الأحد 28 أبريل 2024 الموافق 19 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هل تنجح جهود مصر الأخيرة في التوسط لحل الأزمة السياسية في السودان؟

الرئيس نيوز

بدأت مصر سلسلة من الحوارات مع القوى السياسية في السودان للمساعدة في تجاوز الأزمة السودانية التي اندلعت بسبب أحداث أكتوبر الماضي واندلاع الخلافات بين مكونات الحكم الانتقالي، ولفت تقرير لموقع فرانس 24 إلى تكثيف الجهود المصرية للحوار مع القوى السياسية السودانية في محاولة للمساعدة في تجاوز الأزمة السياسية الراهنة التي يعاني منها السودان.

تأتي الجهود المصرية الأخيرة بعد أسابيع قليلة من دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في 13 يناير للأحزاب السودانية لبدء حوار للاتفاق على خارطة طريق من شأنها تسهيل عملية الانتقال الديمقراطي في السودان وإجراء انتخابات تسمح للشعب باختيار قيادتهم في نهاية المطاف والتقى وفد مصري رفيع المستوى مع عدد من قادة الأحزاب السياسية السودانية خلال زيارة مفاجئة منتصف فبراير الجاري للعاصمة السودانية الخرطوم.


وذكرت صحيفة السوداني المحلية أن الوفد المصري ضم مسؤولين كبار من وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة ولكن مصر لم تعلن عن الزيارة ولم تعلق على طبيعة الوفد ومدة زيارته، ومن جانبه، أعلن حزب الأمة الوطني السوداني أن زعيمه مبارك الفاضل المهدي استقبل الوفد المصري في الخرطوم لبحث سبل حل الأزمة السياسية في البلاد وتطرق اللقاء أيضا إلى الجهود الحالية لتجاوز الأزمة "بما يحقق تطلعات الشعب السوداني نحو الديمقراطية والسلام والتنمية والاستقرار"، بحسب بيان صادر عن الحزب عقب اجتماع 13 فبراير.

كما بحث المهدي مع الوفد المصري التحديات الراهنة التي تواجه السودان ورؤية حزبه لتجاوز الأزمة. كما التقى الوفد المصري يوم 16 فبراير مع عدد من قادة حزب المؤتمر الشعبي برئاسة نائب أمينه العام محمد بدر الدين، واطلع الوفد المصري على رؤية الحزب للأزمة الحالية وسبل استكمال المرحلة الانتقالية في السودان، وشدد الجانبان على ضرورة الحفاظ على سيادة السودان وأهمية التوصل إلى حلول وطنية للقضايا السودانية. وشدد الوفد المصري على حرص مصر حكومة وشعبا على الحفاظ على أمن واستقرار السودان.


وقال المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني لصحيفة جلوبال الكندية إن أعضاء الوفد المصري في السودان، والذي ضم مسؤولين أمنيين، "ربما يكونون سببًا في إبقاء الزيارة سرية وغير معلنة من قبل مصر"، ويشهد السودان حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني منذ 25 أكتوبر 2021، عندما نشب الخلاف بين مكونات السلطة الانتقالية وانتهاء ترتيبات تقاسم السلطة مع الشركاء المدنيين في الحكم، والذي كان يهدف إلى تمهيد الطريق لإجراء انتخابات ديمقراطية في السودان.
 

وتخشى مصر، التي تحسنت علاقاتها مع السودان في السنوات الأخيرة منذ الإطاحة بنظام الديكتاتور السابق عمر البشير في 2019، من أن يؤدي تدهور الوضع السياسي في البلاد إلى زعزعة استقرار جارتها الجنوبية، وقال الكاتب السوداني محمد مصطفى، إن مصر تريد المساعدة في تسوية الأزمة التي أحدثتها الخلافات الأخيرة حيث دخل السودان في منعطف خطير يؤثر بشكل مباشر على مصر بسبب الارتباط الكبير بين البلدين.

وقال مصطفى إنه عندما أغلق محتجون سودانيون طريق شريان الشمال الذي يربط السودان ومصر قبل أكثر من شهر، أدى ذلك إلى شلل شبه كامل في الحركة التجارية عبر المعابر البرية بين البلدين وأوضح أن المحتجين يضغطون على الحكومة السودانية للتراجع عن الزيادة التي تمت الموافقة عليها مؤخرًا في أسعار الكهرباء ومما زاد من تعقيد المشهد السياسي الحالي إعلان استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في أوائل يناير، بعد أسابيع من عودته إلى المنصب بموجب اتفاق مثير للجدل مع قادة الجيش.

