الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هل تؤثر الإنفراجة في علاقات أنقرة وأبو ظبي على الأوضاع في ليبيا؟

الرئيس نيوز

بينما يركز العالم على انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان ومحاولات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، تتخذ تركيا والإمارات العربية المتحدة قرارات بهدوء يمكن أن تغير الشرق الأوسط بشكل عميق.

وناقش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي عهد الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، جملة من الملفات على رأسها التعاون الثنائي والاستقرار الإقليمي خلال مكالمة هاتفية في أواخر أغسطس، وهو ما قد يكون تواصلاً غير مسبوق، كما صرح المستشار الدبلوماسي لبن زايد الدكتور أنور قرقاش، على موقع تويتر، أن المباحثات كانت إيجابية وودية، وكانت جزءًا من جهد أكبر لبناء الجسور، وأضاف قرقاش في وقت لاحق أن الإماراتيين يعملون بنشاط لتفادي الصراعات مع تركيا وإيران وأنهم يرحبون بالتغييرات في سياسة أنقرة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بمصر ودعم أنقرة لتنظيم الإخوان.

جاء الإعلان عن اتصال بن زايد – أردوغان في أعقاب أشهر من الاجتماعات على مستويات أدنى،  وبدأت خطوات المصالحة في يناير بعد أن أعاد مجلس التعاون الخليجي العلاقات مع قطر، مما مهد الطريق للإمارات لتجديد العلاقات مع أنقرة، وهي أكبر حليف للدوحة، وبعد القمة، سافر محمد بن زايد إلى القاهرة للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شجعه أيضًا على تجديد العلاقات مع تركيا، كما زار مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان أردوغان في 18  أغسطس - وهي أعلى زيارة لمسؤول إماراتي إلى تركيا منذ سنوات، وذكر أردوغان أن البلدين يعملان على تحسين العلاقات وأن المصالحة قد تؤدي إلى استثمارات إماراتية كبيرة في تركيا.

ظاهريًا، وفقًا للتقرير الذي نشره موقع المونيتور الأمريكي من إعداد كل من الباحثات إميلي برزبوروفسكي، المتخصصة في تركز شؤون الشرق الأوسط والتطرف وكاثرين جيري المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط والأمن، وماري بيث لونج مساعد وزير شؤون الأمن الدولي السابق بوزارة الدفاع الأمريكية والخبيرة بحلف الناتو، يفتح التقارب بين أنقرة وأبو ظبي الباب أمام زيادة التعاون الاقتصادي الذي تحتاجه تركيا، على وجه الخصوص، بشدة في أعقاب جائحة كوفيد وانهيار الليرة،  وأعلنت الشركة القابضة الدولية، ثاني أكثر الشركات قيمة في أبو ظبي، أنها تبحث عن فرص استثمارية في قطاعي الرعاية الصحية والصناعة في تركيا.

ولكن بعيدًا عن التجارة، قد يكون الوفاق أيضًا رد فعل على الإدارة الجديدة التي تولت السلطة في واشنطن منذ يناير من العام الجاري، وتدرك أنقرة أن إدارة بايدن ليست على استعداد لمنحها قدرًا من الحرية مثل إدارة ترامب، فقد فرض بايدن بالفعل عقوبات على شراء تركيا لأنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400، وصرح أردوغان مؤخرًا أن العلاقات مع الولايات المتحدة ليست على ما يرام، وتتابع أبو ظبي أداء السياسة الخارجية الباهت لإدارة بايدن في المنطقة حتى الآن، بما في ذلك عدم اهتمامها باتفاقات أبراهام، وسحبها الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وانسحاب القوات الأمريكية الفاشل من أفغانستان، ولذلك، قد يكون البلدان أكثر استعدادًا للتركيز على المجالات ذات الاهتمام المشترك ولا يزال يتعين عليهما التغلب على بعض الخلافات الأيديولوجية والجيوسياسية الرئيسية أو تجنبها، بما في ذلك وجهات نظرهم المعاكسة لتنظيم الإخوان ودعمهم للأطراف المتعارضة في صراعات مثل سوريا وليبيا، يبدو - على الأقل في الوقت الحالي - أن أردوغان وبن زايد يتيحان الفرصة الاقتصادية لأخذ الصدارة، بينما يظلان صامتين علنًا بشأن جملة من الملفات الساخنة.

لم تُظهر تركيا مؤشرات تذكر على تغيير موقفها في ليبيا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنها تسمح لأنقرة باستغلال القواعد العسكرية الاستراتيجية، وللشركات التركية بالسيطرة على عقود إعادة الإعمار التي يبلغ مجموعها 16 مليار دولار، واتفاق ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليه بشدة والذي ينتهك السيادة القبرصية واليونانية وهي مكاسب ما كان لتركيا الفوز بها لولا تسهيلات حصلت عليها من طرابلس، وعلى الأرض تجاهلت أنقرة الدعوات لسحب قواتها ومرتزقتها من ليبيا، خشية أن تفقد نفوذها المتمركز في طرابلس، وفي حين أنه من غير المرجح أن تحل تركيا والإمارات العربية المتحدة خلافاتهما الأيديولوجية العميقة مع أمريكا المشتتة في أكثر من مكان آخر، فإن هذه الخلافات قد لا تمنع هذين الخصمين من العمل معًا، خاصة وأن العلاقات الإقليمية تزداد أهمية.