وسط البرد القارس في غزة.. الفلسطينيون يعانون غمر الخيام بالمياه وتنائر الأنقاض
في قطاع غزة، يعيش الفلسطينيون النازحون مأساة متجددة مع دخول فصل الشتاء، إذ غمرت الأمطار الغزيرة خيامهم الهشة وتناثرت الأنقاض حولهم وسط برد قارس يهدد حياتهم اليومية.
وتقيم عشرات الآلاف من العائلات التي فقدت منازلها منذ عامين بسبب القصف الإسرائيلي اليوم بين الخيام والركام، فيما اجتاح منخفض قطبي ثالث المنطقة خلال عطلة نهاية الأسبوع مصحوبًا بأمطار غزيرة ورياح قوية، مع توقعات بوصول منخفض رابع ابتداءً من يوم الاثنين.

وأكد موقع “يو إن نيوز” الأممي أن وقف إطلاق النار في غزة ما زال هشًا وأن إيصال المساعدات الإنسانية يواجه عراقيل متكررة، مشددًا على أن تثبيت الهدنة شرط أساسي لبدء مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.
وحولت الأمطار المتكررة المخيمات المؤقتة إلى برك من المياه، حيث انهارت الخيام فوق رؤوس العائلات وغمرت السيول الأحياء المحيطة بالركام.
محمد مصلح، أحد النازحين في غزة، قال إنه لم يجد مكانًا آخر يعيش فيه سوى ميناء غزة، مؤكدًا أن خيمته غمرتها المياه بعد ساعات قليلة من المطر.
وفي دير البلح، تحدثت شيماء وادي، وهي أم لأربعة أطفال نزحت من جباليا، عن معاناتها المستمرة منذ عامين داخل خيمة تنهار مع كل موجة مطر، مشيرة إلى أنها بالكاد تستطيع توفير ملابس لأطفالها أو فرش للنوم بسبب غياب الدخل وارتفاع الأسعار.
وأعلنت السلطات المحلية أن الأمطار الأخيرة تسببت في وفاة ما لا يقل عن خمسة عشر شخصًا بينهم ثلاثة أطفال رضع نتيجة انخفاض درجات الحرارة، كما انهارت عدة مبانٍ متضررة بفعل الحرب.
فرق الدفاع المدني في ميناء غزة أوضحت أنها تلقت عشرات نداءات الاستغاثة، وحاولت تغطية بعض الخيام المتضررة بأغطية بلاستيكية بعد أن غمرتها المياه.
المراسلون المحليون وصفوا المشهد بأنه مأساة متكررة، حيث تتحول الأحياء إلى برك من الطين مع كل موجة مطر جديدة.
وطالبت المنظمات الإنسانية إسرائيل بالسماح بإدخال المزيد من الملاجئ والمساعدات الإنسانية إلى القطاع، مؤكدة أن الوضع الحالي لا يمكن احتماله.
ومع استمرار الحصار وصعوبة وصول الإغاثة، يبقى آلاف الفلسطينيين في مواجهة مباشرة مع الطبيعة القاسية دون حماية كافية.
صحيفة تورنتو ستار الكندية أشارت إلى أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين المحاصرين بالخيام والأنقاض يعانون من موجات المطر المتكررة بعد عامين من القصف الإسرائيلي الذي دمّر معظم البنية التحتية في غزة.
وأوضحت الأمم المتحدة أن العواصف الأخيرة تسببت في فيضانات شديدة داخل أكثر من أربعين مأوى طارئ في خان يونس ومدينة غزة، وأدت إلى تضرر نحو سبعمئة خيمة وتشريد آلاف الأشخاص. فرقها وشركاؤها عملوا على إزالة الانسدادات من شبكات الصرف وضخ المياه بعيدًا عن ساحات الملاجئ، كما نسقوا تسع شحنات إنسانية مع السلطات الإسرائيلية تضمنت مواد غذائية ووقودًا وأغطية وخيام وملابس شتوية، رغم أن بعضها واجه عراقيل قبل أن يتم إيصالها.
نظام الاستجابة السريعة الذي أنشأته الأمم المتحدة بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية وزع الخيام والأغطية والملابس الدافئة والمواد الغذائية عالية الطاقة على الأسر المتضررة، إضافة إلى توفير مستلزمات بيطرية لمربي الماشية الذين تضرروا من سوء الأحوال الجوية.
هذه الجهود، رغم محدوديتها، تعكس إصرار الأمم المتحدة على مواجهة التحديات الإنسانية المتفاقمة في غزة، لكنها تؤكد في الوقت نفسه أن استمرار القيود على وصول المساعدات يضاعف من حجم الكارثة.
ويجسد المشهد في غزة اليوم مأساة مركبة، إذ لم يعد الدمار وحده هو التحدي، بل أصبح الشتاء القارس والأمطار الغزيرة جزءًا من معركة البقاء اليومية.
وبينما تتعثر جهود إعادة الإعمار وتتعطل المساعدات، يظل الفلسطينيون في مواجهة مفتوحة مع الطبيعة والبرد والركام، في صورة تختصر حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع المنكوب.