هل تنطوي صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل على أبعاد سياسية؟.. القاهرة: تجارية بحتة| عاجل
سلطت صحيفة يني شفق التركية الضوء على حرص القاهرة على توضيح موقفها، أمس الخميس، بشأن موافقة الحكومة الإسرائيلية على صفقة الغاز مع إسرائيل بقيمة 35 مليار دولار، ووصفت القاهرة الصفقة بأنها "تجارية بحتة"، دون أي أبعاد سياسية، وأنها أبرمت وفق اعتبارات اقتصادية واستثمارية خالصة، ولا تنطوي على أي أبعاد أو تفاهمات سياسية من أي نوع".
وذكرت صحيفة ذا ناشيونال أن الاتفاق تم بين شركات تجارية دولية ومصرية دون تدخل حكومي مباشر، ويخضع لقواعد السوق الدولية.
كما شددت مصادر مصرية على أن موقف مصر من القضية الفلسطينية "ثابت ولم يتغير"، مع التأكيد على دعم الحقوق الفلسطينية ورفض التهجير القسري ودعم كافة الجهود الرامية إلى تنفيذ حل الدولتين.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الصفقة تمثل توسعة لاتفاق سابق أبرم عام 2018 بقيمة 15 مليار دولار، كان يقضي بتوريد غاز إسرائيلي لتسييله في محطتي إدكو ودمياط المصريتين لإعادة التصدير إلى أوروبا. لكن تراجع الإنتاج المصري المحلي من الغاز منذ 2022، بسبب نضوب الحقول القديمة وزيادة الاستهلاك المحلي خاصة في فصل الصيف، دفع مصر إلى الاعتماد أكثر على الاستيراد.
توفر الصفقة الجديدة إمدادات مستقرة بسعر ثابت يقدر بنحو 7.2-7.3 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بأسعار الغاز المسال العالمية التي قد تصل إلى 13.5 دولار، مما يوفر مليارات الدولارات للاقتصاد المصري.
وفي تطور اقتصادي بارز، أعلن رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في 17 ديسمبر 2025، المصادقة على أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل، تبلغ قيمتها نحو 112 مليار شيكل إسرائيلي (ما يعادل حوالي 35 مليار دولار أمريكي).
وصف نتنياهو الاتفاق بأنه "أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل"، مشيرًا إلى أنها ستدر نحو 58 مليار شيكل (حوالي 18 مليار دولار) على خزينة الدولة الإسرائيلية من خلال الضرائب والإتاوات.
يتعلق الاتفاق بتصدير غاز طبيعي من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي في البحر المتوسط إلى مصر، بكميات تصل إلى 130 مليار متر مكعب حتى عام 2040 أو حتى استيفاء الكميات المتعاقد عليها.
وجاء الإعلان الإسرائيلي بعد أشهر من التأجيل، حيث كانت الصفقة قد وقعت في أغسطس 2025 بين شركة "شيفرون" الأمريكية (المشغل الرئيسي لحقل ليفياثان بنسبة 39.66%) وشركائها الإسرائيليين مثل "نيوميد إنرجي" و"راتيو إنرجي"، من جانب، وشركات مصرية من جانب آخر. وأشار نتنياهو إلى أن الصفقة تعزز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية في مجال الطاقة، وتشجع الاستثمارات الأجنبية في استكشاف الغاز في مياهها الاقتصادية.
وفقًا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي نيوز، يرى خبراء مصريون في الصفقة فرصة لتعزيز موقع مصر كمركز إقليمي لتجارة الغاز في شرق المتوسط، حيث تمتلك بنية تحتية متطورة للإسالة والتصدير.
كما أنها تضمن تشغيل المصانع والمحطات الكهربائية دون انقطاع، وتسمح بإعادة تصدير جزء من الغاز المستورد بعد إسالته، مما يدر إيرادات إضافية.
وأشار بعض الخبراء إلى أن ثبات السعر يمثل الميزة الرئيسية، خاصة في ظل تقلبات الأسعار العالمية، وعلى الصعيد الدولي، رحبت الولايات المتحدة بالصفقة، حيث وصفت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، الاتفاق بأنه "انتصار كبير للأعمال التجارية الأمريكية والتعاون الإقليمي"، مشيرة إلى دور شركة شيفرون ودعمها لأمن الطاقة وإعادة إعمار غزة.
وذكرت أسوشيتدبرس أن الموافقة الإسرائيلية جاءت بعد ضغوط أمريكية، في سياق جهود إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ورغم الجدل الذي أثاره الإعلان في بعض الأوساط العربية، خاصة مع استمرار التوترات الإقليمية، إلا أن المصادر الرسمية المصرية والدولية تؤكد على الطابع الاقتصادي البحت للصفقة.
ويرى مراقبون أنها تعكس واقعية في التعامل مع احتياجات الطاقة، مع الحفاظ على المواقف السياسية الثابتة.
ومن المتوقع أن تبدأ الإمدادات الجزئية في 2026، تليها مرحلة كاملة بعد توسعة خطوط الأنابيب.
وتمثل هذه الصفقة خطوة استراتيجية لكلا الجانبين: تعزيز الإيرادات لإسرائيل، وتوفير الطاقة المستقرة لمصر، في وقت يشهد فيه سوق الطاقة العالمي تقلبات كبيرة.