الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

وزير الري: إنشاء سد النهضة بدون اتفاق قانوني عادل وملزم يؤدي لارتباك كبير في نظام النهر

الرئيس نيوز

دول المصب تتكلف مبالغ ضخمة في محاولة لتخفيف الآثار السلبية الناتجة عن الإجراءات الأثيوبية الاحادية والمعلومات المغلوط.

مصر تعتمد بنسبة ٩٧% على المياه المشتركة من نهر النيل في حين تتمتع دول منابع النيل بوفرة مائية كبيرة 
 
شارك الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية فى الجلسة المنعقدة بتقنية الفيديو كونفرانس عن " تأثير التغيرات المناخية علي الموارد المائية في منطقة شرق المتوسط" وذلك ضمن فعاليات "المؤتمر الثاني الدولي لتغير المناخ في شرق المتوسط" والمنعقد تحت رعاية الرئيس القبرصى.

وأوضح الدكتور عبد العاطي أن الزيادة السكانية تمثل تحدي رئيسي للموارد المائية فى مصر مشيرا انه من المتوقع أن يصل إجمالي السكان في مصر لأكثر من ١٧٥ مليون نسمة في عام ٢٠٥٠ وهو ما يمثل ضغط كبير على الموارد المائية ، بالاضافة للتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية في ظل الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة وكذلك ما تشهده مصر وغيرها من دول العالم من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التي تضرب مناطق متفرقة من البلاد ، بالإضافة لارتفاع منسوب سطح البحر وتأثير ذلك السلبي الخطير على المدن والمناطق الساحلية وخاصة دلتا نهر النيل وغيرها من دلتاوات الانهار والمناطق المنخفضة حول العالم. 

وأضاف الدكتور عبد العاطى ان الندرة المائية التى تعانى منها مصر بالاضافة للتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية تجعل الموقف المائى فى مصر شديد الحساسية تجاه اى مشروعات احادية يتم تنفيذها فى دول حوض النيل ، دون وجود اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه فى مصر.

وأكد الدكتور عبد العاطي أن مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل ، بل على العكس .. فمصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها على الأرض .. حيث قامت مصر بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار ومحطات مياه الشرب الجوفية لتوفير مياه الشرب النقية في المناطق النائية البعيدة عن التجمعات المائية مع استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية في عدد كبير من الآبار الجوفية بما يسمح باستدامة تشغيلها ، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية والحماية من أخطار الفيضانات ، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسي النهرية ، ومساهمة الوزارة في إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية ، بالإضافة لما تقدمه مصر فى مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل.

كما أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل مثل خزان أوين بأوغندا الذى قامت مصر بتمويله والعديد من السدود فى إثيوبيا مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس التي لم تعترض مصر على انشائهم ، ولكن انشاء سد بهذا الحجم الضخم وبدون وجود اتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل هذا السد ، وادارته بشكل منفرد من جانب اثيوبيا ، سيتسبب فى حدوث ارتباك كبير فى نظام النهر باكمله، وتتكلف دول المصب مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن هذه الإجراءات الأحادية ، خاصة مع قيام الجانب الأثيوبي بإصدار العديد من البيانات والمعلومات المغلوطة التى تزيد من حالة الارتباك فى منظومة النهر.

واستعرض الدكتور عبد العاطى التفاوت الكبير فى حجم الموارد المائية فى مصر وغيرها من دول منابع حوض نهر النيل ، حيث تعتمد مصر بنسبة ٩٧% على المياه المشتركة من نهر واحد فقط هو نهر النيل ، في حين تتمتع دول منابع النيل بوفرة مائية كبيرة حيث تصل كمية الامطار المتساقطة على منابع النيل الى (١٦٠٠ - ٢٠٠٠) مليار متر مكعب سنويا من المياه ، كما تمتلك بعض هذه الدول انهار اخرى غير نهر النيل مثل دولة إثيوبيا التى يوجد بها ١٢ نهر ، كما تمتلك هذه الدول عشرات الملايين من الافدنة التى تروى مطريا ، وفى المقابل تتكلف مصر مبالغة طائلة للاستفادة من كل قطرة مياه وإعادة استخدام المياه ، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠ ، و وضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ بتكلفة تصل إلى ٥٠ مليار دولار من المتوقع زيادتها الى ١٠٠ مليار دولار ، كما تعد مصر من اكثر دول العالم التى تعانى من الشح المائى ، حيث يصل نصيب الفرد من المياه في مصر الى ٥٧٠ متر مكعب في السنة ، وهو ما يقترب من خط الفقر المائى.

