الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"ابق فأنت حبيب الشعب".. وثيقة شعرية لتأييد بقاء جمال عبدالناصر

الزعيم جمال عبد الناصر
الزعيم "جمال عبد الناصر" وقت خطاب التنحي في 9 يونيه 1967

في يوم 9 يونيه من العام 1967، كان الشعب المصري يعاني من دوُّار هزيمة حرب الأيام الست، وظلوا في حالة انتظار لما ستؤول إليه الأيام، عقب سقوط منطاد المنجزات على أرض الواقع، وهو ما ظهر بقرار جمال عبد الناصر، زعيم الأمة بتنحيه عن منصب رئيس الجمهورية، لصديقه زكريا محيي الدين.


(جمال عبد الناصر يوم خطاب التنحي)

خرج الشعب عقب خطاب 9 يونيه، بزئير الرفض لتنحي زعيمه، واستمرت المظاهرات الرافضة لترك منصب الرئاسة شاغرًا حتى 10 يونيه من نفس العام، طالبين منه الاستمرار للخروج من مأزق الهزيمة، مؤكدين على قول زعيمهم بكلماته الشجية التي قال فيها : "لقد كنت أقول لكم دائمًا إن الأمة هي الباقية، وأن أي فرد مهما كان دوره، ومهما بلغ إسهامه في قضايا وطنه، هو أداة لإرادة شعبية، وليس هو صانع هذه الإرادة الشعبية".


(قيثارة مصر الشعرية صالح جودت)

لم تفلح المحاولات الإمبريالية بتغيير مسار حب الشعب للزعيم، بل زودت الهزيمة من حب الشعب له والإبقاء عليه، وهو ما جسده قيثارة مصر الشعرية، الشاعر صالح جودت في قصيدته النادرة "ابق فأنت حبيب الشعب"، مؤكدًا  فيها بالتوثيق المُقفى، الملحمة الشعبية التي رفضت إكمال الهزيمة بإقصاء الزعيم الكبير.


(سيدة الغناء العربي أم كلثوم)

خرجت كلمات جودت الشعرية، في لحظات الهدير الشعبي مؤكدًا على أن القصيدة، بنت لحظتها وبيئتها وظرفها التاريخي، وتوكيدًا على هذا قام "أمير القصائد المُغناة" الموسيقار رياض السنباطي بتلحين الكلمات الشعبية الفصيحة، لتغنيها سيدة الغناء العربي، أم كلثوم لتخرجها من لحظات العزلة الحتمية جرَّاء الصدمة الكبرى.


(الموسيقار الكبير رياض السنباطي)

تقول كلمات قصيدة "حبيب الشعب" لصالح جودت :

قم واسمعها من أعماقي

فأنا الشعب

ابق فأنت السد الواقي

لمُنى الشعب

ابق فأنت الأمل الباقي لغد الشعب

أنت الخير وأنت النور

أنت الصبر على المقدور

أنت الناصر والمنصور

ابق فأنت حبيب الشعب

حبيب الشعب.. دُم للشعب

قم إنا جففنا الدمع وتبسمنا

قم إنا أرهفنا السمع وتعلمنا

قم إنا وحَدَّنا الجمع وتقدمنا

قم للشعب وبدد يأسه

واذكر غده وأطرح أمسه

قم وادفعنا بعد النكسة

وارفع مهمة هذا الشعب

ابق فأنت حبيب الشعب

حبيب الشعب.. دُم للشعب

قم لله وقل للناس

كل العصر

رغم الجرح ومر الكأس

عاشت مصر

وغدًا سنؤذن في الناس طلع الفجر

وغدًا ستحيي الأجراس يوم النصر

قم إنا أعددنا العدة

قم إنا أعلينا الوحدة

فارسم أنت طريق العودة

وتقدم يتبعك الشعب

ابق فأنت حبيب الشعب

حبيب الشعب.. دُم للشعب.

قام رياض السنباطي، بإستعادة مخزونه التراثي الذي تعلمه من الإنشاد الديني وقراءة القرآن الكريم، وقت تلحينه لتلك القصيدة الإستثنائية، معتمدًا على هضم أم كلثوم الفوري لما يريده من جمل لحنية، لتطابق منبتها مع منبته، فكان لمطلع القصيدة صيغة الآذان وكأنها تؤذن في الزعيم بأن يبقى حتى يقترب الفجر لمن يستمسك به.


(مظاهرات رفض التنحي يتصدرها الفنان الكبير شكري سرحان)

تجسد هذا المعنى بجمع جودت بين الآذان وأجراس الكنائس كنايةً عن اقتراب الفجر، المبشر بالنصر المنتظر، وهو ما تطلب من الشعب تكاتفه ككتلة واحدة مع زعيمه للخروج من نفقه المعتم، وهو ما برز في ملحمة الاستنزاف الكبرى.