ما هو نموذج إيرلندا الشمالية المُراد تطبيقه في غزة لنزع سلاح حماس؟
كشف وزير الخارجية بدر عبد العاطي عن وجود تعاون وانخراط مستمر بين مصر وحركة حماس والفصائل الفلسطينية، في إطار الترتيبات للمرحلة المقبلة في قطاع غزة، مؤكدا وجود تفاهمات بشأن حصر السلاح وجمعه تحت مظلة فلسطينية جامعة وشاملة وهو “توجه يحظى بتوافق بين الفصائل الفلسطينية”، مشيرا إلى أن هناك نموذجا مهمًا يطرح في هذا السياق، وهو نموذج إيرلندا الشمالية في حصر السلاح.
وخلال وقت سابق، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن بريطانيا قد تؤدي دورًا قياديًا في المساعدة في نزع سلاح حركة حماس من قطاع غزة، وذلك بالاستناد إلى تجربتها في تشجيع الجماعات المسلحة في آيرلندا الشمالية على إلقاء السلاح، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وذكر ستارمر أمام البرلمان أن نزع السلاح من القطاع سيكون أمرًا حيويًا في استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهي المرحلة الأولى من إطار عمل وضعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويتألف من 20 نقطة لإحلال السلام في القطاع الفلسطيني.
وكان جوناثان باول، مستشار ستارمر للأمن القومي، العقل المدبر لاتفاق الجمعة العظيمة لعام 1998 الذي أنهى إلى حد بعيد عنفًا طائفيًا استمر ثلاثة عقود في آيرلندا الشمالية؛ إذ عمل إلى جانب رئيس الوزراء السابق توني بلير المرشح للاضطلاع بدور في غزة.
وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين أيضًا إن حالة آيرلندا الشمالية يجري الاستشهاد بها نموذجًا مستقبليًا محتملًا لغزة، على الرغم من إشارتهم إلى عدم وجود خطة شاملة.
وقال ستارمر: "بالطبع، سيكون هذا الأمر صعبًا، لكنه أمر حيوي. كان الأمر صعبًا في آيرلندا الشمالية فيما يتعلق بالجيش الجمهوري الآيرلندي، لكنه كان حيويًا".
وأضاف: "لهذا السبب قلنا إننا على استعداد للمساعدة في عملية نزع السلاح استنادًا إلى خبرتنا في آيرلندا الشمالية. لن أتظاهر بأن هذا الأمر سهل، لكنه شديد الأهمية".
وكان الجيش الجمهوري الآيرلندي، وهو جماعة يغلب عليها الكاثوليك تسعى إلى توحيد آيرلندا (أي توحيد آيرلندا الشمالية التي هي جزء من بريطانيا مع جمهورية آيرلندا المستقلة)، قال في 2005 إنه سينهي كفاحه المسلح رسميًا.
ورفض التخلص من أسلحته علنًا، لكنه وافق على وجود مراقبين مستقلين قالوا بعد ثلاثة أشهر إنه أخرج أسلحته من الخدمة.
وتناول اتفاق السلام في آيرلندا الشمالية كل شيء بدءًا من إصلاح الشرطة إلى الإفراج المبكر عن السجناء شبه العسكريين، ونزع سلاح الجماعات شبه العسكرية وتطبيع الترتيبات الأمنية.
العلاقات المصرية الإسرائيلية
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية-الإسرائيلية، شدد الوزير بدر عبد العاطي على أنها تحكمها اتفاقية السلام، مشيرا إلى التزام مصر الكامل بها طالما التزم بها الطرف الآخر، مع التأكيد على أنه لا يمكن فصل مسار هذه العلاقات عن مسار القضية الفلسطينية وتطوراتها.
وأضاف عبد العاطي في تصريحات متلفزة، أن كل تقدم في الملف الفلسطيني خاصة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينعكس إيجابا على العلاقات الثنائية، معتبرا معاهدة السلام أداة استقرار ثنائي وإقليمي ثابتة لم تطرأ عليها تعديلات إلا بموافقة الطرفين كما حدث في مكافحة الإرهاب سابقا.
أكد الوزير أن تهجير الفلسطينيين يظل خطا أحمر رسمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشددا على أن “مصر لن تكون طرفا في أي ظلم يقع على الشعب الفلسطيني”.
وانتقد ما وصفه بـ”التلاعب بالألفاظ” من خلال الحديث عن “تهجير طوعي” عبر جعل الحياة مستحيلة في غزة، واصفا ذلك بأنه “حق يراد به باطل”، مؤكدا رفض مصر الكامل للتهجير القسري أو الطوعي رغم العروض السخية التي تلقتها سابقا للتراجع عن موقفها.
وأوضح عبد العاطي أن إسرائيل تعرف جيدا ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية، قائلا: “نقول لهم على طاولة المفاوضات لأ يعني لأ”.
وأشار إلى أمثلة ملموسة على ذلك، مثل رفض التهجير وإصرار مصر على فتح معبر رفح من الجانبين وليس من جانب واحد، مشددا على أن إسرائيل تتحمل مسؤولية قانونية كاملة، وأن ما يحدث من تجويع وإطلاق نار على المدنيين يمثل انتهاكًا للقانون الدولي.
وأكد أن مصر لم تغلق معبر رفح يوما واحدا، لكن المشكلة تكمن في الدبابات الإسرائيلية وتدمير الجانب الفلسطيني من المعبر، مشيرا إلى وجود 5 معابر أخرى بين إسرائيل وغزة لم يتحدث عنها أحد.
أبرز الوزير أن مصر قدمت لغزة ما لم يقدمه الآخرون، موضحا أن 72% من إجمالي المساعدات التي دخلت القطاع كانت من مصر، “في تقاسم للقمة بين المصريين وأشقائهم الفلسطينيين”.
وأكد استمرار الجهود المصرية حتى توقيع اتفاق وقف الحرب في شرم الشيخ، مشددا على أن مصر دولة مؤسسات تحترم التزاماتها، وأن قرارات الحرب والسلام تتخذ بإجراءات دستورية، وأن القيادة المصرية اختارت تكثيف التحركات الدبلوماسية بدلًا من الحرب التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من التدمير.