< مصر تطلق قمرا صناعيا من طراز سبنكس على متن الصاروخ الصيني «ليجيان-1 واي 11»
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

مصر تطلق قمرا صناعيا من طراز سبنكس على متن الصاروخ الصيني «ليجيان-1 واي 11»

إطلاق القمر الصناعي
إطلاق القمر الصناعي من طراز سبنكس

في خطوة تاريخية تعكس طموح مصر المتزايد نحو دخول عصر الفضاء، أعلنت وكالة الفضاء المصرية يوم الأحد الخامس عشر من ديسمبر 2025 عن الإطلاق الناجح لقمرها الصناعي الجديد "سبنكس" على متن الصاروخ الصيني ليجيان-1 واي 11، وصولًا إلى المدار المخطط بدقة. 

ويعد هذا الإنجاز العلمي علامة فارقة في مسيرة البلاد في تكنولوجيا الفضاء، إذ بدأ القمر في إرسال إشاراته الأولى، مؤكدًا جاهزيته التشغيلية بعد استكمال كافة مراحل التجميع والاختبارات، وهو ما يعكس قدرة الخبرات المصرية على تنفيذ أنظمة فضائية متكاملة من التصميم والتصنيع إلى الدمج والتشغيل في المدار، وفقا لموقع ستالايت برو.

يأتي إطلاق "سبنكس" في سياق برنامج مصر للأقمار النانوية، ويشكل نقلة نوعية في تاريخ البرنامج الفضائي الوطني الذي بدأ مع إطلاق قمر الاتصالات "نايل سات" في التسعينيات، والذي أتاح السيطرة على البث الفضائي وتعزيز الاتصال الدولي، متبوعًا بسلسلة أقمار الاستشعار عن بعد "إيجبت سات"، حيث أطلق "إيجبت سات 1" عام 2007 و"إيجبت سات 2" عام 2014، بهدف رصد الموارد الطبيعية ودعم الدراسات الزراعية والمائية والتخطيط العمراني. 

ومع "سبنكس"، تدخل مصر مرحلة أكثر طموحًا، إذ لم يعد الهدف يقتصر على الاتصالات أو التصوير الفضائي، بل يشمل بناء قاعدة معرفية وتكنولوجية متكاملة تعزز خطط التنمية المستدامة وتمكن القاهرة من الانخراط في سباق الفضاء الإقليمي والدولي.

ويعمل القمر كمختبر علمي في الفضاء، متخصص في قياس خصائص البلازما في الغلاف الأيوني للأرض، ودراسة العواصف الشمسية والمغناطيسية، مما يسهم في بناء نماذج دقيقة للغلاف الأيوني ودعم أبحاث المناخ. 

ويعكس هذا الجانب العلمي تقدمًا ملموسًا في قدرة مصر على استخدام الأقمار الصناعية لأغراض البحث العلمي المتقدم، بما يتجاوز التطبيقات التقليدية للاتصالات والاستشعار عن بعد. 

كما يظهر المشروع نجاح التعاون بين وكالة الفضاء المصرية والأكاديمية المصرية للبحث العلمي والتكنولوجيا، مما يعكس تنسيق الجهود الوطنية في مجالات البحث والتطوير والابتكار الفضائي.

ويمثل إطلاق "سبنكس" أيضًا خطوة استراتيجية للأمن القومي، إذ يمكن للقمر متابعة الحدود والأنشطة الإقليمية بدقة، ما يعزز القدرات الدفاعية والاستخباراتية لمصر في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد تحولات جيوسياسية مستمرة. 

كما يسهم في إدارة الموارد الطبيعية من خلال مراقبة الأراضي الزراعية ورصد الموارد المائية، وهو أمر بالغ الأهمية في مواجهة تحديات ندرة المياه والتغيرات المناخية التي تؤثر على النيل والدلتا.

بالإضافة إلى ذلك، يدعم القمر التخطيط العمراني والتنمية المستدامة، حيث يوفر بيانات دقيقة لرصد نمو المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، بما يسهم في تحقيق التخطيط الحضري الذكي.

الصاروخ الصيني "ليجيان-1 واي 11" 

ويعكس اختيار الصاروخ الصيني "ليجيان-1 واي 11" عمق التعاون بين القاهرة وبكين في مجالات التكنولوجيا والفضاء، ويؤكد رغبة مصر في تنويع شركائها الدوليين بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على أوروبا أو الولايات المتحدة، ما يعكس تحولات جيوسياسية واستراتيجية على صعيد المنطقة. 

ورغم هذا الإنجاز، لا تزال مصر تواجه تحديات تتعلق بالتمويل المستدام لمشاريع الفضاء، وضرورة تطوير الكوادر البشرية القادرة على تشغيل وإدارة هذه التكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى الحاجة لتحديث البنية التحتية لمراكز الأبحاث ومحطات التحكم الأرضية لتواكب الطموحات الوطنية في الفضاء.

ويحمل اسم "سبنكس" رمزية ثقافية وسياسية واضحة، إذ يرتبط بالهوية المصرية القديمة ويربط الإنجازات الحديثة بجذور الحضارة، ما يعكس قدرة الدولة على الجمع بين التراث والحداثة، وبين الرمزية الثقافية والطموح العلمي. 

ويعد الإطلاق إشارة قوية لمكانة مصر الإقليمية والدولية، ويضعها في صدارة الدول العربية والأفريقية المشاركة بفعالية في سباق الفضاء.

ويمثل "سبنكس" خطوة مهمة في بناء برنامج فضائي متكامل يخدم التنمية والأمن القومي، ويعزز مكانة مصر على الساحة الدولية. 

وبينما يفتح التعاون مع الصين آفاقًا جديدة في مجال البحث والتطوير الفضائي، يظل التحدي الأكبر هو تحويل هذه الإنجازات إلى مشاريع مستدامة وملموسة تسهم في تحسين حياة المواطنين، وتدعم رؤية مصر المستقبلية كدولة رائدة في مجال التكنولوجيا والابتكار، وقادرة على المنافسة في سباق الفضاء الإقليمي والدولي إلى جانب برامج الدول الرائدة في المنطقة.