الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بعد إقرار الغنوشي بالخطأ.. الكبائر الست لحركة النهضة التونسية

الرئيس نيوز

بدا أن الأمور باتت تصب في صالح الرئيس التونسي قيس سعيد، على حساب حزب "النهضة" الإخواني، وذلك بعدما اتخذ سعيد إجراءات استثنائية في 25 يوليو الماضي، عطل على إثرها عمل البرلمان شهرًا، وأسقط الحصانة على النواب؛ لمحاكمتهم، وأقال حكومة المشيشي، وفرض حالة الطوارئ في البلاد.
حركة "النهضة" الإخوانية، يبدو أنها هي الأخرى اعترفت بهزيمتها، وذلك بعدما خففت من لهجتها تجاه الرئيس قيس سعيد وإجراءاته الأخيرة، وتراجعت عن تسميتها بالانقلاب؛ وذلك بعدما دعمها الشارع التونسي بقوة، فضلًا عن انحياز الاتحاد التونسي للشغل، العمود الفقري للاستقرار في البلاد لدعمها، إلى جانب فتور رد الفعل الأردوغاني.
الحزب الإخواني الذي كان يهيمن على أغلبية البرلمان التونسي، تأثر هو الآخر بقرارات سعيد الثورية، فهناك ثورة داخلية على قيادة راشد الغنوشي للحركة، وأن الشرائح الشابة في الحركة تحمل الغنوشي مسؤولية ما وصل إليه الحزب من رفض شعبي له ورغبة في إقصائه عن المشهد، وأن هناك مطالبات تتصاعد بإقالة الغنوشي من منصبه، وربما تتم عملية التغيير الجذرية في قيادة الحزب في مؤتمره العام المقبل المُفترض قبل نهاية هذا العام.

اعتراف بالخطأ 
وأصدرت حركة "النهضة" بيانًا الخميس المقبل، بعد الاجتماع الطارئ لمجلس شورى حزب النهضة، لتعترف الحركة في بيانها بارتكاب أخطاء يجب الاعتذار للشعب التونسي عنها، ودعا إلى تصحيح أداء الحزب، وإجراء المراجعات الضرورية، وتجديد برامجها في ضوء رسائل الشارع.
تصريحات الغنوشي تظهر كم التراجع في سياسات الحزب العدائية تجاه قرارات قيس سعيد الاستثنائية، ففي تصريح للغنوشي اتسم بالمراوغة قال فيه يجب تحويل خطوات الرئيس قيس سعيّد إلى فرصة للإصلاح، ويجب أن تكون مرحلة من مراحل التحول الديمقراطي في البِلاد، واعتماد الحوار كوسيلة لحل جميع عناصر الأزمة الحاليّة، دون استِخدام كلمة انقلاب. 

موقف سعيد
وعلى الرغم من مهادنة حركة "النهضة" الإخوانية، إلا أن كم الرفض الشعبي لها بات يتصاعد بشكل كبير، وأن الأحداث الأخيرة أظهرت وزنها الحقيقي في الشارع، إذ فشلت في الحشد الشعبي ضد القرارات الاستثنائية، فضلًا عن التأييد الشعبي الكبير لقرارات الرئيس قيس، إلى جانب التأييد الحزبي لها.
يبدو أن الرئيس قيس سعيد غير مستعد للحوار مع هذه الجماعة في الوقت الحالي، بعدما تسببت في أزمات البلاد بشكل كبير، فقد قال إنه لا عودة إلى الوراء، ولا حوار مع خلايا سرطانية، وهذا يعني أن قنوات الحوار مع حركة النهضة ستَظل مسدودة في المرحلة المقبلة، وربما إلى ما بعد انعقاد المؤتمر العام للحزب، واختياره قيادة جديدة لا يترأسها الغنوشي.
وعلى الرغم من التأييد الشعبي الواسع لقرارات الرئيس قيس، إلا أنه سيعمل على إحداث تقارب مع الاتّحاد التونسي للشغل (الذي يعد رمانة الاستقرار في الشارع التونسي)، وربما يتبنى الرئيس بعض بنود خريطة طريق الاتحاد؛ في محاولة منه إنهاء الأزمة الحاليّة في تونس من جوانبها كافة.
كما سيعجل الرئيس سعيد من الانتها من تشكيل الحكومة الجديدة في الأيام القليلة المقبلة، وستكون من الكفاءات الشبابية وغير الحزبية، على أن تكون أهم أولوياتها مواجهة وباء كورونا، ومكافحة البِطالة، والإصلاح الاقتِصادي.

