< من أوباما إلى ترامب 2025.. كيف حكم الاقتصاد مصير الرؤساء الأمريكيين؟
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

من أوباما إلى ترامب 2025.. كيف حكم الاقتصاد مصير الرؤساء الأمريكيين؟

الرئيس نيوز

منذ عقود، ظل الاقتصاد الأمريكي المعيار الأهم الذي يقاس به نجاح أي رئيس جديد يدخل البيت الأبيض، فالمواطن الأمريكي لا يقرأ الأرقام المجردة بقدر ما يلمس أثرها في حياته اليومية بما في ذلك معقولية أسعار الغذاء والطاقة، وفرص العمل، ومستوى دخله الحقيقي. 

وفي هذا السياق، نشرت مجلة نيوزويك تحليلًا مقارنًا بين السنة الأولى لكل من باراك أوباما عام 2009، ودونالد ترامب عام 2017، وجو بايدن عام 2021، إضافة إلى السنة الأولى لولاية ترامب الثانية عام 2025، لتكشف عن اختلافات جوهرية في التحديات والسياسات والنتائج.

أوباما 2009.. رئيس يبدأ من قلب الأزمة

تسلم باراك أوباما مقاليد الحكم وسط أسوأ أزمة مالية منذ الكساد الكبير فالبنوك انهارت، أسواق العقار فقدت قيمتها، والبطالة ارتفعت إلى مستويات قياسية. 

أوباما واجه هذا الواقع عبر خطة تحفيز اقتصادي ضخمة بلغت نحو 800 مليار دولار، استهدفت البنية التحتية، دعم الأسر، وإنقاذ شركات السيارات والبنوك، ورغم أن التعافي كان بطيئًا، فإن هذه الإجراءات وضعت الأساس لعودة النمو التدريجي. غير أن إرث الأزمة ظل يلاحق إدارته، حيث اتهمه خصومه بزيادة الدين العام، فيما اعتبره أنصاره أنه أنقذ الاقتصاد من الانهيار الكامل.  

ترامب 2017.. اقتصاد مستقر

على النقيض من أوباما، ورث ترامب في ولايته الأولى اقتصادًا مستقرًا نسبيًا إذ كان النمو متواصلًا، وكانت البطالة في انخفاض، وأسواق المال في حالة انتعاش. واستغل ترامب تلك الظروف المواتية ليطلق أكبر خفض ضريبي منذ عقود، مستهدفًا الشركات الكبرى والأفراد ذوي الدخول المرتفعة. 

هذه السياسة حفزت النمو على المدى القصير، ورفعت أرباح الشركات، لكنها وسعت فجوة العجز المالي وزادت من عدم المساواة في توزيع الثروة. ورغم أن الأسواق رحبت بهذه الإجراءات، فإن خبراء الاقتصاد حذروا من هشاشة النمو القائم على التخفيضات الضريبية، وأنه يضع عبئا إضافيًا على الموازنة الفيدرالية.  

بايدن 2021.. صدمة الجائحة

حين دخل جو بايدن البيت الأبيض، كان الاقتصاد الأمريكي يواجه أزمة مزدوجة تمثلت في تداعيات جائحة كورونا واضطراب سلاسل التوريد العالمية. 

أما البطالة، فقد ارتفعت بشكل واسع، وكانت الشركات الصغيرة تكافح للبقاء وعدم الخروج من الأسواق، فيما تراجعت الثقة في الأسواق. 

وأطلق بايدن حزم إنقاذ ضخمة تجاوزت 1.9 تريليون دولار، استهدفت دعم الأسر، تمويل اللقاحات، وإنعاش القطاعات المتضررة. 

هذه الإجراءات ساعدت على تعافٍ سريع للنمو، لكن التضخم ارتفع بشكل ملحوظ نتيجة ضخ السيولة الهائلة في الأسواق، فالمواطن الأميركي وجد نفسه أمام أسعار غذاء وطاقة وإيجارات أعلى، ما جعل التضخم التحدي الأكبر لإدارته.  

ترامب 2025.. عودة وسط التضخم

في ولايته الثانية، عاد ترامب إلى البيت الأبيض وسط بيئة اقتصادية مختلفة تمامًا عن تلك التي ورثها في 2017، فالتضخم المرتفع أصبح القضية المركزية، وأسعار المعيشة ضغطت على الأسر الأميركية بشكل غير مسبوق. 

ترامب وعد بخفض الأسعار عبر سياسات أكثر صرامة في مجالات الطاقة والتجارة، لكنه واجه صعوبة في تحقيق نتائج ملموسة خلال السنة الأولى. الناخب الأمريكي، الذي يقيس نجاح الرئيس بمدى قدرته على تخفيف أعباء الحياة اليومية، بدأ يفقد الثقة في وعوده، خاصة مع استمرار ارتفاع تكاليف الغذاء والسكن. 

هذه الأزمة جعلت المقارنة مع أوباما وبايدن أكثر وضوحا: فالأول واجه أزمة مالية، والثاني أزمة صحية، أما ترامب في ولايته الثانية فيواجه أزمة معيشية مباشرة تمس كل مواطن.

وتكشف هذه المقارنة أن كل رئيس منهم واجه أزمة مختلفة، وأن أدوات المواجهة تنوعت بين التحفيز المالي، التخفيضات الضريبية، وحزم الإنقاذ، لكن العامل المشترك هو أن الاقتصاد الأمريكي ظل رهينة للأزمات العالمية بقدر ما هو رهينة للسياسات المحلية. 

وأنقذ أوباما الاقتصاد من الانهيار، وحفز ترامب النمو عبر الضرائب لكنه زاد العجز، أما بايدن، فقد أعاد النمو السريع لكنه أطلق التضخم الجامح، واليوم يسلط المراقبون الأضواء على ترامب في ولايته الثانية في حين يواجه تحدي الأسعار المرتفعة التي تهدد شعبيته.

ووفقا لنيوزويك؛ فإن الدرس الأهم من هذه التجارب هو أن الاقتصاد الأمريكي، رغم قوته، يظل هشًا أمام الأزمات الكبرى، وأن الرئيس مهما كانت سياساته لا يستطيع التحكم في كل العوامل، كما أن المواطن الأمريكي يحاسب الرئيس على الأسعار في محطات الوقود، والمتاجر أكثر مما يحاسبه على المؤشرات الكلية، وهذا ما يجعل التضخم اليوم القضية الأخطر التي قد تحدد مستقبل ما تبقى من ولاية ترامب الثانية.