موانئ أبوظبي تعتزم إطلاق عرض لشراء حصة أغلبية في شركة تشغيل محطات الحاويات المصرية
أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي عن نيتها تقديم عرض إلزامي نقدي للاستحواذ على نحو 32 في المئة من أسهم شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وهي واحدة من أكبر مشغلي محطات الحاويات في مصر.
الصفقة تأتي بعد شهر واحد فقط من شراء المجموعة الإماراتية 19.3 في المئة من أسهم الشركة عبر صفقة مع الشركة السعودية المصرية للاستثمار، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي. ووفقًا لصحيفة ذا ناشيونال، فإن موانئ أبوظبي ستدفع 22.99 جنيهًا مصريًا للسهم الواحد، أي ما يعادل نحو 0.48 دولار، مع احتفاظ المساهمين الحكوميين بحصصهم الحالية، في خطوة تهدف إلى توسيع عمليات الشركة الإماراتية في مصر وتعزيز حضورها في شرق المتوسط.
وتأسست شركة الإسكندرية لتداول الحاويات عام 1984، وهي مدرجة في البورصة المصرية، وتدير محطتين رئيسيتين في ميناءي الإسكندرية والدخيلة بطاقة استيعابية تصل إلى 1.5 مليون حاوية مكافئة، وبطاقة تشغيلية بلغت 1.07 مليون حاوية مكافئة خلال العام الماضي. هذه الأرقام تعكس أهمية الشركة في منظومة التجارة المصرية، إذ تشكل بوابة رئيسة لحركة البضائع عبر البحر المتوسط، وتربط مصر مباشرة بشبكات الشحن العالمية.
وتحمل الصفقة أبعادًا اقتصادية واضحة، فهي من جهة تعزز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاع الموانئ المصري، وتدعم خطط الحكومة لتحويل الموانئ إلى مراكز لوجستية إقليمية قادرة على المنافسة.
ومن جهة أخرى، تمنح موانئ أبوظبي فرصة لترسيخ حضورها في شرق المتوسط وربط شبكتها العالمية بموانئ مصر، بما يرفع قدرتها التنافسية في إدارة سلاسل الإمداد. الشركة الإماراتية أوضحت أن الاستثمار سيدعم جهودها في تسهيل التجارة عبر هذا الممر الحيوي، وسيعمق شراكاتها ويوسع استثماراتها في مصر التي تعد من أسرع أسواقها الأجنبية نموًا.
ومنذ عام 2022، كثفت موانئ أبوظبي استثماراتها في مصر، حيث دخلت في مجالات الشحن البحري، الشحن والتفريغ، وخدمات الوكالات البحرية. كما تخطط لافتتاح محطة نوتم بورتس سفاجا متعددة الأغراض بقيمة 200 مليون دولار في عام 2027، وهي أول محطة دولية في صعيد مصر. إضافة إلى ذلك، تعمل المجموعة على تطوير محطات سياحية في موانئ البحر الأحمر مثل سفاجا والغردقة وشرم الشيخ، كما وقعت هذا العام اتفاقية لمدة خمسين عامًا لتطوير وتشغيل منطقة صناعية ولوجستية بمساحة عشرين كيلومترًا مربعًا في شرق بورسعيد عند مدخل قناة السويس. هذه المشاريع تؤكد أن مصر أصبحت محورًا أساسيًا في استراتيجية التوسع الإقليمي لموانئ أبوظبي.
ولا يقل البعد الجيوسياسي للصفقة أهمية عن بعدها الاقتصادي. فاستحواذ الإمارات على حصة أغلبية في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات يعكس تزايد النفوذ الإماراتي في البنية التحتية المصرية، خاصة في قطاعات استراتيجية مثل الموانئ والطاقة. كما أنه يأتي في سياق تنافس إقليمي على السيطرة على الممرات البحرية الحيوية المرتبطة بقناة السويس والبحر المتوسط، ما يمنح الإمارات موقعًا متقدمًا في شبكة التجارة العالمية ويعزز مكانتها كلاعب رئيسي في إدارة الممرات البحرية.
ويضيف الوضع المالي للشركة المصرية بعدًا آخر للصفقة، إذ تتمتع بميزانية قوية، حيث سجلت 195 مليون دولار صافي نقدي في يونيو 2025، وبلغت إيراداتها نحو 168 مليون دولار في العام المالي 2024-2025. تمتد أرصفة محطاتها بطول 1.6 كيلومتر، وهي مرتبطة مباشرة بشبكة السكك الحديدية الوطنية، وتتعامل مع شركات شحن عالمية مثل MSC وإيفرجرين وهاباج-لويد. هذه المؤشرات تجعل من الشركة هدفًا جذابًا لأي مستثمر يسعى إلى تعزيز موقعه في سوق الموانئ العالمية.
وتمثل صفقة موانئ أبوظبي للاستحواذ على حصة أغلبية في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات نقلة نوعية في التعاون الاقتصادي المصري–الإماراتي، وتفتح الباب أمام تحولات كبيرة في قطاع الموانئ المصري.