الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

المغرب يرسم خطا دبلوماسيا أحمر حول سيادة الصحراء الغربية

الرئيس نيوز

طوال الأزمة التي أثارتها إسبانيا بقبول استقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج الطبي على أراضيها، بدت المملكة المغربية وكأنها ترسم خطًا أحمر فيما يتعلق بسيادتها على الصحراء الغربية، بطريقة من شأنها أن تستبق أي تحركات مستقبلية ضد سيادتها.

ووجهت الرباط رسالة واضحة مفادها أنها لن تفصل سيادتها على الصحراء الغربية عن مصالحها الاقتصادية أو الأمنية مع أي طرف إقليمي أو دولي.

كما أظهر التصعيد الأخير مع إسبانيا أن المغرب يمتلك أوراقًا كثيرة تجعل الآخرين يفكرون مرتين قبل أي تحركات استفزازية. وأهمها الدور الاستراتيجي الذي يلعبه المغرب مع أوروبا في محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى علاقاته الاقتصادية المهمة مع الاتحاد الأوروبي.

ويرى المحللون أن خروج غالي المتسرع من إسبانيا لم يكن ممكنا لولا الضغط المغربي، وهو ما دفع مدريد للبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه. وبينما تجنبت إعطاء الانطباع بأنه طرد غالي بالإكراه، أخرجته مع ذلك من إسبانيا بعد جلسة استماع قصيرة في المحكمة.

وأشار خبراء السياسة الخارجية المغاربة إلى أن أهم ما يشغل الرباط هو استباق تحركات مماثلة في المستقبل ومن غير المرجح الآن أن تستضيف مدريد أي ممثل للبوليساريو، سواء بشكل علني أو سرًا كما كان الحال مع غالي.

كما اعتبرت الرسالة المغربية موجهة إلى الجزائر التي ستجد نفسها مضطرة للتوقف عن استغلال صمت الأوروبيين وغموض بعض مواقفهم.

ويؤكدون أنه على الرغم من عدم توقع أحد أن يتطور التصعيد إلى مواجهة كاملة، فقد فاز المغرب في المواجهة الدبلوماسية على الرغم من محاولة إسبانيا إشراك الاتحاد الأوروبي وتحويل القضية إلى خلاف حدودي وهجرة يهدد المصالح الأوروبية.

ورد المغرب بقوة على انحياز أوروبا لإسبانيا سعيًا للضغط من الدعم الأمريكي لسيادته على الصحراء الغربية ووحدة أراضيها.
كان زعيم البوليساريو قد وصل إلى إسبانيا في سرية تامة في 18 أبريل على متن رحلة طبية كانت الرئاسة الجزائرية قد وضعتها تحت تصرفه بالإضافة إلى منحه "جواز سفر دبلوماسي" ونُقل إلى مستشفى لوغرونيو في حالة حرجة تحت اسم مستعار "لأسباب أمنية".

في 19 مايو، بعد استدعاء الرباط لسفيرها من مدريد، اتهم نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارجريتيس شيناس المغرب بـ "ابتزاز" أوروبا من خلال قضية الهجرة.

وصرح شيناس لمحطة إذاعية في إشارة واضحة إلى المغرب: "لا أحد يستطيع ترهيب أو ابتزاز الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بقضية الهجرة".

كان الرد المغربي عنيفا. ونشرت وكالتها الإخبارية "ماب" مقالاً بعنوان "عندما يضل الاتحاد الأوروبي طريقه في الأزمة بين المغرب وإسبانيا". وشنت هجوماً حاداً على الاتحاد الأوروبي متهمة إياه بـ "الغطرسة" و"الدفاع عن الاستعمار".

وأضافت أن الاتحاد الأوروبي "ورط نفسه في الأزمة بين مدريد والرباط، ليس للتنديد بقبول مجرم حرب على الأراضي الأوروبية، ولكن للدفاع عن الطابع الأوروبي للجيوب المغربية المحتلة سبتة ومليلية".

وتساءل المقال: "كيف يمكن للاتحاد الأوروبي، الذي تحركه حسابات سياسية تافهة، أن ينسى ولو للحظة وجيزة الجهود التي كرسها المغرب لإدارة أزمة الهجرة بروح المسؤولية والحكمة والولاء تجاه شركائه".

وجد الموقف المغربي دعمًا كبيرًا من داخل أوروبا نفسها، حيث ارتفعت الأصوات المطالبة بالهدوء ومراعاة حقيقة أن المغرب شريك استراتيجي لا غنى عنه لأوروبا، بالاقتران مع قضايا حساسة مثل الحرب على الإرهاب أو غير القانونية. الهجرة.

أكد وزير الدفاع الإسباني الأسبق خوسيه بونو، وهو أيضًا رئيس سابق لأجهزة المخابرات الإسبانية، على الأهمية الأساسية لدور المغرب في حرب بلاده ضد الشبكات الإرهابية.

وقال بونو في تصريحات متلفزة: "بصفتي وزير دفاع سابق ورئيس سابق لأجهزة المخابرات، أود أن أؤكد أنه بفضل المملكة المغربية، تمكنت إسبانيا من القبض على العديد من الإرهابيين المتطرفين وبفضل المغرب، تمكنا من منع الهجمات المميتة".

يعتقد المحللون الدبلوماسيون أن هذا لا ينطبق فقط على إسبانيا، ولكن أيضًا على جيران المغرب وبقية أوروبا، وفقًا لصحيفة The Arab Weekly اللندنية.