مطالب بمزيد من خفض الفائدة وتحذيرات من «فخ السيولة» والدولرة
خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بواقع 725 نقطة أساس على مدار العام، في خطوة استهدفت تحريك عجلة النمو وخفض تكلفة التمويل، إلا أن أصواتًا من مجتمع الأعمال ترى أن وتيرة الخفض لا تزال دون المستوى المطلوب لتحقيق انفراجة حقيقية في النشاط الاقتصادي.
الغرف التجارية: الفائدة ما تزال مرتفعة
طالب محمد سعده، السكرتير العام للاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس غرفة بورسعيد، بمزيد من خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن المستويات الحالية لا تزال مرتفعة، ولا تحقق الأثر المطلوب على تكلفة التمويل.
وأوضح سعده أن الخفض الذي أقدمت عليه لجنة السياسة النقدية، رغم أهميته، لا يزال غير كافٍ لتحفيز النشاط الاقتصادي بصورة ملموسة، خاصة في ظل الضغوط التي تواجهها الشركات والقطاع الإنتاجي.
وأشار إلى أن البنك المركزي خفض أسعار العائد بنحو 7.25% منذ بداية العام في إطار دعم الاستثمار، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل بداية مهمة، لكنها تحتاج إلى استكمال بمزيد من التخفيضات المتدرجة.
تأثير مباشر على الشركات والاستثمار
وأكد سعده أن خفض أسعار الفائدة يمثل أداة محورية لتقليل تكلفة التمويل على الشركات، بما ينعكس مباشرة على زيادة القدرة الاستثمارية للقطاع الخاص، وتحسين مستويات الإنتاج، ودعم معدلات التشغيل والنمو.
خبير اقتصادي: المركزي يتحرك بحذر
من جانبه، قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن تحركات البنك المركزي تأتي في إطار موازنة دقيقة بين مخاوف «فخ السيولة» وعودة ظاهرة الدولرة، وهو ما يجعله أكثر حذرًا في استخدام أدوات خفض العائد على الجنيه.
وأوضح نافع أن تراجع أسعار الفائدة إلى مستويات تدفع المودعين لتفضيل الاحتفاظ بأموالهم سائلة بدلًا من إيداعها في أدوات مصرفية، قد يؤدي إلى ما يُعرف بـ«فخ السيولة»، ويدفع بعض المدخرين إلى التحول للدولار كمخزن للقيمة ووعاء ادخاري يحقق عائدًا حقيقيًا أعلى.
العائد الحقيقي للجنيه والمخاطر
وأشار إلى أن العائد الحقيقي على الجنيه يظل موجبًا بنسبة معتبرة عند خصم معدل التضخم من الفائدة الاسمية، إذ يتراوح العائد الاسمي بين 12 و20%، بما يحقق صافي عائد يقترب من 8% أو يزيد.
إلا أن نافع حذر من أن تقلبات الجنيه المتكررة، وميراث انعدام الثقة في السياسة النقدية، والخفض الدوري الكبير في قيمة العملة مع كل دورة إصلاحية، إلى جانب الشكوك حول تنسيق السياسة المالية والتجارية مع السياسة النقدية لتحقيق الضبط المالي وخفض الطلب على الدولار، كلها عوامل ترفع هامش المخاطر.
تحدي 2026
واختتم نافع بالتأكيد على أن تحقيق توازن بين ضبط سعر الفائدة والحفاظ على قوة الجنيه سيظل أحد أبرز التحديات أمام مجلس إدارة البنك المركزي خلال عام 2026، في ظل سعيه لدعم النمو دون الإضرار بالاستقرار النقدي.