كوارث النهضة الست
هناك جملة من الأخطاء، ارتكبته قيادة "حزب النهضة"، بينها حالة الانفصام التي يعيشها الحزب وقيادته عن الشّارع التونسي، أو معظمه، وعدم فهم التغيرات التي وقَعت فيه في السنوات العشر الماضية وأبرزها حالة الغضب المُتنامية داخله تجاه الاحزاب السياسية، وحزب النهضة على وجه الخُصوص، بسبب الانهِيار الاقتِصادي والفساد والشلل والاحتِقان السّياسي، وتدهور قِطاع الخدمات العامّة من صحّة وتعليم ومُواصلات.
يؤكد الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان، أن من بين الأخطاء التي ارتكبها حزب "النهضة" سوء اختيار الحلفاء في البرلمان، والانشغال في المناكفات السياسية، وإشهار العداء للرئيس، ومحاولة تهميشه وإذلاله، والسخرية منه، وسوء تقدير قوته، سواء في الشارع، أو على المُستوى الإقليمي، يضيف الكاتب الصحفي قائلًا: "كذلك أخطأت النهضة في الركون إلى الدعم الخارجي، وترسخ الاعتقاد بأن الإسلام السياسي ما زال قويا، وقادرًا على تحريك الشّارع العربي مثلما كان عليه الحال عام 2011، وكانت الصدمة الكًبرى عندما تخلت تركيا مرحليا عن حزب النهضة، وبادر الرئيس أردوغان بالاتّصال بالرئيس سعيد، والاكتِفاء بكلامٍ إنشائي عن ضرورة الحفاظ على الديمقراطية، وفي الوقتِ نفسه حدوث تغيير في نهج محطة الجزيرة ومُيولها إلى التهدئة، وتخفيف الجرعة الإعلامية المعادية للرئيس والداعمة للنهضة إلى حدودها الدنيا".

يتابع عطوان: "أن النهضة أخطات كذلك في انخداعها بما يتم كتابته على وسائل التواصل الاجتماعي ونجومها، فقد لعبت تلك المواقع دورًا في إعطاء انطباع خادع لحركة النهضة وقائدها الشيخ الغنوشي، يقول إن الشارعين التونسي والعربي معها بالكامل، والتطاول في الوقتِ نفسه على الرئيس سعيد، وتصويره بالشخص الضعيف". يواصل عطوان حديثه بالقول: "عدم القراءة الصحيحة لحركة النهضة لمواقف المجتمع المدني التونسي ومؤسساته، وخاصة أهمية ونفوذ وتأثير الاتّحاد التونسي للشّغل، ورفضه منذ اليوم الأول لتوصيف الانقلاب، والتشكيك بتَفسيرات الرئيس للمادة 80 من الدستور التي استند إليها في تشريع إنجازاته بالتالي، والتّأكيد على أن هذا التّفسير لم يخالف مطلقا نص الدستور وروحه".
يختتم عطوان حديثه بالقول: "انشغال قيادة حزب النهضة أو بعضها في التصدي للسيدة عبير موسى، وتحويل البرلمان إلى حلبة ملاكمة وتلاسن ضدها، الأمر الذي هز صورة هذه القيادة في الشارع التونسي، وقضى على ما تبقى من مصداقية البرلمان، والأهم من ذلك دعم تمرد هشام المشيشي، رئيس الوزراء على الرئيس، وإدخال البِلاد ومؤسساتها في حالة احتقان سياسي غير مسبوق".