< حوار| اللواء أسامة كبير: إسرائيل تسعى لتطويق القاهرة من البحر الأحمر.. ومصر تملك خططا متنوعة لإجهاض تحركات الاحتلال
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

حوار| اللواء أسامة كبير: إسرائيل تسعى لتطويق القاهرة من البحر الأحمر.. ومصر تملك خططا متنوعة لإجهاض تحركات الاحتلال

اللواء أركان حرب
اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير

الخبير الاستراتيجي اللواء أسامة كبير في حواره لـ"الرئيس نيوز": 

  • إسرائيل تسعى لتطويق القاهرة من البحر الأحمر بالاعتراف بصوماليلاند ووجودها العسكري يهدد قناة السويس 
  • مصر تملك خططا متنوعة لإجهاض التحركات الإسرائيلية أخرها قد يكون تفعيل الدفاع المشترك مع الصومال
  • تحالف مشبوه بين إسرائيل وإثيوبيا للإضرار بأمن مصر القومي ودول ستحزو حزو الاحتلال بشأن الإقليم 
  • إسرائيل تحيي ملف تهجير الفلسطينيين عبر صوماليلاند والمصالح الأمريكية الإسرائيلية قد تتلقى حول مستقبل الإقليم
  • أمريكا تملك تصوراتها خاصة بأرض الصومال والتعويل عليها في مقاومة الخطوة الإسرائيلية خطأ استراتيجي


حذر الخبير الاستراتيجي اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير من الخطط الإسرائيلية لتهديد الأمن القومي المصري، عبر الاعتراف باستقلال ما يسمى أرض الصومال أو صوماليلاند.

وقال اللواء أسامة الكبير في حوار مع “الرئيس نيوز” إن مصر تملك خططا متنوعة لإجهاض التحركات الإسرائيلية، قد يكون أخرها تفعيل اتفاق الدفاع المشترك مع الصومال وفق ميثاق الجامعة العربية، محذرا من التعويل على أمريكا في الضغط على إسرائيل، معتبرا إياه خطأ استراتيجي.. وفيما يلي نص الحوار.


بداية كيف ترى الخطوة الإسرائيلية بالاعتراف الأحادي بما يسمى أرض الصومال أو صوماليلاند دولة مستقلة؟ ولماذا الآن؟

اعتراف إسرائيل بما يسمى أرض الصومال أو صوماليلاند، أمر في غاية الخطورة على الأمن القومي العربي والإقليمي والمصري بشكل خاص، ومن ثم الأمن القومي بجنوب البحر الأحمر، وما يسمى بإقليم أرض الصومال، هو جزء لا يتجزأ من الدولة الصومالية، وقد حاول القائمون على الإقليم الراغب في الانفصال، انتزاع الاعتراف الدولي بهم أكثر من مرة لكن الإجماع الدولي على رفض الاعتراف بهم حال دون ذلك. وكانت أخر محاولات الاستقلال في العام ١٩٩١، لكن  لم تعترف بهم أي دولة في العالم. وإن كانت هناك دولة أو دولتان حسب ما أتذكر، اعترفوا بها كدولة لكنهما دولتان بلا وزن سياسي على خريطة المجتمع الدولي. ومع ظهور حركة الشباب الصومالية نشر الاتحاد الأفريقي قوة تسمى (اتمس) لفض النزاع ومراقبة الأوضاع مع حركة الشباب التي توعدت إسرائيل بالرد على اعترافها بأرض الصومال دولة مستقلة.

بشكل عام لا يمكن الفصل بين توقيت الإعلان الإسرائيلي بالاعتراف بأرض الصومال والزيارة المرتقبة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأمريكا. إذ يعني ذلك أن  للأمر كواليس خفية حتى وإن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لن يعترف بأرض الصومال دولة مستقلة، وبالتالي لا يمكن التعويل على الموقف الأمريكي في رفض الخطوة الإسرائيلية، فالإدارة الأمريكية دأبت خلال الفترة الماضية على إطلاق التصريحات المتناقضة، والنظر أكثر إلى لغة المصالح والمكاسب لها ولإسرائيل، أكثر من معالجة شواغل حلفائها الآخرين. وبالتالي قد تتلاقى المصالح بين إسرائيل وأمريكا فيما يخص أرض الصومال.

وماذا عن أهم محاور اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترامب؟ 

لا شك سيكون ملف اعتراف إسرائيل بأرض صوماليلاند من بين أهم الموضوعات التي سيتم مناقشتها بين ترامب ونتنياهو، وسيحاول الأخير شرح دوافعه لاتخاذ خطوة الاعتراف بأرض الصومال، ولا أتوقع معارضة من قبل ترامب لتلك الخطوة إذ لا أظن أن أمريكا فوجئت بالقرار الأمريكي.

كما ستكون الأوضاع في غزة، والانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار محل نقاش، إذ أن هذه المرحلة هي الأكثر حساسية، وهي شائكة جدًا، وتحديدًا ما يتعلق بنزع سلاح حركة حماس، وهل سيتم النزع أم الإبقاء على بعضه، وهل سيكون مجرد ترك أو تجريد كامل، وهذا لا يوجد له تفاصيل حقيقية في خطة دونالد ترامب بشأن سلاح حماس، لكنه ذكر أنه سيتم نزعها أي إزالة قدرتها العسكرية، وهذا النقاش يأتي أيضًا بعد زيارة مجموعة من قطر ومصر وتركيا لأمريكا لعقد جلسات مع ستيف ويتكوف في منتجع مارجو بفلوريدا، وكان ذلك قبل زيارة نتنياهو بأيام قليلة الأسبوع الماضي.

