الجمعة 03 مايو 2024 الموافق 24 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

صراع عون وصنع الله يضع صناعة النفط الليبية على شفا انهيار جديد

الرئيس نيوز

كان إنتاج النفط الخام في ليبيا ساحة للانقسامات السياسية المختلفة المستمرة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، إلا أن خلافًا جديدًا نشب مؤخرًا هذه المرة بين وزير النفط الليبي، محمد عون، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله. 

وسواء تم حل هذا الخلاف تحديدًا بسرعة أم لا، فمن المرجح أن يؤثر ظهور خط صدع رئيسي آخر في قطاع النفط الليبي سلبًا على إنتاج النفط الخام بمرور الوقت، وفقًا لتقرير مجلة Oil Price، لا سيما في ضوء الخلفية الاستثمارية غير المؤكدة التي يرسمها التمويل الأجنبي المحتمل في المشاريع النفطية الجديدة.

بدأت المشكلة الحالية بين وزارة النفط والمؤسسة الوطنية للنفط قبل أيام قليلة فقط عندما أقال عون صنع الله على أساس أنه سافر في رحلة عمل دون الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة. 

تجاهل صنع الله حتى الآن إقالته واستمر في مهامه كرئيس للمؤسسة الوطنية للنفط. وبالنظر إلى الفصائل التي عاودت الظهور في ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي في عام 2011، فإن أي مأزق بين أي فصيلين يمكن أن يكتسب المزيد من الزخم السياسي بسرعة كبيرة وهذا الحدث ليس استثناءً. 

هذا هو الحال قبل بضعة اشهر من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لهذا العام المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر. ويكمن في قلب الخلاف الجدل طويل الأمد مشألة تحديد المسؤوليات المختلفة لوزارة النفط من جهة، والمؤسسة الوطنية للنفط من جهة أخرى، بالإضافة إلى كافة المشاعر الأخرى المرتبطة بمؤيدي كل من الجانبين.

كان حل هذه القضايا الرئيسية بشأن تقسيم المسؤوليات - وبالتالي عائدات النفط - أحد الموضوعات الرئيسية التي كان من المفترض أن يتم حلها منذ سبتمبر 2020. 

وشهد ذلك الشهر توقيع اتفاق هش بين الجيش الوطني الليبي  وعناصر من حكومة الوفاق الوطني في طرابلس برعاية قبل الأمم المتحدة لرفع الحصار عن البنية التحتية للطاقة في ليبيا. 

في تلك المرحلة، كان متوسط إنتاج ليبيا من النفط الخام حوالي 70 ألف برميل يوميًا فقط، مقارنة بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا حاليًا، ولا تزال الخطط قائمة لزيادة هذا الإنتاج إلى 1.45 مليون برميل يوميًا بنهاية العام الجاري، ثم إلى 1.6 مليون برميل يوميًا في غضون عامين و2.1 مليون برميل في اليوم في غضون ثلاث إلى أربع سنوات.

ليس هناك شك في أن ليبيا لديها الموارد الطبيعية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف الجديدة، حيث تمتلك حوالي 48 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة - وهي الأكبر في إفريقيا - وتحت حكم القذافي، تمكنت بسهولة من إنتاج حوالي 1.65 مليون برميل يوميًا من النفط، معظمه من النفط الخام الخفيف والحلو عالي الجودة التي يتم طلبها بشكل خاص في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال غرب أوروبا لإنتاج البنزين ونواتج التقطير المتوسطة). 

كان هذا في مسار إنتاج متصاعد، ارتفاعا من حوالي 1.4 مليون برميل يوميا في عام 2000، وإن كان أقل بكثير من مستويات الذروة التي تجاوزت 3 ملايين برميل يوميا التي تحققت في أواخر الستينيات. 

ومع ذلك، كان لدى المؤسسة الوطنية للنفط خطط قبل عام 2011 لطرح تقنيات الاستخراج المعزز للنفط (EOR) لزيادة إنتاج النفط الخام وتنبؤات المؤسسة الوطنية للنفط بقدرتها على زيادة السعة بنحو 775 ألف برميل في اليوم من خلال الاستخلاص المعزز للنفط بالنفط الحالي.

ومما زاد التفاؤل منذ حوالي عام أنه في اجتماع بين رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، صنع الله، والرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز العملاقة، توتال إنرجي، باتريك بويان، اتفقت الشركة الفرنسية على مواصلة جهودها لزيادة إنتاج النفط من الشركة العملاقة بحقول الواحة والشرارة ومبروك والجرف بما لا يقل عن 175 ألف برميل في اليوم.

بعد حوالي ستة أشهر من اتفاق سبتمبر 2020 المبدئي، لم يتم تحديد قضايا تاحديد المسؤوليات المحيطة بصناعة النفط الليبية بشكل واضح، واشتد التنافس بين وزارة النفط والمؤسسة الوطنية للنفط. في مارس الماضي، شكلت حكومة الوحدة الوطنية وزارة نفط جديدة، وعيّنت عون رئيساً لها، وأوضح الوزير الجديد كيف أراد تقسيم المسؤوليات: حيث تسيطر الوزارة على عناصر الصورة الكبيرة لقطاع النفط والغاز - بشكل حاسم، بما في ذلك منح العقود والتراخيص - بينما تركز المؤسسة الوطنية للنفط على زيادة إنتاج النفط والغاز. 

من شأن هذا أن يمثل انخفاضًا كبيرًا في مسؤوليات المؤسسة الوطنية للنفط، التي كانت، في عهد صنع الله، توسع نطاق صلاحياتها تدريجياً لتشمل العديد من المهام التي عادة ما تعتبر من اختصاص وزارة النفط في الدولة.

في محاولة لحل المأزق الحالي بين وزارة النفط والمؤسسة الوطنية للنفط، ستُعقد اجتماعات في الأيام المقبلة بين رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وعون وصنع الله، لكن لا يوجد سبب للاعتقاد أنه حتى لو تم التوصل لاتفاق، فإن اتفاقًا كهذا قد لا يصمد أطول من أي اتفاقية أخرى مماثلة، بما في ذلك اتفاقية سبتمبر 2020 الرئيسية، يعني هذا أن إنتاج النفط الليبي سيكون عرضة لانخفاض مفاجئ في العرض كما كان منذ عام 2011.