توقعات بإبرام إسرائيل اتفاقية الغاز مع مصر قريبًا.. هل خضع نتنياهو للضغط الأمريكي؟| عاجل
تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل تطورًا لافتًا في ملف الطاقة، حيث أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين أن اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر ستُبرم قريبًا جدًا، في غضون أسابيع قليلة، بينما نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مصادر إسرائيلية قولها إن التوقيع قد يتم في غضون أيام.
تفاصيل صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل
وتبلغ قيمة الصفقة نحو خمسة وثلاثين مليار دولار وتمتد حتى عام 2040، وتشمل تصدير ما يقارب مئة وثلاثين مليار متر مكعب من الغاز من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي إلى مصر، وهو ما يعزز مكانة القاهرة كمركز إقليمي لتسييل الغاز وإعادة تصديره إلى أوروبا.
وفقًا لصحيفة أويل برايس المتخصصة في شؤون الطاقة، فإن هذه الاتفاقية تمثل واحدة من أكبر الصفقات في تاريخ قطاع الغاز بشرق المتوسط، وفقا لصحيفة أويل برايس المتخصصة في شؤون الطاقة.
ورغم أهميتها الاقتصادية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الطاقة إيلي كوهين قد أجّلا الموافقة النهائية على الصفقة لفترة طويلة بسبب مخاوف أمنية واقتصادية.
وأوضحت صحيفة جيروزاليم بوست أن هذه التحفظات ارتبطت بضرورة ضمان تلبية الطلب المحلي على الغاز، إضافة إلى القلق من تداعيات أمنية محتملة في ظل الوضع المضطرب في المنطقة. هذا التردد دفع الولايات المتحدة إلى التدخل بشكل مباشر، حيث حثّت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسرائيل على الإسراع في إتمام الاتفاقية، معتبرة أن الصفقة يمكن أن تمهّد الطريق لعقد لقاء علني بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحت رعاية أمريكية.
تقديرات مسؤولين إسرائيليين أشارت إلى أن إقرار الصفقة قد يفتح الباب أمام أول لقاء علني منذ سنوات بين رئيسي مصر وإسرائيل، وهو ما يمنح الاتفاقية بعدًا سياسيًا يتجاوز الجانب الاقتصادي. أحد المسؤولين وصفها بأنها "واحدة من أكثر الصفقات ربحية لإسرائيل"، مؤكدًا أن العوائد المالية ستعزز الاقتصاد الإسرائيلي وتدعم مشاريع البنية التحتية.
لكن الطريق إلى التوقيع لم يكن سهلًا. فقد ألغى وزير الطاقة الأمريكي دان برويليت زيارة كانت مقررة إلى إسرائيل قبل أسابيع، بعد أن رفضت الحكومة الإسرائيلية المضي قدمًا في الاتفاقية آنذاك.
وأوضح كوهين في تصريحات لـ جيروزاليم بوست أن إسرائيل أصرت على ضمان الحصول على سعر عادل للغاز في السوق العالمية، إضافة إلى التأكد من أن الجوانب الأمنية المتعلقة بالاتفاقية قد تمت معالجتها بشكل كامل.
ومن الجانب المصري، ينظر إلى الاتفاقية باعتبارها خطوة استراتيجية تعزز طموحات القاهرة لتصبح مركزًا إقليميًا لتصدير الغاز المسال إلى أوروبا، خاصة في ظل ارتفاع الطلب الأوروبي بعد الحرب في أوكرانيا وتراجع الاعتماد على الغاز الروسي.
مصر تمتلك بالفعل بنية تحتية متقدمة لمحطات تسييل الغاز في إدكو ودمياط، ما يمنحها ميزة تنافسية في إعادة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى الأسواق الأوروبية.
هذا الدور يعزز مكانة مصر كلاعب رئيسي في معادلة الطاقة العالمية، ويمنحها أوراق ضغط إضافية في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
أما في إسرائيل، فالصفقة توفر دخلًا ضخمًا وتؤكد أهمية حقل "ليفياثان" كأحد أكبر حقول الغاز في المنطقة.
لكنها في الوقت ذاته تثير جدلًا داخليًا واسعًا، إذ يخشى بعض السياسيين والاقتصاديين من أن يؤدي تصدير كميات كبيرة من الغاز إلى استنزاف الاحتياطيات المحلية ورفع أسعار الغاز للمستهلكين الإسرائيليين.
هذا الجدل يعكس التوتر بين الرغبة في تحقيق مكاسب اقتصادية سريعة وبين الحاجة إلى ضمان أمن الطاقة على المدى الطويل.
أما الولايات المتحدة، فترى في الاتفاقية ورقة ضغط سياسية واقتصادية، وفقا لخبراء ااكاقة، إذ تعكس رغبتها في تثبيت نفوذها في شرق المتوسط وتعزيز التعاون بين حلفائها في المنطقة.
واشنطن تعتبر أن تعزيز التعاون بين مصر وإسرائيل في مجال الطاقة يساهم في استقرار المنطقة ويحد من النفوذ الروسي والصيني في أسواق الطاقة العالمية.
كما أن الاتفاقية تمنح الولايات المتحدة فرصة لإعادة صياغة التحالفات الإقليمية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
وتبدو الاتفاقية المرتقبة بين إسرائيل ومصر لتصدير الغاز الطبيعي خطوة استراتيجية كبرى بقيمة خمسة وثلاثين مليار دولار، لكنها جاءت وسط ضغوط أمريكية واضحة على حكومة نتنياهو.
وبينما تراها القاهرة فرصة لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة، يواجه نتنياهو انتقادات داخلية حول جدوى الصفقة وتأثيرها على السوق المحلي.
ومع ذلك، فإن الاتفاقية تعكس تحولات عميقة في معادلة الطاقة الإقليمية وتؤكد أن شرق المتوسط بات ساحة رئيسية للصراع والتعاون في آن واحد، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية مع الحسابات السياسية والجيوسياسية في مشهد معقد يحدد مستقبل المنطقة.