< تغريدات علاء عبدالفتاح.. حكومة ستارمر في مرمى النيران ومراجعة عاجلة في الخارجية بسبب “إخفاقات جسيمة"
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

تغريدات علاء عبدالفتاح.. حكومة ستارمر في مرمى النيران ومراجعة عاجلة في الخارجية بسبب “إخفاقات جسيمة"

الرئيس نيوز

أمرت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، بمراجعة عاجلة وشاملة داخل الوزارة بعد ما سمّته “إخفاقات معلوماتية طويلة الأمد ومؤسفة للغاية”، مشيرة إلى أن رؤساء الحكومات المتعاقبين، إضافة إلى كبار الموظفين المدنيين، لم يتم إطلاعهم على تغريدات علاء عبدالفتاح القديمة التي تعود إلى عام 2010، رغم أنها تتضمن دعوات صريحة للعنف والكراهية العرقية.

وكانت أزمة سياسية حادة قد تفجرت داخل أروقة الحكومة البريطانية، عقب وصول الناشط علاء عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة، وما أعقبها من كشف منشورات قديمة له على مواقع التواصل الاجتماعي وصفت بأنها “بغيضة” و”تحريضية”، الأمر الذي أطلق موجة تبادل اتهامات داخل حزب العمال، وفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول آليات الفحص والتدقيق داخل وزارة الخارجية البريطانية على مدى أكثر من عقد، وفقا لـ"سكاي نيوز".

ترحيب رسمي يتحول إلى عبء سياسي

وانفجرت الأزمة على نحو غير متوقع بعد أن عبر رئيس الوزراء كير ستارمر علنًا عن “سعادته” بوصول عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة في يوم عيد الميلاد، باعتباره مواطنا بريطانيا. لكن هذا الترحيب سرعان ما تحول إلى عبء سياسي ثقيل، بعد تداول منشورات قديمة لعبد الفتاح تضمنت دعوات لقتل الصهاينة والشرطة، وعبارات تعكس كراهية للبيض، بحسب التغريدات، وفقا لصحيفة الجارديان. 

ورغم أن عبد الفتاح سارع إلى الاعتذار، واعتبر أن تصريحاته “أخرجت من سياقها” وصدرت في لحظة غضب سياسي وشخصي خلال أزمات إقليمية وحروب في العراق ولبنان وغزة، فإن ذلك لم ينجح في تهدئة العاصفة داخل البرلمان البريطاني  أو الرأي العام.

تبادل الاتهامات داخل حزب العمال
 داخل حزب العمال نفسه، انقسمت الآراء بشدة. بعض النواب الكبار حملوا المسؤولية للموظفين المدنيين في وزارة الخارجية، معتبرين أنهم فشلوا في أداء واجبهم، ووضعوا رئيس الوزراء في موقف سياسي بالغ الحساسية.

وقال أحد كبار نواب الحزب إن ما جرى “يكشف خللا عميقا في دائرة الموظفين المحيطة برئيس الوزراء، سياسيا وإداريا”، مؤكدا أنه “لم يكن من المفترض أبدًا أن يدفع رئيس الحكومة إلى هذا الموقف”.

وفي المقابل، رأى نائب آخر أن ستارمر نفسه يتحمل جزءا من المسؤولية، مشددا على أنه “كان ينبغي أن يرى هذه الأزمة قادمة من على بعد أميال”، وأن التدخل السياسي في قضايا قنصلية يجب أن يظل محدودا، ما لم يكن الشخص المعني يعكس بوضوح القيم البريطانية.

مراجعة رسمية ومخاوف مجتمعية

وعبرت الوزيرة إيفيت كوبر في رسالة رسمية إلى لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عن قلق بالغ إزاء الأثر المجتمعي للأزمة، خاصة في ظل تصاعد حوادث معاداة السامية داخل بريطانيا وحول العالم. وأقرت بأن ظهور تلك المنشورات القديمة، بالتزامن مع رسائل الترحيب الرسمية، تسبب في “مزيد من الألم والضيق” للجاليات اليهودية في البلاد.