في غضون ذلك، بدأت بعثة الأمم المتحدة الخاصة في السودان في يناير بمبادرة تهدف إلى إنقاذ المسار الديمقراطي في البلاد من خلال إطلاق حوار بين مختلف الأحزاب السياسية والجيش بهدف إيجاد نقاط توافق وخلاف في محاولة لتسوية الأزمة حظيت المبادرة بدعم دولي واسع، بما في ذلك من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وتقول مصر، التي تدعم مبادرة الأمم المتحدة، إن تفعيل الحوار بين الأحزاب السياسية من شأنه أن يحل الأزمة الحالية ويمنعها من الانزلاق إلى الفوضى وعبرت جماعات مؤيدة للديمقراطية عن قلقها من أن مبادرة الأمم المتحدة ستضفي الشرعية على موقف الجيش ويصر قادة الجيش على ضرورة أن تلعب الأمم المتحدة دور ميسر العملية السياسية وليس دور الوسيط.


وقال الميرغني إن مصر مؤهلة الآن للدخول في وساطة لتسوية الأزمة في ظل علاقاتها القوية مع كافة الأطراف السودانية. وأشار إلى أن "مصر لعبت تاريخياً دوراً مباشراً في مساعدة القوى السياسية السودانية على التوحد في مواجهة المشاكل الخطيرة وإذا اتحدت القوات المدنية، فلا يزال أمام السودان فرصة لتجنب سيناريوهات الفوضى"، وكان الرئيس السيسي نفى هذه المزاعم في 13 يناير، قد شدد في حديثه في مؤتمر صحفي بمنتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، على أن القاهرة لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

وقال السيسي "أمن السودان واستقراره القوميان مهمان للغاية لمصر"، وينظر السودانيون إلى أي مبادرة مصرية باحترام، ولكن الميرغني يرى أن من ينتقد مصر يسيء فهم موقفها بشكل واضح، ويبدو للمراقبين أن القاهرة تدرك جيداً هشاشة الوضع الأمني في السودان وتخشى أن يتفاقم حيث ستكون مصر أول من يدفع الثمن لأن أمنها القومي مرتبط بالأمن القومي السوداني.

وتبذل مصر جهودا للتواصل مع المكونات السياسية المدنية السودانية لتجاوز الأزمة وحتى يتم تحقيق ذلك، سيبقى العنصر العسكري نقطة محورية في ضمان سلامة الأمن القومي السوداني، وامتداد مصر، ويثير دخول القاهرة على خط الأزمة السودانية، رغم تردد مبدئي، تساؤلاً حول التوقيت، إذ يأتي في أعقاب زيارة مفاجئة لنائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي إلى إثيوبيا للاجتماع في 22 يناير مع رئيس الوزراء أبي أحمد.

دعا الكاتب المصري محمد أبو الفضل، في مقال نشرته صحيفة "العرب" اللندنية في 18 فبراير، مصر إلى الإسراع في طرح رؤيتها للأزمة في السودان "قبل أن تدخل إثيوبيا في الصراع مع العلاقات بين أديس أبابا والخرطوم وهذا من شأنه أن يمنح إثيوبيا السابقة فرصة لتكرار تجربتها السابقة في الوساطة بعد الإطاحة بنظام البشير".

في أعقاب الإطاحة بالبشير في السودان، رعت أديس أبابا، بالتنسيق والتعاون مع الاتحاد الأفريقي، اجتماعات ومناقشات بين المكونين العسكري والمدني وأسفرت الاجتماعات عن وثيقة دستورية رسمت خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، وأعلن السفير الإثيوبي لدى السودان، يبلتال أيميرو أليمو، في 9 فبراير، استعداد بلاده لاستئناف الحوار مع الخرطوم بشأن القضايا المتنازع عليها وأكد أن هناك تطورات إيجابية بين البلدين بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي والنزاع الحدودي، دون أن يضيف مزيدًا من التفاصيل.

تسعى مصر إلى الحفاظ على علاقات وثيقة مع السودان حيث يشترك البلدان في مصلحة وهدف مشترك لتسوية الخلاف حول سد النهضة المثير للجدل الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، والذي تخشى دولتا المصب - مصر والسودان - من أن يؤثر ذلك على كل منهما. إمدادات المياه العذبة.

إن الطريق غير ممهد أمام إثيوبيا لقيادة وساطة جديدة وشوهت صورة أحمد بشكل كبير بعد الحرب الأهلية التي شنها على جبهة تحرير شعب تيجراي وما أعقبها من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، إضافة إلى التوتر الحدودي بين إثيوبيا والسودان.