السبت 18 مايو 2024 الموافق 10 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تقرير: الحرب الروسية تزيد أزمة سد النهضة تعقيدًا

الرئيس نيوز

تحت عنوان الرهانات الخطرة، كتبت إليزابيث هاجدورن تقريرا نشرته صحيفة نيويورك بوست، أشارت فيه إلى أن إثيوبيا لا تزال تعتبر إمكانات الطاقة الكهرومائية لسد النهضة عامل تغيير محتمل لقواعد اللعبة في البلاد والمنطقة، فباكتمال إنشاءات وتشغيل السد، يمكن أن تصبح إثيوبيا مصدرًا رئيسيًا للطاقة، في الوقت نفسه، تعتمد مصر على نهر النيل في تدبير أكثر من 90٪ من مواردها المائية وتخشى أن يحد السد من تدفق المياه وبالمثل يخشى السودان، المتحالف مع مصر في النزاع، من أن يؤدي السد إلى تسريع فيضانات أراضيه، والتي تحدث بانتظام خلال مواسم الأمطار.

ولفت التقرير إلى تعثر الجهود الدبلوماسية، فلا يزال التقدم بشأن اتفاق دبلوماسي بين مصر وإثيوبيا والسودان متوقفًا، على الرغم من الجهود المثلى التي تبذلها الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول أخرى للتوسط في حل وسط بين الأطراف، وعلى مدار العامين الماضيين، رفعت مصر قضيتها إلى مجلس الأمن الدولي، مستندة إلى أن سد النهضة هو نزاع أمني واستمع الأعضاء الدائمون في المجلس إلى قضية مصر وأيدوا المزيد من الدبلوماسية لكن لم يؤيدوا قرارا أممياً من شأنه أن ينهي النزاع.

