صناعة دفاعية مصرية–تركية في طور التشكّل تثير مخاوف تل أبيب| تفاصيل
في تطور جديد يعكس تنامي الشراكة في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية بين مصر وتركيا، أعلنت شركة أسيلسان التركية إحدى أبرز شركات الصناعات الدفاعية في العالم افتتاح مكتب تمثيلي إقليمي لها في مصر تحت اسم “Aselsan Egypt” لتعزيز التعاون المشترك مع مصر والشركاء.
جاء الإعلان من المدير العام للشركة أحمد أكيول بعد مشاركة شركة الصناعات الدفاعية في معرض الدفاع المصري EDEX 2025 في القاهرة، الذي شارك فيه نحو 80 شركة تركية، حيث وصف الخطوة بأنها “فصل جديد” في خدمة الشركاء المصريين مباشرة، مع وجود فيزيائي دائم في البلاد.
ويهدف المكتب إلى تسهيل تقديم الخدمات والدعم الفني للقوات المسلحة المصرية والعملاء المحليين، مع التركيز على تطوير وإنتاج أنظمة دفاعية مشتركة تستفيد من خبرات أسيلسان في الإلكترونيات العسكرية والقدرات التصنيعية المصرية المتقدمة.
وأكد أكيول أن التعاون يشمل توقيع اتفاقيات أولية مع ثلاث شركات مصرية، بهدف تحولها إلى إنتاج مشترك وأنشطة تعاونية طويلة الأمد، مع الإعلان الرسمي عن المنتجات الدفاعية المشتركة خلال النسخة المقبلة من معرض EDEX 2027.
ويعكس هذا التطور الزخم الحالي في العلاقات المصرية-التركية، خاصة في مجال الدفاع مع مشاركة واسعة للشركات التركية في المعرض الحالي، كدليل على عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وسط جهود لتوطين التكنولوجيا الدفاعية وتوفير فرص عمل وتعزيز الاكتفاء الذاتي في المنطقة.
وشهد التعاون العسكري بين مصر وتركيا تطورا ملحوظا منذ 2023، مع عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة وتبادل الزيارات الرئاسية، مما انعكس على مجال الصناعات الدفاعية.
يأتي افتتاح مكتب أسيلسان في مصر ضمن مشاركة تركية قوية في معرض الدفاع المصري EDEX 2025 (1-4 ديسمبر 2025)، وتسعى أسيلسان الشركة التركية الرائدة في الإلكترونيات الدفاعية، لتعزيز الشراكات المحلية للانتقال من التصدير إلى الإنتاج المشترك، مستفيدة من القدرات التصنيعية المصرية المتقدمة في الهيئة العربية للتصنيع وغيرها.
مخاوف إسرائيلية
إلى ذلك، حذر إعلام عبري من تصاعد التعاون العسكري بين مصر وتركيا في مجال تصنيع الطائرة الشبحية KAAN، ما يهدد التفوق الجوي الإسرائيلي مستقبلًا، وقال مراقبون إن التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة يربك موازين القوى الإقليمية بالمنطقة، كما يعمل على تحقيق الاستقرار الذي تسعى إسرائيل لتهديده بشكل كبير في الوقت الحالي.
وحذّرت صحيفة معاريف الإسرائيلية، من أن التعاون العسكري بين مصر وتركيا يدخل مرحلة جديدة وخطيرة، بعد قرار القاهرة الانضمام بوصفها شريكًا كاملًا في مشروع تطوير المقاتلة الشبح التركية (KAAN).
وأكدت الصحيفة أن هذه الخطوة، التي وصفتها بغير المسبوقة، تثير مخاوف متزايدة داخل الأوساط الأمنية الإسرائيلية بشأن مستقبل التفوق الجوي لسلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة، مشيرة إلى أن مصر لم تعد تكتفي باستيراد أنظمة أسلحة جاهزة، بل باتت تشق طريقها إلى قلب صناعة الطيران العسكري المتقدم، بعد أن انضمت رسميًّا إلى المشروع الضخم، الذي تقوده تركيا لتطوير مقاتلة شبح محلية الصنع.
من جانبها، عدّت صحيفة معاريف أيضًا أن هذا التطور «يمثل علامة فارقة في العلاقات بين أنقرة والقاهرة، ويفتح الباب أمام شراكة دفاعية استراتيجية قد تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، خاصة في ظل التقارب الدبلوماسي والسياسي المتسارع بين البلدين، منذ زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة في 2023، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى القاهرة في 2024.
وأوضحت الصحيفة أن انضمام مصر لا يحمل طابعًا رمزيًّا فحسب، بل تداعيات أمنية مباشرة، إذ إنه قد يمنح الدولتين قدرات جوية متطورة، قادرة على اختراق أنظمة الدفاع الإسرائيلية، ما يهدد الوضع الراهن، الذي يمنح سلاح الجو الإسرائيلي تفوقًا نوعيًّا في سماء المنطقة.
ووصفت معاريف الخطوة بأنها عبور تاريخي لمصر، إذ إنها المرة الأولى التي لا تكتفي فيها بشراء طائرات حربية، بل تشارك في تصميمها وتصنيعها، ما يضعها ضمن نادٍ محدود من الدول، التي تمتلك هذه القدرات التكنولوجية المتقدمة.
ووفق تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" فإن الطائرة (كا أن) لم يتم تشغيلها بعد، سواء في القوات الجوية التركية أو أي قوات أخرى، وهي ما تزال في مرحلة الاختبارات الأولية، رغم بدء المشروع من 2023، ومن المقرر أن يتم تصنيع 20 طائرة منها وتسليمها للقوات الجوية التركية في 2028، لأن هناك مشكلة تواجه تركيا، فقد صنعت الجسم الخارجي للطائرة، لكن ليست لديها محركات، وهي تستخدم محركات أميركية حتى الآن في هذه الطائرة، وكانت تسعى للحصول على محركات بريطانية، لكن بريطانيا لم توافق.
وأوضح التقرير أن نجاح مصر وتركيا معًا في إنتاج محركات لتلك الطائرة، سيعزز القوة العسكرية المصرية - التركية، ويواجه سعي الغرب للإصرار على تفوق إسرائيل عسكريًا في المنطقة.
وأشار تقرير الإعلام العبري إلى أن مصر، التي اعتمدت سابقًا على طائرات أميركية مثل F-16، وفرنسية من طراز «رافال»، إضافة إلى صفقات روسية، كانت دائمًا تخضع لقيود صارمة في مجال قطع الغيار والذخائر، وشروط الاستخدام. في المقابل، يمنحها انضمامها إلى مشروع «كا أن» وصولًا غير مسبوق إلى تقنيات حساسة، إذ تنتج تركيا حاليًّا أكثر من 80 في المائة من مكونات الطائرة، بما في ذلك الرادارات المتطورة (AESA)، وأنظمة الحرب الإلكترونية، وأنظمة القيادة والسيطرة.
وأفاد تقرير معاريف بأن هذا التعاون يندرج ضمن استراتيجية مصرية أوسع لبناء صناعة دفاع محلية، تشمل اتفاقيات تصنيع مشترك مع كوريا الجنوبية (مثل مدافع K-9 وطائرات FA-50)، وإيطاليا (فرقاطات بحرية جديدة). فيما تستفيد تركيا من الشراكة عبر توزيع عبء الكلفة الباهظة لتطوير المشروع، الذي تُقدّر تكلفته بما يزيد على 10 مليارات دولار خلال العقد المقبل، فضلًا عن توسيع نطاق سوقها الدفاعية بفضل الموقع الاستراتيجي لمصر ووزنها العربي.