الأحد 05 مايو 2024 الموافق 26 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بعد تاريخ مأسوي مع الإبادة الجماعية.. رواندا تستعد لاستقبال المهاجرين من بريطانيا

الرئيس نيوز

أقر البرلمان البريطاني أخيرا مشروع قانون مثير للجدل يسمح للحكومة بإرسال طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين من المملكة المتحدة إلى رواندا حتى تنظر الدولة الواقعة في شرق إفريقيا في طلباتهم، وهو القرار الذي وصفته الصحافة البريطانية بأنه "سيء وفظيع"، ووصفته الصحافة الألمانية بأنه "غير آمن"، وفضلت الصحافة الفرنسية تصنيفه كـ"سابقة خطيرة؟".

وكانت جهود رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عالقة بين المعارضة في مجلسي البرلمان والتحديات في المحاكم البريطانية، حيث سعى النواب والنشطاء إلى إبطال التشريع لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان، ولكن سوناك أكد أن الرحلات ستنقل المهاجرين غير النظاميين إلى رواندا في هذا الصيف "مهما" حدث" وفقًا لشبكة سي إن إن الإخبارية.

وتسبب عجز سوناك عن تنفيذ هذه السياسة في إحراج كبير، حيث أرسلت الحكومة البريطانية ملايين الجنيهات إلى رواندا لتمويل مخطط فشل حتى الآن في تحقيق أي نتائج، وتجدر الإشارة إل أن القانون البريطاني الجديد مصمم لردع الهجرة غير الشرعية إلى المملكة المتحدة، وخاصة الأشخاص الذين يسافرون على متن قوارب صغيرة غير قانونية خلال رحلات خطيرة من فرنسا، بترتيب من عصابات إجرامية.

ومن الناحية النظرية، سيشهد التشريع إرسال بعض المهاجرين إلى المملكة المتحدة إلى رواندا حيث سيتم النظر في طلب اللجوء الخاص بهم من قبل السلطات هناك، وإذا تم قبول طلبهم، فسوف يبقوا في رواندا، وإذا تم رفضه، ينص مشروع القانون على أنه لا يمكن لرواندا ترحيلهم إلى أي مكان آخر غير المملكة المتحدة، على الرغم من أنه من غير الواضح ما الذي سيحدث في نهاية المطاف في هذا السيناريو.

وأعلنت رواندا أنها مستعدة لاستقبال المهاجرين من المملكة المتحدة بعد أن وافق البرلمان البريطاني هذا الأسبوع على مشروع قانون مثير للجدل ومتوقف منذ فترة طويلة يسعى إلى وقف تدفق الأشخاص الذين يعبرون القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة عن طريق ترحيل بعضهم إلى الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، بل إن هناك مكانًا جاهزًا في انتظار المهاجرين - وهو نزل الأمل الذي تم تجديده في حي كاجوجو الراقي النابض بالحياة، وهي منطقة في العاصمة الرواندية كيجالي تعد موطنًا للعديد من المغتربين والعديد من المدارس الدولية.

كان هذا النزل يؤوي طلابًا جامعيين مات آباؤهم في الإبادة الجماعية عام 1994، وهي الفترة الأكثر فظاعة في تاريخ هذه الدولة الأفريقية عندما قُتل ما يقدر بنحو 800 ألف من التوتسي على يد متطرفي الهوتو في مذابح استمرت أكثر من 100 يوم.

وتعهد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأن تبدأ رحلات الترحيل الجوية في يوليو المقبل، لكنه رفض تقديم تفاصيل أو تحديد عدد الأشخاص الذين سيتم ترحيلهم.

وقال نائب المتحدث باسم حكومة رواندا، آلان موكوراليندا، لوكالة أسوشيتد برس، إن السلطات هنا تخطط لوصول المهاجرين منذ عامين. وأضاف: "حتى لو وصلوا الآن أو غدًا، فإن جميع الترتيبات جاهزة".

وقد تعطلت الخطة لفترة طويلة في المحاكم البريطانية ولمعارضة نشطاء حقوق الإنسان الذين يقولون إنها غير قانونية وغير إنسانية. وتنص الخطة على ترحيل بعض أولئك الذين يدخلون المملكة المتحدة بشكل غير قانوني إلى رواندا، وتعهد المدافعون عن المهاجرين بمواصلة القتال ضد الخطة.

ويهدف هذا الإجراء أيضًا إلى أن يكون رادعًا للمهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم في قوارب مطاطية متسربة، على أمل أن يتمكنوا من طلب اللجوء بمجرد وصولهم إلى بريطانيا. ووقعت المملكة المتحدة أيضًا معاهدة جديدة مع رواندا لتعزيز حماية المهاجرين، واعتمدت تشريعًا جديدًا يعلن أن رواندا دولة آمنة.

وقال موكوراليندا: "لقد ثبت خطأ منتقدي رواندا وقضاة المملكة المتحدة الذين قالوا في وقت سابق إن رواندا ليست دولة آمنة وأنا أؤكد مجددًا: رواندا آمنة."

وتقول الإدارة في "نزل الأمل - Hope Hostel" المكون من أربعة طوابق أن المنشأة جاهزة ويمكن أن تستوعب 100 شخص بكامل طاقتها. وتقول الحكومة إنه سيكون بمثابة مركز عبور وسيتم توفير المزيد من أماكن الإقامة حسب الحاجة ويصل آلاف المهاجرين إلى بريطانيا كل عام.

