< انتقادات لرئيس وزراء بريطانيا بعد ترحيبه «المبالغ فيه» بـ علاء عبدالفتاح
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

انتقادات لرئيس وزراء بريطانيا بعد ترحيبه «المبالغ فيه» بـ علاء عبدالفتاح

الرئيس نيوز

أثار وصول الناشط المصري البريطاني علاء عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة بعد سنوات السجن في مصر جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية البريطانية. 

ورأى كثيرون أن الترحيب الرسمي الذي أبداه رئيس الوزراء كير ستارمر وعدد من وزرائه يمثل خطأً سياسيًا فادحًا، خاصة في ظل تداول رواد السوشيال ميديا منشورات قديمة منسوبة لعبد الفتاح تتضمن دعوات للعنف ضد "الصهاينة" والشرطة، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي.

ونقلت صحيفتا الإندبندنت، ودايلي ميل، عن عدد من أبرز الساسة بالمملكة المتحدة، وعدد من أعضاء مجلس العموم، انتقادات حادة ومواقف معارضة لسلوك ستارمر في ملف الناشط.

وذكرت بي بي سي أن رئيس الوزراء كير ستارمر عبر عن "سعادته" بوصول علاء عبد الفتاح إلى بريطانيا بعد رفع حظر السفر الذي كان مفروضًا عليه في القاهرة عقب الإفراج عنه في سبتمبر الماضي. 

وأكد ستارمر أن هذه الخطوة تمثل لحظة إنسانية مهمة، إذ سمحت بلم الشمل بين عبد الفتاح مجددًا مع أسرته بعد سنوات من الانفصال والمعاناة.

لكن هذا الترحيب لم يمر دون انتقادات، فسرعان ما وصفت تصريحات ستارمر بأنها "خطأ جسيم في التقدير"، كما اعتبر دعم شخصية ارتبط اسمها بخطاب يحض على الكراهية من الأمور التي من الممكن أن تضع حكومة ستارمر في عين عاصفة سياسية جديدة وموقف بالغ الحساسية، كما بادر المجلس القيادي اليهودي بمهاجمة ستارمر وندد بـ"ترحيبه المبالغ فيه" بالناشط، مؤكدًا أن مثل هذه المواقف قد تفهم على أنها تجاهل لتصريحات غير مقبولة.

وأوضحت بي بي سي أن حكومة ستارمر لم تكن على علم بالمنشورات القديمة لعبدالفتاح عند إعلان الترحيب به، وأنها تعتبرها "مستفزة ومرفوضة"، ولكنها في الوقت نفسه شددت على أن الإفراج عن عبد الفتاح كان أولوية للحكومات البريطانية المتعاقبة، بما في ذلك حكومة المحافظين السابقة، التي ضغطت من أجل إطلاق سراحه باعتباره مواطنًا بريطانيًا.

السياق القانوني والسياسي 

وفي تقريرها، ركزت الإندبندنت على السياق القانوني والسياسي للقضية؛ فقد أشارت إلى أن علاء عبد الفتاح، مواطن مزدوج الجنسية، سجن في مصر عام 2019، وحكم عليه في ديسمبر 2021 بالسجن خمس سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة.

وأبرزت الإندبندنت أيضًا أن الإفراج عنه جاء بقرار عفو رئاسي  أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأن الحكومة البريطانية لعبت دورًا وطالبت بإطلاق سراحه. 

وكان ستارمر قد كتب عبر منصة "إكس" أنه "مسرور" بعودة عبد الفتاح، مشيدًا بعائلته وبالجهود التي بذلها ناشطون وسياسيون لتحقيق هذه اللحظة، كما وجه الشكر إلى الرئيس السيسي على قراره الحكيم.

ولكن الصحيفة لفتت إلى أن هذه التصريحات أثارت تساؤلات حول ما إذا كان رئيس الوزراء ستارمر على علم بالمنشورات القديمة لعلاء عبدالفتاح قبل إعلانه الترحيب. 

