أبو الغيط: استخدام إسرائيل التجويع كسلاح في غزة من أبشع جرائم الحرب
شارك الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في أعمال المؤتمر العام الثالث لممثلي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في القاهرة، اليوم الاثنين، بحضور كل من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي والمدير العام لمنظمة (الفاو) الدكتور شو دونيو.
وأكد أبو الغيط خلال كلمته على أهمية هذا الاجتماع الذي يجمع نخبة من المسئولين والقيادات المعنية بواحدة من أخطر القضايا وأكثر التحديات إلحاحًا: الأمن الغذائي.
وقال أبو الغيط إن اجتماعنا يأتي في وقت تواجه فيه المنطقة العربية تحديات غير مسبوقة في مجالات الغذاء والزراعة والموارد الطبيعية، تحديات تتطلب تضافر جميع الجهود وتسريع وتيرة التنسيق لإيجاد حلول فعّالة وشاملة.
وأضاف أنه لا زالت الفجوة الغذائية في العالم العربي من الأكبر عالميًا، إذ تستورد المنطقة العربية أكثر من نصف حاجتها من الغذاء من الخارج، وفي بعض البلدان العربية تصل النسبة إلى 90% وتُفاقم آثار التغير المناخي، بما في ذلك ظواهر الجفاف والتصحر وارتفاع درجات الحرارة، من حدة الفجوة الغذائية، مشيرا أن يظل الفقر المائي المشكلة الأخطر فهناك 19 دولة من أصل 22 دولة عربية تُصنف ضمن الدول التي تعاني من ندرة المياه وهناك 13 دولة عربية تُعاني من شح مائي مُطلق بما يضع ضغوطًا إضافية على منظومة إنتاج الغذاء.
وأشار إلى أن أكثر من 55 مليون نسمة في العالم العربي يعانون من نقص التغذية، مؤكدا أن غني عن البيان ما أفضت إليه الأزمات الممتدة والنزاعات المُسلحة في عدد من البلدان من أوضاع كارثية فيما يتعلق بتوفر الغذاء، ومشيرا إلى الأزمة في بلد مثل اليمن، الذي يعاني أكثر من 24 مليونًا -أي 80% من السكان- من انعدام الأمن الغذائي بسبب الحرب المستمرة منذ 2014 فضلًا عن نقص المياه والجفاف،و أيضا في السودان يُعاني الملايين انعدام الأمن الغذائي الحاد جراء الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 فيما تعرضت مشروعات زراعية واعدة ومحورية، مثل مشروع الجزيرة، لما يُشبه الانهيار.
وقال أبو الغيط: أما في الصومال، تُعاني البلاد من موجات جفاف شديدة ونادرة الحدوث منذ 2020 تسببت في نفوق الماشية وتلف المحاصيل بما يُهدد حياة نحو 4.4 مليون إنسان بالجوع الشديد وسوء التغذية الحاد.
وأوضح أن النزاعات والأزمات المُسلحة تظل واحدًا من أكبر مُسببات انعدام الأمن الغذائي في العالم العربي، مشيرا للوضع المأسوي الذي يعيشه أكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة بعد عامين من حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل، حيث استُخدم التجويع سلاحًا ضد السكان، وهذا من أبشع جرائم الحرب، كما تم القضاء على كافة مصادر إنتاج الغذاء، كجزء من مخطط شيطاني لجعل غزة غير قابلة للحياة ودفع سكانها لمُغادرتها.
ودعا إلى دخول المساعدات للسكان بشكل مُستدام، وبدون عوائق وبرفع كل القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المواد الغذائية والإنسانية اللازمة لإعاشة الفلسطينيين في غزة.
و قال أبو الغيط إن السنوات الأخيرة بما شهدته من أزمات عالمية، مثل وباء كورونا ثم الحرب في أوكرانيا، أثبتت أن تحقيق الأمن الغذائي على نحو مستدام هو أولوية من أولويات الأمن القومي العربي. وأن هذا الأمن لا يُمكن تحقيقه سوى عبر عمل جماعي متضافر يربط بين منظومات ثلاث لا انفصام بينها: الغذاء والمياه والطاقة، مؤكدا أن المطلوب هو تأسيس منظومة راسخة تضمن توفر إمدادات الغذاء حتى خلال الأزمات، وبأسعار مناسبة للمواطنين.
كما أكد أن جامعة الدول العربية تضع دائمًا الموضوعات ذات الصلة بمواجهة تحديات الأمن الغذائي في مقدمة أولوياتها واهتمامها، حيث تسعى الجامعة العربية للانخراط في مواجهة هذه التحديات من خلال الانضمام وتنفيذ برامج ومبادرات عديدة في القطاع الزراعي،من بينها مبادرة الغذاء والزراعة للتحول المستدام التي أطلقتها مصر خلال رئاسة مؤتمر الأطراف Cop27 عام 2022 بشرم الشيخ، بهدف بناء وتعزيز القدرات لدعم الزراعة والأمن الغذائي في الدول النامية والعربية، بالإضافة إلى الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي، واستراتيجية الدول العربية لحشد التمويل المناخي 2030، وغيرها من المبادرات الإقليمية ذات الصلة، داعيا الفاو لدعم تنفيذ أهداف الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي التي اعتمدتها القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الخامسة في العراق في مايو الماضي.