< رغم الدعم الدولي.. لماذا تتعثر خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة؟
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

رغم الدعم الدولي.. لماذا تتعثر خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة؟

الرئيس نيوز

كتب الباحث في الشؤون الجيوسياسية، نيفيل تلر، في مجلة يورآسيا ريفيو، تحليلا للأسباب الجوهرية لتأخير ترتيبات ما بعد الحرب في غزة منذ 30 سبتمبر 2025، حين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة لوقف إطلاق النار في غزة، في محاولة لإنهاء التصعيد الأخير بين إسرائيل وحركة حماس، تراوح الخطة مكانها أو على الأحرى لا تتقدم بالوتيرة التي كانت متوقعة على الرغم من الدعم الدولي اللافت.

ووصفت مجلة ناشيونال، التي تصدر باللغة الإنجليزية، الخطة بأنها "فخ مخفي"، وذلك بسبب ارتباط كل بند من بنود الخطة ببنود أخرى، ما يجعل التنفيذ معقدًا للغاية، غير أن المشكلة الأساسية تتجاوز هذا الارتباط، لتصل إلى غياب جدول زمني واضح لإنجاز كل مرحلة من المراحل الثلاث التي تتضمنها الخطة، ما أدى إلى تباطؤ ملحوظ في تقدمها.

المرحلة الأولى: وقف الأعمال العدائية والإفراج عن الرهائن

تضمنت المرحلة الأولى من الخطة وقف إطلاق النار فورًا، يلي ذلك خلال 72 ساعة قيام حركة حماس بإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وتسليم جثث القتلى، في المقابل من المتوقع أن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، وأن تصل المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة تحت إشراف دولي، وأن تنسحب معظم قوات الجيش الإسرائيلي إلى ما يُعرف بـ"الخط الأصفر".

الخط الأصفر هو حد غير مادي على الخريطة يقسم غزة إلى منطقتين متساويتين تقريبا، حيث تسيطر حماس على الجزء الغربي، وتنتشر قوات الجيش الإسرائيلي في الجزء الشرقي. 

وفي بعض المناطق، وضعت كتل خرسانية صفراء لتحديد هذا الخط، لكنها لا تتطابق بدقة مع الحدود المتفق عليها، مما أدى إلى ارتباك كبير على الأرض واستمرار التوتر بين الطرفين.

الغموض يبطئ التنفيذ

وساهم غياب جدول زمني صارم لإتمام المرحلة الأولى، وعدم وجود عقوبات على التأخير أو المخالفات، في فقدان الخطة زخمها. لا توجد حوافز حقيقية أمام حماس أو الحكومة الإسرائيلية للالتزام بسرعة التنفيذ. 

على العكس، يستغل الطرفان هذا الغموض للحفاظ على نفوذهما قبل الدخول في المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية، التي تشمل نزع سلاح حماس، إدارة غزة مؤقتًا، نشر قوة دولية، وانسحاب إضافي لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقررت حركة حماس توزيع الإفراج عن جثث القتلى على عدة أسابيع للحفاظ على قوتها التفاوضية. وحتى الآن، لا يزال بحوزتها جثة الضابط الإسرائيلي ران جيفيلي، الذي قتل 14 إرهابيًا قبل أن يُقتل وتُنقل جثته إلى غزة، ما يمنع إتمام المرحلة الأولى. في الوقت نفسه، تواصل حماس التركيز على الضحايا المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، مع تجاهل تسجيل قتلى المقاتلين بوضوح.

المرحلة الثانية: إنشاء مجلس وقوة دولية

تتضمن المرحلة الثانية تشكيل مجلس فلسطيني مستقل من خبراء لتسيير شؤون غزة اليومية تحت إشراف دولي، بالإضافة إلى إنشاء قوة الاستقرار الدولية (ISF)، والتي ستتألف من عناصر أمريكية وعربية وأوروبية لمراقبة نزع السلاح والحفاظ على الأمن.

إلا أن هذه المرحلة تواجه عقبات كبيرة. العديد من الدول التي طُلب منها المشاركة لم تلتزم رسميًا، أو أبدت ترددًا بسبب غياب وضوح المهام ومخاطر المواجهة مع مقاتلي حماس. على سبيل المثال، أذربيجان اشترطت وقف القتال الكامل وتحديد مهام واضحة قبل المساهمة، بينما قللت إندونيسيا من عدد عناصرها المتوقع.

ورغم وصف القوة بأنها "عربية القيادة"، لم تلتزم أي دولة عربية رسميًا بالمشاركة، وبعض الدول مثل الإمارات والسعودية رفضت أو أبدت ترددًا بسبب حساسية سياسية، حتى الدول التي ترغب في تحسين علاقاتها مع الإدارة الأمريكية تواجه تساؤلات صعبة حول كيفية نزع سلاح حماس، التي أرسلت إشارات متناقضة حول استعدادها لتسليم أسلحتها.

المخاطر المحتملة والمستقبل غير المؤكد

إذا لم تُنشر القوة الدولية أو نشرت بشكل محدود وغير فعال، هناك احتمال كبير بأن تتحول الهدنة إلى صراع متجمد، ويظل الوضع في غزة راكدًا لفترة طويلة، كما كان قبل 7 أكتوبر.

كما أن أي تأجيل أو رفض من حماس لنزع السلاح، أو عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل، سيترك فراغا في الحكم والأمن والأزمة الإنسانية، وقد يؤدي إلى انهيار الهدنة، ليظل الصراع مؤجلًا وليس منتهيا.

ورجحت المجلة المتخصصة في الشؤون الجيوسياسية أن خطة ترامب لوقف إطلاق النار تحظى بدعم إقليمي ودولي واسع، خصوصًا من وسطاء مثل قطر ومصر وتركيا، لكنها تواجه تحديات هيكلية وسياسية تجعل نجاحها على المدى الطويل غير مضمون، فيما يبقى الزخم التنفيذي محدودًا بسبب التباين بين ما هو مخطط له على الورق وما يحدث على الأرض.