صناعة الدواجن في مصر.. قوة اقتصادية بـ 200 مليار جنيه في مواجهة شائعات "السردة"
صناعة الدواجن في مصر
تُمثّل صناعة الدواجن في مصر قطاعًا اقتصاديًا حيويًا ومحوريًا، حيث تُشكّل اللحوم البيضاء نسبة كبيرة من غذاء المصريين نظرًا لتوافرها وتحسّن مؤشرات الإنتاج الداجني خلال الفترات الأخيرة. ومع ذلك، طفا على السطح مؤخرًا الحديث عن انتشار الدواجن المعروفة باسم "السردة" في الأسواق، بالتزامن مع الحديث عن بعض الأمراض، مما وضع هذا القطاع الضخم على المحك في نظر البعض. في هذا التقرير، يفتح "الرئيس نيوز" الملف الشائك لتقديم نظرة تقريرية شاملة مدعومة بالأرقام الرسمية والحقائق الاقتصادية.
قوة الإنتاج والأرقام الصادرة
تُفنّد البيانات الرسمية القلق المتداول، مؤكدة على متانة القطاع وقدرته التنافسية. فبحسب بيانات رسمية أطلع عليها "الرئيس نيوز"، حققت مصر نموًا لافتًا في التصدير، حيث صدّرت دواجن بنسبة نمو 20%، مقتربة من تحقيق 10 ملايين دولار. ويتم هذا التصدير إلى عدد كبير من الدول المتشددة في المواصفات الخاصة بالغذاء، ومن أبرزها الكويت والإمارات وعدد كبير من الدول الأفريقية والأوروبية، بحسب مصدر مسؤول باتحاد مصدري الدواجن.
ويؤكد المصدر ذاته على أن الحالات الفردية لبيع دواجن مخالفة لا يمكن أن تؤثر على صناعة بهذا الحجم الضخم، مشيرًا إلى أن الإنتاج يتراوح ما بين 1.5 و4.5 مليون دجاجة يوميًا، ويعمل بها نحو 3 ملايين عامل. كما كشف تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن نمو إنتاج لحوم الطيور بنسبة 11% خلال عام 2024، ليصل إلى 2.4 مليون طن (وزن قائم)، مقارنة بـ 2.2 مليون طن في 2023. ويعكس هذا النمو التوسع المستمر في الإنتاج لتلبية الطلب المحلي المتزايد وتوفير احتياجات الأسواق الداخلية والخارجية.
استثمارات ودعم حكومي ورقابة دائمة
ويشهد قطاع الثروة الداجنة إشرافًا كاملًا ورقابة دائمة ودعمًا للنمو الاستثماري من قبل وزارة الزراعة. وأكد مصدر مسؤول بالوزارة لـ "الرئيس نيوز" أن حجم الاستثمارات في القطاع يصل إلى 200 مليار جنيه بحسب التقديرات الرسمية. ويوجد في مصر اعتماد لنحو 30 ألف مزرعة تحصل على دعم بيطري وتفتيش وتوفير للأعلاف، كما تتيح الوزارة قروضًا ميسرة للمربين المعتمدين.
وأشار المصدر إلى أن نمو الطلب على التصدير ساهم في رفع كفاءة الإنتاج في مصر ونمو قطاع المصنعات، لافتًا إلى أن تأخر موجة البرد القارس ساهم مؤخرًا في وفرة المعروض، ما دعم خفض الأسعار محليًا.
نظرة المؤسسات الدولية: ثقة في مستقبل الإنتاج
تتفق المؤسسات الدولية على استمرار زخم الإنتاج المصري. وتوقعت مؤسسة فيتش سولشنز ارتفاع إجمالي إنتاج مصر من الدواجن في العام الجاري 2025 بنسبة 4.5%، ليصل إلى 2.09 مليون طن، وهو أعلى مستوى منذ عام 2021. كما توقعت وزارة الغذاء الأمريكية طفرة في الإنتاج الداجني بنحو 4% خلال العام الجاري بعد السيطرة على الأمراض.
تفنيد "السردة" وتحذيرات من افتعال الأزمات
يؤكد الدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، أن "دجاج السردة" هو موضوع شائك بالفعل بعد التحذيرات المتداولة. وأوضح الزيني أن الدواجن السردة، غالبًا ما تكون مريضة ويتم تداولها في الأسواق بأسعار متدنية جدًا، مما يشكل خطرًا على الصحة العامة.
وشدد الزيني على أن الحديث عن نسبة نفوق تصل إلى 30% هو مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة، مؤكدًا أن نسبة النفوق لا تتجاوز 4 إلى 5% فقط، وهو المعدل الطبيعي المعترف به دوليًا. كما أكد أن مدخلات الإنتاج تشهد حالة من الثبات، ولا توجد أزمات حقيقية في الأعلاف أو الأدوية البيطرية.
وأشار الزيني إلى أن الهدف من نشر مثل هذه الأخبار المغلوطة قد يكون التأثير على السوق ورفع الأسعار بشكل مُفتعل، مؤكدًا أن الاستثمار في قطاع الدواجن يتزايد، وهو ما لا يمكن أن يحدث في ظل وجود وباء حقيقي.
المطالبة بمنع تداول الدواجن الحية
وأوضح الزيني أن السبب الرئيسي وراء الأزمة الحالية هو استيراد كميات كبيرة من الدواجن المجمدة من الخارج، مما أدى إلى إغراق السوق المحلي، رغم تحقيق مصر اكتفاءً ذاتيًا وزيادة إنتاجية تصل إلى 20% فوق احتياجات السوق.
ولمواجهة المخالفات الفردية لبيع الدواجن ذات المشاكل الصحية، طالب سامح السيد، عضو شعبة الدواجن، بوضع تشريع أو إجراءات لمنع تداول الدواجن الحية مع تشديد الرقابة من الطب البيطري لاكتشاف المخالفات، مؤكدًا أن القطاع يشهد نموًا كبيرًا في معدلات الإنتاج، ويجب ألا يؤثر وجود مخالفات فردية على الصناعة بأكملها.