وأكدت وزيرة الخارجية أن المراجعة الجارية ستركز على كيفية التعامل مع القضايا القنصلية الحساسة، وعلى آليات جمع المعلومات وتدقيقها، منعًا لتكرار ما وصفته بـ”الإخفاق غير المقبول”.

جدل قانوني حول الجنسية والترحيل

وذهبت الأحزاب المحافظة وحزب الإصلاح إلى أبعد من ذلك، مطالبة بسحب الجنسية البريطانية من عبد الفتاح وترحيله. غير أن مصادر حكومية أكدت عدم وجود خطط حالية لذلك، مشيرة إلى أن القانون البريطاني لا يجيز سحب الجنسية إلا في حالات الجرائم الأشد خطورة، مثل الإرهاب، وهو ما لا ينطبق قانونًا على هذه القضية.

يذكر أن عبد الفتاح حصل على الجنسية البريطانية عام2021، في ظل حكومة محافظة سابقة، دون إخضاعه لاختبار “حسن السيرة”، بعد إلغاء هذا الشرط عقب حكم للمحكمة العليا. كما أن قانون الجنسية لعام 1983 يمنح من لديه أحد الوالدين بريطاني الجنسية حقًا شبه تلقائي في الحصول عليها.

انقسام أوسع داخل البرلمان

كانت شخصيات سياسية بارزة، من مختلف الأحزاب، قد دعمت في وقت سابق الإفراج عن عبد الفتاح، من بينهم نواب محافظون وحزب العمال وأطراف أخرى. هذا الدعم الواسع أصبح اليوم محل انتقاد حاد، حيث اعتبر البعض أن الحملة لإطلاق سراحه عكست “تعاليا أخلاقيا” في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، دون تدقيق كاف في السجل الشخصي والرقمي والقيمي لصاحب القضية.

في المقابل، دافع نواب آخرون عن الموقف الحكومي، مؤكدين أن الإفراج عنه كان صحيحا من حيث المبدأ، وأن آرائه السابقة، رغم فظاعتها، لا تبرر ترحيله.

موقف الحكومة: إدانة دون تراجع

بدت رئاسة الوزراء البريطانية راضية عن اعتذار عبد الفتاح، ووصفت بيان الاعتذار بأنه “كامل وواضح”، مع التأكيد في الوقت نفسه على إدانة محتوى تلك المنشورات بأشد العبارات. وأوضح المتحدث باسم رئيس الوزراء أن حماية المواطنين البريطانيين المحتجزين في الخارج تظل جزءا أساسيًا من التزام بريطانيا بالحريات الدينية والسياسية.

ومع ذلك، شدد على أن الترحيب بعودة عبد الفتاح لا يعني بأي حال التساهل مع خطاب الكراهية أو التحريض، مؤكدًا أن أي مخالفة للقانون البريطاني، بما في ذلك قوانين خطاب الكراهية، يجب أن يحاسب عليها داخل البلاد.

أزمة ثقة تتجاوز شخص علاء عبد الفتاح

وفي المحصلة، وفقا لصحيفة آي نيوز البريطانية، لم تعد القضية محصورة في شخص علاء عبد الفتاح أو منشوراته القديمة، بل تحولت إلى أزمة ثقة أوسع تطال كفاءة الدولة البريطانية في إدارة ملفات حساسة، والتوازن بين الدفاع عن حقوق الإنسان وحماية السلم المجتمعي، إضافة إلى العلاقة المعقدة بين السياسيين والموظفين المدنيين.

ومع استمرار المراجعة داخل وزارة الخارجية، يبقى السؤال الذي طرحته صحيفة لندن جاوبت والذي يمثل الشغل الشاغل في وستمنستر الآن: هل كانت هذه الأزمة مجرد خطأ إداري جسيم، أم أنها تكشف عن خلل أعمق في طريقة اتخاذ القرار السياسي في بريطانيا الجديدة بعد عودة حزب العمال إلى الحكم؟