< وزير جيش الاحتلال يتعهد بالتواجد الدائم وإقامة مستوطنات في غزة
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

وزير جيش الاحتلال يتعهد بالتواجد الدائم وإقامة مستوطنات في غزة

الرئيس نيوز

أحدثت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي عاصفة سياسية وإعلامية بعد إعلانه أن جيش الاحتلال  سيبقى في غزة بشكل دائم، مع تلميحات إلى إمكانية إقامة مستوطنات جديدة في القطاع الفلسطيني. 

هذا الموقف، الذي وصفته صحيفة يني شفق التركية بأنه تكريس للاحتلال بصيغة جديدة، يتعارض مع الرؤية الأمريكية التي تطرح خطة متعددة المراحل لإدارة القطاع بعيدًا عن السيطرة الإسرائيلية المباشرة.  

وذكر موقع يو إس نيوز الأمريكي، أن الوزير حاول لاحقًا التراجع عن إيحاءات إعادة التوطين، نافيا وجود خطة رسمية للاستيطان، لكنه تمسّك بمبدأ الوجود العسكري المستمر.

 هذا التناقض يعمّق الفجوة بين الخطاب الإسرائيلي والضغوط الأميركية التي تؤكد أن أي ترتيبات أمنية يجب ألا تتحول إلى سيطرة دائمة أو تغيير ديموغرافي.  

وأبرزت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الحديث عن بناء مستوطنات وملازمة الوجود العسكري يتناقض مع خطة واشنطن التي تسعى إلى مسار سياسي تدريجي يعيد ترتيب إدارة غزة دون تكريس واقع الاحتلال. 

وأشارت إلى أن هذا النهج يفاقم التوتر مع الإدارة الأمريكية ويحرج الحلفاء الأوروبيين الذين يطالبون بخطوات ملموسة لاحترام القانون الدولي وتخفيف المعاناة الإنسانية.  

أما صحيفة باستيلي بوست الصينية فقد ركزت على البعد القانوني والسياسي، مؤكدة أن الإصرار على “وجود دائم” قد يقرأ كإقرار بنية ضم فعلي أو سيطرة طويلة الأمد من شأنها أن تضعف فرص أي تسوية قابلة للاستمرار.

 وأضافت أن إعلان السعي لوجود دائم أثار انتقادات من مسؤولين أميركيين ومن السلطة الفلسطينية، معتبرين أن هذه السياسة تقوّض الجهود الدبلوماسية وتزيد الاحتقان الإقليمي.  

 

وأشارت صحيفة تورنتو ستار الكندية إلى أن نفي إعادة التوطين لم يبدّد المخاوف من “استدامة” السيطرة العسكرية، إذ يترتب على أي بقاء طويل الأمد مسؤوليات قانونية وإنسانية ضخمة ستنعكس على صورة إسرائيل وزخم دعمها الدولي، خاصة مع اقتراب محطات سياسية أميركية حساسة.  

وأوضحت وول ستريت جورنال الأمريكية أن هذا الخطاب يخلق اصطفافات داخلية أيضا؛ فالمؤسسة الأمنية التي تدير حربًا ممتدة تُحاجج بضرورة الإمساك بمفاتيح الحدود والممرات والسيطرة على نقاط استراتيجية، بينما تحذّر دوائر دبلوماسية من أن تثبيت واقع دائم سيجعل ملف غزة مفتوحًا بلا أفق، ويحمل الخزينة والأمن كلفة يومية متزايدة مع انفجار ملفات الإغاثة وإعادة الإعمار.  

 

ورجحت صحيفة باستيلي بوست الصينية أن تصريحات الديمومة والاستيطان تغذي روايات متناقضة في المنطقة أولها الرواية الأمنية الإسرائيلية التي ترى في الفراغ خطرا وجوديا وفي الترتيبات المؤقتة ثغرات لا تحتمل، ورواية فلسطينية وعربية تعتبر أي بقاء طويل احتلالا بصيغة جديدة يشرعن التوسع الاستيطاني ويجهز على مسارات الحل السياسي. هذه الهوة تفاقم معضلة الوساطة الدولية التي تبحث عن معادلة تحفظ الأمن دون تثبيت واقع دائم.  

 

ويربط السياق الدولي، كما أوضحت الجارديان البريطانية، أي ترتيبات أمنية بتدفق مساعدات إنسانية وضمانات عدم تغيير الوضع القانوني للقطاع. وأبدت الأسواق والفاعلون الاقتصاديون قلقًا من طول أمد انعدام اليقين وتداعياته على سلاسل الإمداد وإعادة الإعمار التي تتطلب بيئة مستقرة وسياسات واضحة.  

 

وتعمق وول ستريت جورنال الأمريكية القراءة بأن التعارض مع الخطة الأمريكية يهدد مسارا كان من المفترض أن يفتح بوابة لتفاهمات أمنية–إدارية ترفع كلفة الحرب السياسية على إسرائيل، وتمنحها “شبكة أمان” دبلوماسية لدى شركائها الرئيسيين. 

وأكدت أن أي إصرار على صيغة “البقاء بلا سقف زمني” سيؤدي إلى مواجهة قانونية وإعلامية متصاعدة وتشدد في المواقف الإقليمية، في وقت تراهن فيه تل أبيب على تنسيق وثيق مع واشنطن لتفادي عزلة متزايدة.  

 

وتختتم التقارير بأن تصريحات الوجود الدائم في غزة ليست مجرد خطاب سياسي عابر، بل هي معادلة ثقيلة تحسب تداعياتها في غرف القرار الدولية: كل خطوة نحو تثبيت الواقع العسكري من المتوقع أن تقابل بمقاومة دبلوماسية وقانونية، وكل تراجع عن وعود عدم إعادة الاستيطان يقرأ كتغيير لقواعد الاتفاقات التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

 

وبين ضغط الأمن وإكراهات الشرعية، يبقى المسار رهنا بصفقة واسعة تعيد تعريف علاقة إسرائيل بغزة ضمن إطار لا يكرس دوام السيطرة ولا يسمح بفراغ أمني جديد وهو توازن دقيق يتمنى المراقبون ألا يظل بعيد المنال.