الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

النفط والطاقة.. مواقف العرب تزيد أزمة أوكرانيا تعقيدًا

الرئيس نيوز

وجهت صحيفة "ذي هيل" الأمريكية، التي تصدر في واشنطن، حديثها للمواطن الأمريكي قائلة: "إذا كنت تتابع أخبار الأزمة الأوكرانية عبر التلفزيون فقط، فأنت تفتقد بُعدًا مهمًا، وربما حاسمًا، هذا البعد يتمثل في مواقف الدول العربية ودول الشرق الأوسط"، مضيفة أن الأمر يتعلق بالأساس بالطاقة، ومحاولات الغرب تقويض هيمنة روسيا على إمدادات النفط والغاز، لذا فهو يتعلق بالأرقام، والتي عادة لا تصلح للعرض التلفزيوني.
ويعتقد سايمون هندرسون، زميل معهد بيكر ومدير برنامج برنشتاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أنه على المدى القصير، تدور قصة أوكرانيا بالفعل حول تقدم أرتال المدرعات و التحدي البطولي للصعوبات، ممزوجة بالتقارير المروعة عن الضحايا واللاجئين ولكن على المدى الطويل، كل شيء تقريبًا يتعلق بالطاقة، ووردت الأنباء خلال الأسبوع الجاري قائلة إن ألمانيا - التي تعتمد حاليا بشكل كبير على واردات الغاز الطبيعي الروسي - وافقت على صفقة طويلة الأمد لتوريد الغاز مع دولة قطر الخليجية، التي تمتلك ثالث أكبر احتياطيات في العالم وأشار وزير الاقتصاد روبرت هابيك في الدوحة إلى أن بلاده "ربما لا تزال بحاجة للغاز الروسي هذا العام لكن ليس في المستقبل"، وتسرع ألمانيا في إنشاء محطتين للغاز الطبيعي المسال لكي تتمكن من استيراد حمولات السفن التي ستوفرها قطر.

ويمكن القول إن المملكة العربية السعودية كانت أقل تجاوباً مع مطالبات الغرب، حيث أعلنت، بعد ثلاث هجمات بطائرات بدون طيار على منشآت نفطية من قبل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، أنها لن تتحمل مسؤولية النقص في سوق الطاقة العالمية ولكن الصحيفة تشير إلى أن هجمات الحوثيين لم تضر بالقدرة الإنتاجية أو التصديرية للمملكة ولذلك، تفسر غالبية دول الغرب المتحالفة مع الولايات المتحدة أن ما قالته الرياض يعني ببساطة أنها تقف إلى جانب روسيا في تحالف أوبك + وهو ما تصفه الصحيفة بـ"العناد المستمر" متمثلا في رفع الأسعار وبعد التراجع عن مستوياتها القياسية الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط يوم الاثنين مرة أخرى بنحو 7 في المائة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن علاقات الرياض مع واشنطن متوترة وأشارت الصحيفة إلى نوع من "العداء الشخصي" بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يدير كل شيء في المملكة، بينما تم تركيب بطارية جديدة في جهاز تنظيم ضربات القلب للملك سلمان في الأسبوع الماضي.

من حيث الضغط الدبلوماسي في ملف الطاقة، لا تزال موسكو تضحك أخيرًا فتضحك كثيرا وتراجعت الصادرات لأن الشركات تعتبر الطاقة الروسية من العوامل التي تمس سمعتها في الآونة الأخيرة، ولكن الإيرادات الإجمالية ربما ارتفعت بسبب ارتفاع الأسعار ويبدو أن الحكومات الغربية تأمل في أن تؤدي النكسات العسكرية إلى تقييد روسيا وحل الأزمة بسرعة ولكن البديل غير مستساغ، فلا تتصور الصحيفة مطالبة الناخبين في دول الغرب بقبول الزيادات في أسعار البنزين وربما الخضوع لمجموعة من قيود الطاقة لتخفيف حدة التشدد الروسي.

وتجمع وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، الأسبوع الماضي، تحت مظلتها الدول الصناعية التي من بينها الولايات المتحدة وهي عضو واحد في المجموعة، واقترحت خطة من 10 نقاط لخفض استهلاك النفط، بما في ذلك خفض سرعة السيارات والحافلات والشاحنات، وخفض استخدام الأوروبيين والأمريكيين للسيارات، وتقليص جدول السفر الجوي للأعمال، وإعلان يوم الأحد في شوارع أوروبا وأمريكا "يوما خاليا من السيارات" وهي نقاط تبدو معقولة بما فيه الكفاية من الناحية النظرية، لكن من الصعب تسويقها أو أن تجد أصداء إيجابية وقبولا لدى المواطنين من الناحية العملية.

وأشارت الصحيفة إلى زاوية أخرى لمواقف دول الشرق الأوسط، وتقصد القمة الثلاثية في مصر بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد بعد ثلاثة أيام فقط من استقبال الرئيس السوري بشار الأسد في أبو ظبي، وهو الحدث الذي دفع الولايات المتحدة وتحديدا وزارة الخارجية لتقول إنها "أصيبت بخيبة أمل عميقة" فكيف يمكن للإمارات كأحد حلفاء الولايات المتحدة أن ترحب بحرارة ببشار الأسد المدعوم من إيران  بينما تشتكي الإمارات علنا من عدم وقوف الولايات المتحدة إلى جوارها لوقف الهجمات الحوثية على الأراضي الإماراتية، وتساءلت الصحيفة هل كان من أهداف القمة بحث رغبة كل من مصر وإسرائيل والإمارات في إبعاد الأسد عن طهران.  

ورجحت الصحيفة أن الهدف من دبلوماسية الشرق الأوسط هو إدارة بايدن، التي تبدو قريبة من الموافقة على اتفاقية نووية إيرانية متجددة (والتي انسحب منها الرئيس السابق ترامب) وهذه الاستراتيجية الدبلوماسية، في أحسن الأحوال، عالية المخاطر ويمكن أن تشتت الانتباه عن حل الأزمة الأوكرانية وأكدت الصحيفة: "لقد قرر حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط قائمة أولوياتهم ولسوء الحظ، يبدو أنهم على خلاف مع واشنطن".