الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ماذا فعل صدام حسين بالدكتور حلمي نمر وعمرو موسى مبعوثا مبارك إليه؟

الرئيس نيوز

حكى عميد الدبلوماسية المصرية، وزير الخارجية الأسبق، الأمين العام للجامعة العربية، رئيس لجنة الخمسين لكتابة الدستور، عمرو موسى، تفاصيل واقعة غربية وقعت بين أمين عام "مجلس التعاون العربي"، الدكتور حلمي محمود نمر، وهو شقيق اللواء أمين نمر رئيس جهاز المخابرات المصرية الأسبق، والرئيس العراقي صدام حسين، حينما كان يتم التجهيز لأعمال قمة "مجلس التعاون العربي" الذي يضم مصر والعراق واليمن والأردن.

وشكلت الدول الأربع "مجلس التعاون العربي"، قبل أن تقرر مصر الانسحاب منه؛ بعدما توقع الرئيس الأسبق حسني مبارك الأهداف الخفية التي يسعى صدام لتحقيقها من المجلس، وعلى رأسها تنفيذ عملية غزو الكويت. 
  
يقول الدبلوماسي المخضرم: "شهدت مرحلة «مجلس التعاون العربي» أول تعامل مباشر لي مع الرئیس مبارك، ذلك أنه تم تكلیفي بمهمتین؛ أولاهما تدخل في صلب المشاركة في العمل الخاص بمجلس التعاون وهي الخاصة بتعیین الدكتور حلمي نمر، أمینًا عاما لهذا الاتحاد، وثانیهما الإخطار بالخروج من هذا المجلس، وأبلغني الدكتور عصمت عبد المجید أن التكلیف جاء مباشرة من الرئیس".

يتابع موسى: "فأما عن المهمة الأولى فقد انطلقت بعد اختیار الدكتور حلمي محمود نمر أمینًا عاما لـ"مجلس التعاون العربي"، وهو شقیق اللواء أمین نمر، رئیس المخابرات العامة المصریة آنذاك. تم التوافق على أن أسافر مع الدكتور نمر إلى الدول الأعضاء بالمجلس قبل توجهه للعاصمة الأردنية التي تم اختيارها المقر الدائم للمجلس".

يوضح السيد عمروموسى أن الدكتور نمر رجًلا طیًبا، یبدو علیه وقار العلماء. لم یكن یحب التعامل مع السلطة. ولسوء حظه كانت بغداد أول عاصمة تقرر زیارتها من العواصم الثلاث. حمل الدكتور نمر رسالة من الرئیس مبارك إلى الرئیس صدام حسین، وكانت زیارة من أطرف ما یكون. بمجرد وصولنا أخطرت السلطات العراقیة، الرئيس صدام حسین أن الدكتور حلمي نمر الأمین العام لمجلس التعاون العربي، یرید مقابلته، ویحمل له رسالة من الرئیس مبارك، ومعه سفیر مصري اسمه عمرو موسى، فقال صدام – حسب ما روي لي: "سمعت عن هذا السفیر، لكنني أرید أن أقابل نمر بمفرده".

يضيف: "تحدد موعد اللقاء قبل مغادرتنا العراق – الذي مكثنا فیه نحو ٣٦ ساعة - وذهب الدكتور نمر فعلًا بمفرده".

يروي السيد عمرو موسى في مذكراته التي تحمل اسم "كتابية": "جاء الدكتور نمر بلون مخطوف وفي منتهى الاضطراب ویتصبب عرًقًا وحكى لي قصة من اغرب ما يكون هذا نصها كما حكاها لي:

«بعدما حضر بعض المسئولین العراقیین لیأخذوني من الفندق ذهبوا بي إلى قصر من قصور الرئاسة، ثم تغیر المرافقون وأخذوني في سیارة أخرى إلى قصر لم أتبین شیًئا خلال دخولي إلیه. أجلسوني في قاعة كبیرة جدا، لكن الإضاءة فیها خافتة، ثم تركوني وحیًدا، بعد أن قدموا لي مشروًبا. بعد نحو ٢٠ دقیقة جاءني ضابط آخر. قال لي: «تفضل یا سید َنَّمر»؛ فتفضلت إلى قاعة أصغر من تلك التي كنت أجلس فیها، لكنها أكثر ظلمة. أجلسوني على كرسي وتركوني نفس المدة التي قضیتها في القاعة الأولى، ثم جاءني ضابط ثالث، وقال لي: «تفضل»؛ فتفضلت إلى قاعة أصغر، لكنها حالكة الظلام ولا یوجد فیها كراسي، فظللت واقًفا لبعض الوقت؛ لدرجة أنني قلت لنفسي: لن أخرج من هذا المكان الموحش حیا! فجأة وأنا في القاعة الأخیرة أضيء نور في آخرها، وإذ برجل یقف تحت هذا الضوء مرتدًیا بدلة بیضاء. دعاني رجل للتحرك في اتجاه ذلك الواقف، الذي اكتشفت أنه صدام حسین. سلمت علیه وأنا في قمة الاضطراب. قدمت له نفسي وأعطیته رسالة الرئیس مبارك؛ فأشار لشخص یقف بالقرب منه لتناولها مني. استمرت المقابلة نحو خمس دقائق، وأتوا بي إلیك هنا في المطار"!

يتابع الدبلوماسي المخضرم: "عندما جاء الرجل – رحمه االله - إلى المطار كان في حالة اضطراب وذهول كبیرة كأنه لتوه خارج من كابوس. واستمر یردد باستغراب شدید: «ما هذا الرجل الذي یرتدي بدلة بیضاء.. بدلة بیضاء؟»، وظللت طوال الرحلة إلى عمان أضحك مما یرویه الدكتور نمر عن مقابلته صدام.