخلال وقت سابق، حذر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، أو مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، المؤسسات المالية من الدخول في اتفاقيات جديدة أو توسيع الاتفاقيات القائمة مع المشغل الروسي لبطاقات "مير". وتحظى بطاقات مير بشعبية بين الزوار الروس وتجلب الدخل الأجنبي إلى تركيا خلال الموسم السياحي.