رئيسة موظفي البيت الأبيض: "ماسك" متعاطي مخدرات و"جي دي فانس" يعتنق نظريات المؤامرة
أشعلت سوزي وايلز، رئيسة موظفي البيت الأبيض في إدارة دونالد ترامب الثانية، موجةً واسعة من الجدل السياسي والإعلامي بعد تصريحات حادة وغير مسبوقة استهدفت شخصيات نافذة في عالم السياسة والاقتصاد.
فقد اختارت وايلز، في مقابلة مطولة أجرتها مجلة فانيتي فير، لغة مباشرة وصدامية، ووجهت اتهامات صريحة لإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا ومالك منصة إكس، ووصفت نائب الرئيس جي دي فانس بأنه مؤمن بنظريات المؤامرة.
هذه التصريحات، التي تناقلتها عدة وسائل إعلام غربية أبرزها بلومبرج، لم تمرّ بوصفها رأيًا عابرًا، بل تحولت سريعًا إلى عنوان لنقاش أوسع حول الانقسامات داخل الإدارة الأمريكية وحدود العلاقة بين السلطة السياسية ورجال الأعمال المؤثرين.
هجوم مباشر على إيلون ماسك
في أكثر مقاطع المقابلة إثارة للانتباه، تحدثت وايلز عن إيلون ماسك بلهجة حاسمة، مؤكدة أنه يتحدث علنًا عن استخدامه لمخدر الكاتامين، وواصفة ذلك بأنه سلوك لا ينسجم مع حجم التأثير الذي يتمتع به على المستويين الاقتصادي والسياسي.
ورأت أن وجود شخصية بهذا النفوذ، تتداخل مصالحها مع الدولة في مجالات حساسة مثل الفضاء والطاقة والاتصالات، يفرض معايير أعلى من المسؤولية والانضباط.
وأضافت أن تطبيع الحديث عن تعاطي المخدرات من قبل قادة شركات كبرى يبعث برسائل سلبية، سواء للأسواق أو للرأي العام، ويثير تساؤلات جوهرية حول أهلية هذه الشخصيات للعب أدوار غير مباشرة في توجيه القرار السياسي.
ولم يكن حديث وايلز عن ماسك مجرد انتقاد شخصي، بل حمل في طياته تحذيرًا سياسيًا مبطنًا. فهي ربطت بين سلوكيات الأفراد النافذين واستقرار المؤسسات، معتبرة أن التداخل المتزايد بين رأس المال والتأثير السياسي قد يصبح خطرًا إذا لم تحكمه ضوابط واضحة.
هذه المقاربة فتحت الباب أمام تكهنات حول احتمال توتر العلاقة بين البيت الأبيض وقطاع التكنولوجيا، خصوصًا في ظل اعتماد الحكومة على شركات يملكها أو يديرها ماسك في مشاريع استراتيجية.
انتقاد نائب الرئيس جي دي فانس
لم تقتصر تصريحات وايلز على رجال الأعمال، بل امتدت إلى قلب السلطة التنفيذية نفسها.
فقد وصفت نائب الرئيس جي دي فانس بأنه يتبنى أفكارًا تقوم على نظريات المؤامرة، وهو وصف ثقيل الوطأة في السياق السياسي الأمريكي.
هذا الوصف لا يطعن فقط في توجهاته الفكرية، بل يضع علامات استفهام حول قدرته على بناء توافقات سياسية أو إدارة ملفات حساسة تتطلب قدرًا عاليًا من الواقعية والثقة بالمؤسسات.
وأشارت وايلز، في سياق حديثها، إلى أن انتشار هذا النوع من التفكير داخل دوائر الحكم قد يضعف صورة الإدارة أمام الداخل والخارج، ويغذي الشكوك حول تماسك الفريق الرئاسي.
كما أن توجيه هذا الاتهام من مسؤولة رفيعة المستوى يعكس، وفق مراقبين، عمق الخلافات داخل الإدارة، ويكشف أن التباينات لم تعد محصورة خلف الأبواب المغلقة، بل باتت تطفو إلى السطح عبر وسائل الإعلام.
انتقادات تطال شخصيات أخرى
وسّعت وايلز دائرة انتقاداتها لتشمل شخصيات إضافية داخل الإدارة، ما أعطى تصريحاتها طابعًا شاملًا لا يقتصر على فرد أو اثنين.
فقد وصفت رئيس مكتب الميزانية روس فوت بأنه متعصب يميني متطرف، في إشارة إلى خلافات أيديولوجية حادة حول أولويات الإنفاق والسياسات العامة.
كما انتقدت وزيرة العدل بام بوندي بسبب طريقة تعاملها مع ملفات حساسة تتعلق بقضية جيفري إبستين، معتبرة أن الأداء في هذا الملف لم يرقَ إلى مستوى الشفافية والمساءلة المطلوبين.
هذه التصريحات المتتالية رسمت صورة إدارة تعاني من صراعات نفوذ وتباينات فكرية عميقة، حيث تتصارع رؤى مختلفة حول اتجاه السياسات الداخلية والخارجية، وحول كيفية إدارة العلاقة مع مراكز القوة الاقتصادية والإعلامية.
ردود الفعل الإعلامية والسياسية
أثارت تصريحات وايلز ردود فعل واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية. فقد اعتبر بعض المراقبين أن وصف ماسك بأنه متعاطٍ على نحو معلن قد يفتح نقاشًا قانونيًا وأخلاقيًا حول تأثير سلوك القادة الاقتصاديين على الأسواق وعلى السياسات العامة.
ورأى آخرون أن الهجوم على نائب الرئيس يعكس خللًا في الانضباط الداخلي للإدارة، وقد يضعف موقفها في مواجهة المعارضة بالكونجرس.
وفي المقابل، دافع محللون عن وايلز، معتبرين أنها اختارت الصراحة بدلًا من المجاملة، وأنها تسعى إلى فرض حدود واضحة بين الدولة ونفوذ الأفراد، حتى وإن كانوا حلفاء محتملين للرئيس.
وذهب بعضهم إلى أن هذه التصريحات قد تكون محاولة لتعزيز موقعها داخل الإدارة، عبر الظهور بمظهر المسؤولة التي لا تتردد في كشف التوترات الداخلية وتحميل الأطراف المختلفة مسؤولياتها.
وعلى المستوى الأعمق، تكشف تصريحات وايلز عن صراع داخلي داخل إدارة ترامب الثانية بين نهجين: نهج يسعى إلى توطيد التحالف مع رجال الأعمال الكبار والاستفادة من نفوذهم الاقتصادي والتكنولوجي، ونهج آخر يحذر من مخاطر هذا التقارب إذا لم يكن مضبوطًا بمعايير واضحة.
كما أن التشكيك في توجهات نائب الرئيس يضعف صورة القيادة التنفيذية كفريق منسجم، ويثير تساؤلات حول قدرة الإدارة على تمرير أجندتها التشريعية وبناء تحالفات مستقرة.
وتعكس تصريحات سوزي وايلز حالة انقسام حاد داخل الإدارة الأمريكية، وتكشف عن توتر متصاعد بين البيت الأبيض وشخصيات نافذة في السياسة والاقتصاد.
حدّة اللغة المستخدمة، وتعدد الأسماء المستهدفة، يمنحان هذه التصريحات ثقلًا سياسيًا يتجاوز حدود الجدل الإعلامي العابر.
وفي ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الإدارة، قد تتحول هذه التصريحات إلى عامل ضغط إضافي، يختبر تماسك الفريق الحاكم وحدود العلاقة بين السلطة السياسية والنفوذ الاقتصادي في الولايات المتحدة.