وطالب روبرت جنريك، وزير العدل في حكومة الظل، كير ستارمر بتوضيح موقفه، داعيًا إياه إلى إدانة تصريحات علاء عبدالفتاح "دون أي تحفظ"، وسحب ما وصفه بـ"الدعم غير المشروط" للناشط المثير للجدل وآرائه التي تتبنى العنف.

وربطت الإندبندنت القضية أيضًا بالتصاعد الأخير في الهجمات المعادية للسامية في بريطانيا وخارجها، مشيرة إلى أن المجلس القيادي اليهودي اعتبر الترحيب الحكومي "مقلقًا" في ظل هذه الظروف.

انتقادات لاذعة وتفاصيل مثيرة للجدل

أما صحيفة دايلي ميل، فقد تناولت القضية بلهجة أكثر حدة، مركزة على تفاصيل المنشورات القديمة المنسوبة لعلاء عبد الفتاح. 

وأعادت الصحيفة نشر مقتطفات من تغريدات كتبها بين عامي 2010 و2011، تضمنت عبارات مثل: "قتل أي مستعمرين وخاصة الصهاينة عمل بطولي"، و"الشرطة ليست بشرًا ولا حقوق لهم، يجب أن نقتلهم جميعًا"، إضافة إلى إنكاره للهولوكوست ودعواته لحرق لندن أو مقر الحكومة، في 10 داوننج ستريت، أثناء اضطرابات عام 2011.

وأبرزت الصحيفة أن هذه التصريحات، وإن كانت قديمة، تثير صدمة واسعة، خاصة أن رئيس الوزراء ستارمر عبر عن "سعادته البالغة" بعودة صاحب التصريحات إلى بريطانيا.

 وكتب روبرت جنريك في مقالة رأي بالصحيفة أن "الإشارة التي يرسلها رئيس الوزراء في وقت تتزايد فيه حوادث معاداة السامية مروعة"، مؤكدًا أن ستارمر إما ارتكب "إهمالًا مذهلًا" بعدم معرفته بهذه التصريحات، أو أنه عرف بها واختار تجاهلها، وفي كلا الحالتين فإن الأمر "أسوأ مما يمكن تصوره".

ونقلت دايلي ميل أيضًا عن نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح، قوله إن الحكومة "تزداد سوءًا يومًا بعد يوم"، منتقدًا وسائل الإعلام الكبرى لعدم تسليط الضوء الكافي على هذه التغريدات. 

كما أشارت إلى أن منظمات مثل "الحملة ضد معاداة السامية" اعتبرت أن الحكومة إما لم تقم ببحث أساسي حول تاريخ علاء عبد الفتاح، أو أنها علمت بهذه التصريحات ورأت أنها غير مهمة بما يكفي لذكرها، وهو ما وصفته بأنه "أمر مقلق في الحالتين".

كما أن الصحيفة لم تكتف بعرض الانتقادات، بل ربطت القضية بوعود ستارمر الأخيرة بالقضاء على معاداة السامية في بريطانيا، معتبرة أن ترحيبه بعودة علاء عبد الفتاح يتناقض مع تلك الوعود.

وخلصت إلى أن رئيس الوزراء يجب أن يسحب دعمه "غير المشروط"، وأن يوضح كيف أصبحت قضية عبد الفتاح "أولوية قصوى" لحكومته.

من خلال متابعة ما نشرته وسائل الإعلام الثلاث، يتضح أن القضية تجمع بين أبعاد إنسانية وحقوقية من جهة، وأبعاد سياسية وأمنية من جهة أخرى. فبي بي سي ركزت على الجانب الإنساني والجهود الدبلوماسية التي بذلت للإفراج عن عبد الفتاح، بينما سلطت الإندبندنت الضوء على السياق القانوني والسياسي، مشيرة إلى ضرورة التوازن بين الدفاع عن حقوق الإنسان وإدانة خطاب الكراهية. 

أما الدايلي ميل فقد اتخذت موقفًا أكثر تشددًا، مبرزة تفاصيل التصريحات القديمة ومعتبرة أن الترحيب الرسمي يمثل تناقضًا صارخًا مع وعود الحكومة بمحاربة معاداة السامية.