عمرو هاشم ربيع: نتائج انتخابات النواب 2025 تعكس خللا هيكليا في إدارة العملية السياسية
في قراءة تحليلية لنتائج انتخابات مجلس النواب، قدّم المحلل السياسي الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، تشخيصا لطبيعة النظام الانتخابي، ومخرجاته السياسية، ونتائج الانتخابات، وتأثير كل هذا على شكل البرلمان ودوره، معتبرا أن ما أفرزته الانتخابات يعكس أزمة بنيوية ممتدة في إدارة العملية السياسية والتمثيل النيابي.
وأوضح ربيع، في تصريحات خاصة لـ «الرئيس نيوز»، أن خسارة أحزاب الموالاة عددًا معتبرًا من المقاعد في النظام الفردي، لا يمكن قراءتها باعتبارها مكسبا للمعارضة، بقدر ما تعبر عن إخفاق عام للأحزاب لصالح المرشحين المستقلين، مشيرا إلى أن الإشكالية الحقيقية لا تتعلق بالموالاة أو المعارضة، وإنما بطبيعة النظام الانتخابي ذاته.
نظام الأغلبية يستخدم عمدا للتحكم في تشكيل البرلمان
وأشار إلى أن مصر تطبق ما يعرف علميا بـ "نظام الأغلبية" القائم على قاعدة 50% + 1، سواء في أسلوب الفردي أو ما يطلق عليه خطأ "القائمة المطلقة"، موضحا أن هذا النظام بطبيعته يعزز الشخصنة والاعتبارات العائلية والقبلية، على حساب البرامج السياسية والتمثيل الوطني الشامل، إذ يتحول النائب إلى ممثل لدائرته فقط لا ممثلا للأمة.
وأكد الخبير البرلماني أن هذا النمط من النظم الانتخابية، يستخدم عمدا للتحكم في تشكيل البرلمان، لافتا إلى أن القائمة المطلقة تحديدا تعد أداة مضمونة لضبط تركيبة المجلس، وهو ما يفسر لجوء الدولة إليها على نطاق واسع، رغم أن عدد الدول التي تطبقها عالميا محدود للغاية، وهم 4 دول حول العالم فقط منهم مصر.
وحول مسألة التكتلات داخل البرلمان، أوضح ربيع أن ما يسمى بالائتلافات الانتخابية لا يعد ائتلافا سياسيا حقيقيا، وإنما ترتيب انتخابي مؤقت، مشيرا إلى أن السيطرة العددية لحزب بعينه تفرغ فكرة المشاركة من مضمونها، وتحولها فعليا إلى مغالبة سياسية.
وتطرق ربيع إلى إخفاق الأحزاب في اختيار مرشحين لديهم ثقل اجتماعي حقيقي داخل دوائرهم، معتبرا أن الاعتماد على المال السياسي أو ترشيح شخصيات من خارج النطاق الجغرافي للدائرة أسهم في سقوط العديد من مرشحي الأحزاب، وأظهر عيوب التجربة الحزبية بشكل فج.
وفيما يخص التيارات الإسلامية، رأى ربيع أن نتائج حزب النور لا تعكس بالضرورة وزن الإسلاميين في الشارع، موضحا أن التيار الإسلامي ذاته متنوع ومتفرق، وأن التيار السلفي تحديدا يفضل الوجود المحدود بعيدا عن الصدام أو الظهور المكثف، بينما يغيب تنظيم الإخوان تماما عن المشهد، سواء علنا أو ضمنيا، كما أن الصوفيين يتواجدون ضمن أحزاب أخرى أو مستقلين.
وعن نسب المشاركة، وصفها ربيع بالضعيفة، مرجعا ذلك إلى تكرار العمليات الانتخابية، وشعور قطاعات واسعة من المواطنين بعدم جدوى المشاركة، في ظل برلمان يمتلك صلاحيات واسعة على الورق، لكنها لا تفعل عمليا، ما يضعف الثقة في الدور الرقابي والتشريعي للمجلس.
وانتقد ربيع المناخ السياسي العام، معتبرا أنه انتقل من كونه "مقيد" إلى "مغلق"، وهو ما انعكس على أداء المؤسسات المنتخبة، مؤكدا أن غياب التعددية الحقيقية، وتضييق المجال العام، يؤديان إلى برلمان منقوص الفاعلية، غير قادر على التعبير عن القضايا الحقيقية للمجتمع.
وفي سياق حديثه عن الإشراف على الانتخابات، دعا الخبير البرلماني إلى مراجعة الآليات المتبعة، مشددا على أن النزاهة لا ترتبط بصفة القاضي أو الموظف بقدر ما ترتبط بمنظومة رقابة فعالة، وقواعد واضحة، وفصل المصالح داخل اللجان الانتخابية.
نظام "الكوتات" يحول البرلمان إلى مجلس تمثيل اجتماعي
كما انتقد التوسع في نظام "الكوتات"، معتبرا أنه يفرغ البرلمان من طبيعته السياسية، ويحوله إلى كيان أقرب إلى مجلس تمثيل اجتماعي، بدلا من كونه مؤسسة سياسية منتخبة تعكس التوازنات الحزبية والبرامجية داخل المجتمع.
وختم الدكتور عمرو هاشم ربيع حديثه بالتأكيد أن إصلاح النظام الانتخابي يعد المدخل الحقيقي لإصلاح الحياة البرلمانية، مشددا على أن تبني نظام انتخابي أكثر عدالة وتمثيل، وتوسيع المجال العام، وتعزيز دور الأحزاب، هي شروط أساسية لبرلمان فاعل وقادر على القيام بدوره الدستوري.