«المليجي بالكمامة».. كواليس مشروع فني وُلد من رحم جائحة كورونا| فيديو
كشف الفنان التشكيلي محمد بسيوني، صاحب اللوحة الشهيرة «المليجي بالكمامة»، عن تفاصيل مشروعه الفني الذي ارتبط بجائحة كورونا، كاشفًا في الوقت ذاته عن تجربة إنسانية قاسية عاشها مع الفيروس قبل الإعلان الرسمي عن تفشيه عالميًا، مؤكدًا أن الألم والخوف والتحوّل النفسي كانت الوقود الحقيقي لهذا العمل الفني المختلف.
الفن الحديث والقوالب التقليدية
أوضح محمود بسيوني، وخلال لقائه في برنامج «أنا وهو وهي» المذاع على قناة «صدى البلد»، أن الفن الحديث لم يعد حبيس التصنيفات الكلاسيكية الصارمة، مشيرًا إلى أن الفنان المعاصر قد تتقاطع أعماله مع أكثر من مدرسة فنية في الوقت ذاته، قائًلا: «في الفن الحديث، قد يتماس شغلك مع البوب آرت أو الرومانسية أو السريالية، وليس ضروريًا أن تحصر نفسك داخل تصنيف واحد»، مؤكدًا أن الحرية الإبداعية باتت سمة العصر، وأن التجربة الإنسانية أصبحت عنصرًا أساسيًا في صياغة العمل الفني.
وفجّر الفنان التشكيلي، مفاجأة من العيار الثقيل، حين أعلن أنه أصيب بفيروس كورونا في وقت مبكر جدًا أثناء تواجده في مدينة شنغهاي الصينية، وقبل الإعلان الرسمي عن تفشي الجائحة عالميًا، وأن عانى أعراضًا غامضة في البداية، ولم يكن يدرك طبيعة المرض، خاصة مع غياب أي تحذيرات صحية آنذاك، مضيفًا: «أصبت بالكورونا بدري جدًا، قبل ما العالم كله يعرف، وكنت فاكرها إنفلونزا عادية».
16 يومًا من المعاناة والعزلة
وأوضح محمود بسيوني، أنه عاش قرابة 16 يومًا من المعاناة الجسدية والنفسية، تأثرت خلالها حركته وحالته النفسية بشكل كبير، مشيرًا إلى أن الصدمة لم تكن في المرض وحده، بل في الإحساس بالتقييد وفقدان الحرية، قائًلا: «أنا شخص معتاد على السفر والحركة المستمرة، وفجأة وجدت نفسي محاصرًا»، موضحًا أن هذا الشعور كان نقطة التحول التي دفعته لاتخاذ قرار حاسم: «إذا كان الحصار مفروضًا، فليكن داخل المرسم».
وأشار فنان تشكيلي، إلى أنه انضم خلال تلك الفترة إلى مجموعة فنية عبر الإنترنت أسستها الفنانة الأردنية هيلدا حياري، حيث بدأ الفنانون من مختلف الدول في عرض أعمالهم ومناقشتها من داخل مراسمهم، في تجربة فنية وإنسانية غير مسبوقة، موضحًا أن المشروع بدأ بشكل بسيط أشبه بـ«اللعب الفني»، حين رسم نفسه مرتديًا الكمامة، ثم انتقل لرسم تماثيل وأيقونات فنية شهيرة مثل نفرتيتي، في محاولة لفهم العالم الجديد الغامض.
الخوف والذاكرة التاريخية
وأكد محمود بسيوني، أن الدافع الحقيقي وراء مشروع «المليجي بالكمامة» كان حالة الخوف التي سيطرت على العالم، إلى جانب المقارنة التاريخية مع وباء الإنفلونزا الإسبانية قبل مئة عام، وأن تشابه الصور، من بشر يرتدون الكمامات وحالة رعب جماعية، جعله يعيد قراءة التاريخ بصريًا، مشيرًا إلى أن الفن هنا لم يكن ترفًا، بل وسيلة لفهم الواقع وتوثيقه.

واختتم الفنان التشكيلي محمود بسيوني، حديثه بالتأكيد على أن لوحته الشهيرة لم تكن مجرد عمل فني، بل شهادة إنسانية على مرحلة عصيبة عاشها العالم، مشددًا على أن الفن الحقيقي يولد غالبًا من رحم الأزمات، ويمنح الإنسان قدرة على المقاومة والتعبير حين تعجز الكلمات.