وقال إسماعيل باكينا، مدير النزل، إنه بعد وصولهم من بريطانيا، سيتم اصطحاب المهاجرين إلى غرفهم للراحة، وبعد ذلك سيتم تقديم الطعام لهم وإعطائهم بعض النقاط التوجيهية حول كيغالي ورواندا.

سيتم نصب الخيام داخل مجمع النزل لمعالجة وثائقهم والموقع مزود بكاميرات مراقبة يمكن رؤيتها في جميع أنحاء الكمبوند، ويوجد داخل المجمع أيضًا أماكن ترفيهية وملعب كرة قدم صغير وملعب كرة سلة وكرة طائرة بالإضافة إلى غرفة للصلاة مفروشة بالسجاد الأحمر. وأوضحت باكينا أنه بالنسبة لأولئك الذين يريدون إشعال سيجارة، "توجد أيضًا غرفة للتدخين".

وقال مدير نزل الأمل إنه سيتم إعداد وجبات الطعام في المطبخ الرئيسي للنزل، ولكن يتم أيضًا توفير المخصصات لأولئك الذين يرغبون في إعداد وجباتهم الخاصة. سيكون للمهاجرين حرية المشي خارج النزل وحتى زيارة وسط مدينة كيغالي القريب وأضافت باكينا: “سيكون لدينا مترجمون مختلفون، حسب لغاتهم”، موضحة أن بينهم الإنجليزية والعربية.

وقالت الحكومة إن المهاجرين ستتم معالجة أوراقهم خلال الأشهر الثلاثة الأولى. وسيُسمح لأولئك الذين يريدون البقاء في رواندا بالقيام بذلك بينما ستساعد السلطات أيضًا أولئك الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية.

بالنسبة لأولئك الذين يختارون البقاء، قال موكوريليندا إن حكومة رواندا ستتحمل المسؤوليات المالية وغيرها من المسؤوليات كاملة لمدة خمس سنوات، وبعد ذلك سيتم اعتبارهم مندمجين في المجتمع وعند هذه النقطة، يمكنهم البدء في إدارة شؤونهم بأنفسهم.

وقضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة العام الماضي بأن هذه السياسة غير قانونية "لأن هناك أسبابا جوهرية للاعتقاد بأن طالبي اللجوء سيواجهون خطرا حقيقيا من حيث سوء المعاملة بسبب إعادتهم القسرية إلى بلدهم الأصلي إذا تم ترحيلهم إلى رواندا".

والإعادة القسرية هي الممارسة التي يتم فيها إعادة طالبي اللجوء أو اللاجئين قسرا إلى مكان قد يواجهون فيه الاضطهاد أو الخطر، وهو ما يتعارض مع مبادئ مهمة في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما وجد القضاة أن نظام اللجوء في رواندا، وسجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، وفشلها السابق في الامتثال لاتفاقيات عدم الإعادة القسرية، يعني أن الحكومة البريطانية لم تكن متأكدة من أن طالبي اللجوء سيتم النظر في طلباتهم بشكل آمن وبشكل صحيح.

وأشار القضاء أيضا إلى أنه حتى 2021، انتقدت حكومة المملكة المتحدة رواندا بسبب "عمليات القتل خارج نطاق القانون، والوفيات أثناء الاحتجاز، والاختفاء القسري، والتعذيب".

واستجابت الحكومة البريطانية بتقديم مشروع قانون سلامة رواندا (اللجوء والهجرة) في يناير/كانون الثاني من هذا العام، والذي ينص فعليا على أن رواندا بلد آمن، ويتجاوز مخاوف القضاة.

وقال وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي، في مقطع فيديو نُشر على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، الاثنين، إن "مشروع قانون سلامة رواندا تمت الموافقة عليه في البرلمان وسيصبح قانونا في غضون أيام".

وأضاف أن القانون "سيمنع الجميع من إساءة استخدامه من خلال ادعاءات كاذبة بشأن حقوق الإنسان لمنع عمليات الترحيل"، وتابع: "برلمان المملكة المتحدة يتمتع بالسيادة، مما يمنح الحكومة سلطة رفض الإجراءات المؤقتة التي تفرضها المحاكم الأوروبية".

وحتى مع إقرار مشروع القانون، فمن الممكن أن تواجه الحكومة تحديات قانونية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث لا تزال المملكة المتحدة من الدول الموقعة على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

بينج بونج بين الحكومة والمعارضة
وكانت المحكمة الأوروبية منعتها في السابق من إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، كما حذر مسؤولان أمميان من تبعات القرار وحثا لندن على إعادة النظر في قرارها، وعانى مشروع القانون من تأخيرات طويلة بسبب محاولات تعديله، عبر ما يعرف باسم عملية "بينج بونج"، حيث يقوم أعضاء من مجلسي العموم واللوردات بإرسال التشريعات ذهابا وإيابا لأشهر، وفي كل مرة يقوم فيها مجلس اللوردات بإجراء تعديلات على مشروع القانون، يجب على مجلس العموم، حيث يتمتع سوناك بالأغلبية، التصويت على إلغائها.