وهناك تحركات إسرائيلية للاحتفاظ بالخط الأصفر، لذا فمن المؤكد أن ذلك سيكون من بين الملفات المهمة التي سيتم  مناقشتها، فالخط الأصفر الذي أعلن في المرحلة الأولى، المفروض أن يعود لما يُعرف باسم الخط الأحمر، وكان الخط الأصفر في ذلك الوقت يسيطر على حوالي 53٪ من غزة، ووفقًا لتصريحات رئيس الأركان، الخط الأصفر يمثل الحدود الجديدة لإسرائيل مع غزة، بل إنهم أضافوا خرسانات مكعبة صفراء تغطي مساحة 7٪ إضافية، ليصبح السيطرة على ما يقارب 60% إلى 70% من قطاع غزة، ما يشير بوضوح إلى أن النوايا الإسرائيلية تهدف إلى عدم تحريك الجيش خارج غزة في المرحلة الثانية. وهناك عسكريون رفيعو المستوى، بمن فيهم رئيس أركان الاحتلال، أكدوا أن هذه هي الحدود الجديدة لإسرائيل، ويتحدثون عن إعادة الإعمار داخل الخط الأصفر، أي في المناطق التي تم احتلالها، مع وجود قوات متعددة الجنسيات خارج الخط الأصفر، وهو ما يدل على أن النوايا تتجه نحو توحيد هذه المناطق ضمن بوتقة واحدة، وجعل الخط الأصفر بمثابة الحدود الجديدة لتوسع إسرائيل في غرب أو شمال غرب قطاع غزة.

ما العلاقة بين هذا التطور وموضوع أرض الصومال؟

العلاقة تكمن في توقيت الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال، حيث جاء مباشرة قبل زيارة نتنياهو لأمريكا، وهذه الزيارة تعكس أهمية التحالفات والسياسات الإقليمية، خصوصًا مع مواقف دونالد ترامب السابقة، التي تضمنت مقترحات مختلفة لتهجير الفلسطينيين، بعد الرفض المصري الصارم لتهجير الفلسطينيين، مما يجعل توقيت الاعتراف الإسرائيلي الأخير خطوة مدروسة بعناية.

ماذا عن تأثير الملف على الأمن القومي المصري؟

الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال لا يؤثر فقط على الأمن القومي العربي، بل يمتد تأثيره إلى الأمن القومي المصري والأمن في جنوب البحر الأحمر، بالإضافة إلى أن أرض الصومال كانت محل نزاع منذ أكثر من خمسين سنة، ولم تحصل على اعتراف دولي، ولذلك فإن هذه الخطوة تمثل تغييرًا ملموسًا في السياسة الإسرائيلية تجاه المنطقة، ويجب مراقبتها عن كثب. ولو أننا حددنا الأهداف الإسرائيلية من وراء خطوة الاعتراف بأرض الصومال فستكون في البداية تهيئة مكان جديد لتهجير الفلسطينيين إليه، وبسط نفوذ جديد في منطقه جنوب البحر الأحمر، بما فيها تدشين قاعدة عسكرية لإسرائيل في تلك المنطقة الاستراتيجية، وتعزيز التعاون مع إثيوبيا الحليف الاستراتيجي لإسرائيل.

إسرائيل تريد إكمال تطويق مصر من ناحية جنوب البحر الأحمر، فإلى جانب التعنت الإثيوبي بخصوص سد النهضة تريد إسرائيل إكمال تلك الضغوط على القاهرة بالتواجد عسكريا في تلك المنطقة الاستراتيجية. وبالتالي لا يمكن استبعاد إعلان أديس أبابا اعترافها هي الأخرى بإقليم أرض الصومال، وقد حاولت قبل إسرائيل من أجل الحصول على منفذ بحري، لكن القاهرة أجهضت الفكرة بتحركاتها.

هل لكم أن تحدثنا عن خطورة التواجد الإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر؟ 

إسرائيل تريد تأمين تلك المنطقة الاستراتيجية خاصة بعد سلسلة الاستهدافات المتتالية للسفن الإسرائيلية في باب المندب، فهي تريد منطقة آمنة لا تعرض مصالحها للخطر، وبالتالي ترى في تواجدها العسكري هناك تأمين كافي لمصالحها. لكن هذا التواجد يصطدم بشكل مباشر مع الأمن القومي المصري إذ إن التواجد في جنوب البحر الأحمر يعنى أن قناة السويس أصبحت تحت التهديد الإسرائيلي وهو الأمر الذي لن تقبله القاهرة بأي حال من الأحوال.

وختاما.. كيف ستواجه القاهرة تلك الخطوات؟  

مصر حددت موقفها بشكل مباشر عبر بيانات وزارة الخارجية إذ أكدت أنها لن تقبل بالأمر بأي حال من الأحوال وبدأت في حشد الرأي العام الدولي ضد القضية، فالاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي رفضوا الخطوة الإسرائيلية، ومن المؤكد أن القاهرة تملك خططا موضوعه سلفا تحسبا لتلك التطورات التي كانت محتملة. ومن المتوقع حدوث تنسيق مصري تركي خليجي للتصدي للخطوة، ولا يمكن تجاهل الموقف المصري السابق حينما تعرضت الصومال لخطر من قبل تحركات إثيوبيا وإقليم أرض الصومال، بأن أكدت أن الصومال دولة في الجامعة العربية وبالتالي لها أن تطلب تفعيل اتفاق الدفاع المشترك وفقا لميثاق الجامعة العربية لحماية أمنها القومي ووحدة وسلامة أراضيها.