كما أشار الدكتور عبد العاطي لحجم المياه الخضراء (مياه الامطار) في إثيوبيا والذي يصل إلى أكثر من ٩٣٥ مليار متر مكعب سنويا من المياه ، وأن ٩٤ ٪ من أراضي إثيوبيا خضراء ، في حين تصل نسبة الأراضي الخضراء في مصر إلى ٦ ٪ فقط ، وأن إثيوبيا تمتلك أكثر من ١٠٠ مليون رأس من الماشية تستهلك ٨٤ مليار متر مكعب سنوياً من المياه وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين ، كما تصل حصة إثيوبيا من المياه الزرقاء (المياه الجارية بالنهر) لحوالي ١٥٠ مليار متر مكعب سنوياً منها ٥٥ مليار في بحيرة تانا و ١٠ مليار في سد تكيزى و ٣ مليار في سد تانا بالس و ٥ مليار في سدود  فنشا وشارشارا ومجموعة من السدود الصغيرة بخلاف ٧٤ مليار في سد النهضة ، كما  تقوم اثيوبيا بالسحب من بحيرة تانا للزراعة دون حساب ، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا بإجمالي ٤٠ مليار متر مكعب سنوياً ، والتي تقع على أعماق  من (٢٠-٥٠) متر فقط من سطح الأرض، وهي عبارة عن مياه متجددة ، فى حين تعتبر المياه الجوفية فى صحارى مصر مياه غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة تصل لمئات الأمتار. 

وأوضح الدكتور عبد العاطي أن هذه التحديات العديدة التي تواجه قطاع المياه في مصر  تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعي من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث ، أو على المستوى الحكومي من خلال العديد من المشروعات الكبرى التي تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعي.

واستعرض الدكتور عبد العاطي مجهودات الوزارة في تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل المشروع القومي لتأهيل الترع والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه ومشروع التحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث وتشجيع المزارعين على هذا التحول، لما له من أثر واضح في ترشيد استهلاك المياه ، ومشروعات التوسع فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي مثل مشروع محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر والتى تعتبر أكبر محطة معالجة مياه في العالم ، ومحطة معالجة مياه الصرف الزراعي بغرب الدلتا والجاري انشاؤها حاليا ، وسحارة مصرف المحسمة ، بالإضافة لحوالى ٤٥٠ محطة خلط وسيط ، بالإضافة لمشروعات الحماية من اخطار السيول واعمال حماية الشواطئ المصرية وإعادة تأهيل المنشآت المائية.

وأشار الدكتور عبد العاطي أن المشروعات المائية التي تم تنفيذها او الجاري تنفيذها فى مصر تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع مثل هذه التحديات بدرجة عالية من المرونة والكفاءة.

وأشار الدكتور عبد العاطى لإسبوع القاهرة الرابع للمياه والمزمع عقده خلال الفترة من ٢٤ إلى ٢٨ أكتوبر الجاري تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، مشيرا الى أنه أصبح علامة دولية للمياه ، حيث يشارك فيه العديد من دول العالم بشكل متزايد عاما بعد عام ، وانه اصبح منصة دولية وإقليمية للحوار يشارك فيها ممثلين من كافة الفئات المتعاملة مع المياه ، كما اصبح أداة هامة للتوعية بقضايا المياه بين مختلف فئات المجتمع ، حيث يشارك فى المؤتمر العديد من المزارعين الذين يقومون بعرض تجاربهم فى ترشيد المياه والتحول لنظم الرى الحديث ، ومن المنتظر ان يشهد الأسبوع مشاركة واسعة من الوزراء والوفود الرسمية وكبار المسئولين في قطاع المياه وكذلك مشاركة لفيف من العلماء والمنظمات والمعاهد الدولية ومنظمات المجتمع المدني والسيدات والمزارعين والقانونيين من مختلف دول العالم.

كما عقد الدكتور عبد العاطي لقاءا على هامش المؤتمر مع السيدة جانيت روجان السفير الاقليمى للمملكة المتحدة لمؤتمر الاطراف للتغيرات المناخية cop 25 لمنطقة الشرق الاوسط ، واستعرض خلال اللقاء اهمية توفير التمويل اللازم لمشروعات التكيف مع التغيرات المناخية خاصة لدول منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والتى يجب ان تحظى بالأولوية فى الحصول على الدعم فى ضوء آليات التمويل المتاحة.

كما أشار الدكتور عبد العاطي إلى أن التغيرات المناخية أصبحت واقعا نشهده فى العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التى ضربت العديد من دول العالم واحدثت فيها خسائر هائلة.