خلافات عاصفة داخل حزب ترامب حول إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية
منذ مطلع ديسمبر الجاري، تصاعدت الخلافات داخل الحزب الجمهوري حول قضية إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، وهي القضية التي يعتبرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفتاحًا لضمان أغلبية حزبه في انتخابات منتصف 2026.
فبينما نجح الجمهوريون في ولاية تكساس في تثبيت خريطة انتخابية جديدة تمنحهم خمسة مقاعد إضافية، وفقًا لتقرير نشره موقع بوليتكو، سرعان ما اصطدم ترامب بواقع سياسي أكثر تعقيدًا في ولاية إنديانا، حيث رفض قادة الحزب المحليون الانصياع لضغوطه لإعادة رسم الخريطة بما يمنح الجمهوريين مقعدين إضافيين.
المواجهة في إنديانا بلغت ذروتها عندما شن ترامب هجومًا علنيًا على رئيس مجلس الشيوخ المحلي رودريك براي، واصفًا إياه عبر منصة "تروث سوشال" بأنه "ضعيف وجبان".
ووفقًا لمجلة نيوزويك، فإن ترامب اتهم براي بعرقلة مشروع إعادة التقسيم الذي كان سيعزز فرص الجمهوريين في السيطرة على مجلس النواب، محذرًا من أن أي مقاومة داخلية ستفتح الباب أمام تحديات انتخابية من جناح "ماغا" في الانتخابات التمهيدية.
هذا التصعيد كشف حجم الانقسام داخل الحزب، حيث يرى بعض الجمهوريين أن إعادة التقسيم في منتصف العقد قد يضر بصورة الحزب ويعزز اتهامات الديمقراطيين له بتقويض الديمقراطية.
ولم يتردد الديمقراطيون من جانبهم في وصف هذه الخطط بأنها "تلاعب انتخابي سافر".
أما صحيفة يو إس إيه توداي، فقد أوضحت أن الديمقراطيين يعتبرون أن الجمهوريين يسعون إلى ضمان أغلبية مصطنعة في مجلس النواب عبر إعادة رسم الخرائط في ولايات مثل إنديانا وكاليفورنيا، بينما يبرر الجمهوريون هذه الخطط بأنها ضرورية لتحقيق "عدالة انتخابية".
وقد شهدت جلسات الاستماع في المجلس التشريعي المحلي ساعات طويلة من الجدل، حيث تبادل الطرفان الاتهامات حول نزاهة العملية الديمقراطية.
ولكن الضربة الأكبر التى تلقاها ترامب جاءت في 11 ديسمبر، عندما رفض مجلس الشيوخ في إنديانا مشروع القانون المدعوم منه بأغلبية واضحة بلغت 31 صوتًا ضد 19.
ووفقًا لشبكة سي إن بي سي، فإن هذا الرفض مثّل هزيمة كبيرة لترامب، الذي كان يراهن على إنديانا كجزء من استراتيجيته الوطنية لإعادة رسم الخريطة الانتخابية.
أكدت الشبكة أن هذه الخطوة أضعفت موقف ترامب داخل الحزب، وأظهرت أن ليس كل الجمهوريين مستعدين للانصياع لرغباته، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا تمس مباشرة نزاهة الانتخابات.
ولم يقتصر الانقسام على إنديانا وحدها. فأشار تقرير نشره موقع ياهو نيوز إلى أن "حروب إعادة التقسيم" لن تتوقف عند انتخابات التجديد النصفي في العام 2026، بل ستستمر حتى الانتخابات الرئاسية 2028، حيث يخطط الديمقراطيون في ولايات مثل نيويورك لتمرير تعديلات دستورية تسمح لهم بتجاوز لجان إعادة التقسيم المستقلة ورسم خرائط جديدة تمنحهم أفضلية انتخابية.
هذا يعني أن المعركة باتت وطنية الطابع، وأن كلا الحزبين يستخدم أدوات قانونية وسياسية لإعادة تشكيل الخريطة الانتخابية بما يخدم مصالحه.
ومن زاوية أوسع، أوضح تقرير لمنصة إن بي آر إلينوي الإخبارية الأمريكية أن ما يحدث يعكس سباقًا وطنيًا محمومًا بين الحزبين لإعادة تشكيل الخريطة السياسية قبل انتخابات التجديد النصفي 2026.
فبينما عززت تكساس موقع الجمهوريين بخمسة مقاعد إضافية، ردت كاليفورنيا بخريطة جديدة تمنح الديمقراطيين أفضلية مماثلة.
هذا التوازن الهش يجعل من كل ولاية ساحة معركة حاسمة، ويضع مستقبل الأغلبية في مجلس النواب على المحك.
وتكشف لخلافات داخل الحزب الجمهوري حول إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية عن أزمة أعمق تتعلق بمستقبل الديمقراطية الأمريكية نفسها. فبينما يسعى ترامب إلى فرض خرائط انتخابية جديدة تمنح حزبه أفضلية واضحة، يواجه مقاومة من داخل الحزب ومن الديمقراطيين الذين يرون أن هذه الخطط تمثل تهديدًا مباشرًا لنزاهة الانتخابات.
ومع استمرار "حروب إعادة التقسيم" في ولايات عدة، يبدو أن انتخابات منتصف 2026 ستكون اختبارًا حقيقيًا ليس فقط لموازين القوى بين الحزبين، بل أيضًا لقدرة النظام السياسي الأمريكي على الصمود أمام ضغوط التلاعب الحزبي.