ولا تزال مهمة البحث عن أرضية مشتركة بعيدة المنال، إذ تريد القاهرة اتفاقًا ملزمًا بوساطة دولية، وتصر على تحديد قنوات تحكيم واضحة، من أجل ضمان التدفق المطلوب للمياه إلى مصر، ولكن إثيوبيا يساورها القلق من أي التزامات أو قيود ملزمة وتصر على أن يبقى التحكيم مفتوحا،
المياه والحرب
أشار التقرير إلى أن أطراف النزاع على سد النيل مرتبطون بالحرب وكذلك بالمياه وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام في عام 2019 لإحلال السلام مع إريتريا، يقاتل شعبه في منطقة تيجراي واتُهمت القوات الإثيوبية والإريترية ووكلائها بارتكاب جرائم حرب في الصراع، مما أدى إلى دخول لاجئين إلى السودان بالإضافة إلى مناوشات مع القوات السودانية، وفي الأثناء، عمقت مصر علاقاتها الأمنية مع السودان، في نوع من الضغط المكثف على إثيوبيا.
التفكير في المستقبل
من المتوقع أن يكون الملء الثالث للسد أقل من الملء الأول والثاني؛ إذا كان الأمر كذلك، فلن يكون لدى مصر ما تخشاه، على الأقل في الوقت الحالي، فيما يتعلق بتدفق المياه. لكن التأثير الاقتصادي للحرب الروسية الأوكرانية سيزداد سوءًا بالنسبة لمصر وإثيوبيا والسودان، لذا فإن سد النهضة سيتطلب إلحاحًا أكبر لأسباب مختلفة لجميع الأطراف الثلاثة ومع ذلك، توقع التقرير من القاهرة أن تمضي قدمًا من أجل اتفاقية ملزمة وربما خوض جولة أخرى في مجلس الأمن، وفي الوقت نفسه، تعمل مصر أيضًا على تسريع خطط إدارة المياه، وفقًا لتقارير عديدة من القاهرة، مع إعطاء الأولوية للمبادرات والتكنولوجيات المناخية قبل استضافتها لمؤتمر الأطراف المناخي: وهو مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في شرم الشيخ. الشيخ خلال الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر.
وبدأت إثيوبيا تشييد الهياكل الخرسانة على جسم سد النهضة الإثيوبي في أبريل، قبل الملء الثالث لخزان السد المقرر في يوليو، وسط استمرار المفاوضات المتوقفة مع مصر والسودان، وفي 25 أبريل، نقلت تقارير إعلامية مصرية عن مصادر دولية، ونشرت صور أقمار صناعية تؤكد أن أديس أبابا بدأت في رفع الممر الأوسط للسد الذي يتم بناؤه على النيل الأزرق، بعد أن جففت هذا الممر في مارس لتهيئته لإنشاءات جديدة ويأتي ذلك في وقت تطالب فيه دولتا المصب - مصر والسودان - أديس أبابا بالامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب فيما يتعلق بملء أو تشغيل بحيرة السد، قبل إبرام اتفاق ملزم، خوفًا من تقليص حصتهما المائية، لقد فشلت المفاوضات الثلاثية بشأن هذه القضية، التي عقدت على فترات متقطعة منذ عقد من الزمن، حتى الآن.
وفي فبراير، أعلنت إثيوبيا تشغيل أول توربينين في السد لتوليد الكهرباء ووصفت مصر هذه الخطوة بأنها انتهاك آخر من جانب إثيوبيا لالتزاماتها بموجب إعلان المبادئ لعام 2015، وعلق ويليام دافيسون، كبير المحللين بمجموعة الأزمات الدولية على المأزق الدبلوماسي الراهن قائلا:”من خلال زيادة ارتفاع الممر الأوسط لسد النهضة، تمضي إثيوبيا قدمًا في عملية البناء التي كانت تعمل عليها منذ سنوات ولا توجد مفاجآت في ذلك”.
وصرح وزير الموارد المائية والري السابق محمد نصر علام لصحيفة عكاظ في 22 أبريل أن أديس أبابا أكملت أعمال بناء يصل ارتفاعها إلى 570 مترًا في الممر الأوسط، وتستهدف الوصول إلى 595 مترًا (1952 قدمًا)، وسيتم الملء الثالث لخزان السد خلال موسم الأمطار الإثيوبي الرئيسي الذي يبدأ في يونيو ويستمر حتى سبتمبر، وفقًا لخطط إثيوبيا، وقال دافيسون: ”بالطبع اعترضت دول المصب على الملء الأول والثاني لخزان السد، دون التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد هذا الملء والتشغيل من قبل أديس أبابا"، موضحا: ”إثيوبيا تعلن عن الملء للعام الثالث ونتوقع من مصر والسودان تقديم نفس الاعتراضات، وسيحملان إثيوبيا مسؤولية التصرف من جانب واحد وانتهاك إعلان المبادئ لعام 2015”.
وأشار إلى أنه” يمكننا أن نتوقع أن تمضي إثيوبيا قدما في عملية الملء بغض النظر عن اعتراضات مصر والسودان وستدعي أديس أبابا أنه يحق لها القيام بذلك وتدحض أن هذا ينتهك إعلان المبادئ أو أي التزامات قانونية دولية أخرى، في خضم كل ذلك، لا ينبغي أن يكون لهذا الملء تأثير سلبي كبير على المفاوضات بين الأطراف الثلاثة، خاصة وأن هذه الخطوة لا تشكل مفاجأة”.
ويعتقد دافيسون أن الظروف السياسية والاقتصادية في الدول الثلاث ستلقي بظلالها على مستقبل مفاوضات سد النهضة المتوقفة، مؤكدا: ”الظروف الداخلية في الدول الثلاث المتنازعة ستؤثر بالتأكيد على مصير المفاوضات، وسط التحديات السياسية والاقتصادية العديدة التي تواجهها حكوماتهم" وهذا من شأنه أن يقلل على الأرجح من فرص قادتهم في اتخاذ القرارات الجريئة اللازمة لتقديم تنازلات للتوصل إلى اتفاق ولكن على أي حال، هذا لا يعني أن المفاوضات لا يمكن أن تستمر”.
استمرت محادثات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان متوقفة حتى الآن، بعد أن فشلت الجولة الأخيرة من المحادثات التي عقدت في أبريل 2021 في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، في التوصل إلى اتفاق بين الأطراف.
في سبتمبر 2021، دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الدول الثلاث إلى استئناف مفاوضاتها تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، الذي سعى منذ ذلك الحين دون جدوى إلى استئناف المفاوضات.
من جانبه، قال كاميرون هدسون، زميل مركز إفريقيا التابع للمجلس الأطلسي والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، لـ”المونيتور":”إن استمرار بناء السد يجعل استئناف المفاوضات النهائية أمرًا صعبًا للغاية، حيث لا تنوي إثيوبيا تأخير البناء أو أوقف الملء الثالث لخزان السد خلال الأسابيع القليلة القادمة”،  وأشار، مع ذلك، إلى أن ملء السد الثالث لن ينهي الآمال في التوصل إلى اتفاق، قائلا: ”يعتمد الملء على هطول الأمطار، وفي العامين الماضيين، كانت مياه الأمطار وفيرة مما حال دون إعاقة تدفق المياه في اتجاه مجرى النهر وإذا استمر هطول الأمطار بنفس الوتيرة، فلن يكون هناك سبب للاعتقاد بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث”.
وأضاف هدسون أن المخاوف ترجع أساسًا إلى سنوات الجفاف كما حذر من أن ”عام الجفاف سيزيد من حدة التوترات ويجعل التوصل إلى اتفاق نهائي أكثر صعوبة"، وتخشى مصر من أن تشغيل السد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق سيؤثر على إمداداتها المائية من نهر النيل، الذي تعتمد عليه مصر في 97٪ من احتياجاتها من الري ومياه الشرب وهو رأي يتفق معه عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، وأوضح شراقي: ”من وجهة نظر المياه، لن يؤثر الملء الثالث على مصر والسودان كثيرًا، خاصة إذا كان هذا الملء محدودًا، في ظل تجاوز هطول الأمطار التوقعات، أما على المستوى السياسي، تعتبر زيادة ارتفاع الممر الأوسط لسد النهضة استمرارًا للسياسة الإثيوبية بفرض الأمر الواقع واتخاذ قرارات أحادية الجانب، وهو ما ترفضه مصر والسودان بشدة".
تجدر الإشارة إلى أن صور الأقمار الصناعية كشفت عن تنفيذ أعمال خرسانية في الوقت الحاضر في سد النهضة، وكذلك الأعمال التي جرت الشهر الماضي على أطراف السد ومن المتوقع أن تنتهي الأعمال في الممر الأوسط قبل بداية الفيضان في موسم الأمطار في يوليو.