بوادر انتعاش.. عودة خدمة الحاويات إلى البحر الأحمر عبر قناة السويس
شهدت حركة الملاحة البحرية العالمية مؤخرًا مؤشرات إيجابية بعد استئناف بعض خطوط شحن الحاويات الكبرى لخدماتها عبر البحر الأحمر وقناة السويس، عقب فترة طويلة من تحويل السفن لمسارات أطول حول رأس الرجاء الصالح نتيجة التوترات الجيوسياسية والأمنية.
ويعد هذا التطور خطوة أساسية نحو استعادة الكفاءة التشغيلية لأحد أهم شرايين التجارة العالمية، وفقًا لمجلة كونتينر نيوز.
شركة فرنسية عملاقة تعيد اختصار المسارات
أعلنت إحدى شركات الشحن الفرنسية الكبرى عن عزمها تشغيل خدمة إندامكس عبر قناة السويس، وهي خدمة حيوية تربط بين موانئ الهند وباكستان والساحل الشرقي للولايات المتحدة وشرق آسيا.
وأوضحت الشركة أن هذه الخطوة تمثل "مرحلة مهمة نحو العودة الواسعة للملاحة في البحر الأحمر".
ووفقًا للتقديرات، فإن عبور السفن عبر قناة السويس سيقلص زمن الرحلة بمقدار أسبوعين، مقارنة بالمسار الأطول حول رأس الرجاء الصالح، أي ما يعادل نحو 77 يومًا من مدة الرحلة الإجمالية.
وقد وصف كبير المحللين في مركز تحليل الشحن الإعلان بأنه "خطوة مهمة نحو استعادة الملاحة، رغم استمرار بعض الخطوط في استخدام مسار رأس الرجاء الصالح".
كما أضافت الشركة أربع سفن أخرى لخدمة إندامكس ستعبر مؤقتًا عبر قناة السويس قبل بدء التناوب الجديد، بينما تعبر بعض السفن الأخرى شرقًا عبر القناة بالفعل، مع تسجيل عبور رسمي أو مؤقت لسفينتين فقط حتى الآن.
المخاطر الأمنية لا تزال قائمة
على الرغم من التحسن الجزئي، يبقى الوضع الأمني في البحر الأحمر مصدر قلق للشركات. وحذرت شركات شحن أخرى من أن استئناف الخدمات لا يعني بالضرورة استعادة الأمن بشكل كامل.
وأشار محللو السوق إلى أن الشركات ستواصل تقييم المخاطر في مضيق باب المندب، خاصة بعد تضاعف عدد السفن التي غيّرت مسارها في أكتوبر 2023، قبيل تصاعد الهجمات على السفن التجارية.
ومع ذلك، يرى الخبراء أن القدرة على منع الهجمات قد تحسنت، وأن الظروف الحالية تسمح بزيادة السفن المبحرة عبر المنطقة تدريجيًا.
تأثير العودة على أسعار الشحن وإيرادات قناة السويس
من المتوقع أن تؤثر عودة خطوط الشحن بشكل مباشر على السوق العالمية، خاصة إذا اتبعت شركات كبرى مثل هاباج لويد وميرسك نفس الخطوات، ما سيزيد القدرة الاستيعابية للسوق.
تشير البيانات إلى أن السوق يعاني بالفعل من فائض في السعة، حيث انخفضت أسعار الشحن الآجلة من الشرق الأقصى إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة وأوروبا الشمالية بنسبة 57% و53% على التوالي.
وحذر كبير المحللين من أن توسع الاستجابة قد يؤدي إلى انخفاض أكبر في الأسعار، وهو ما قد يقلل هوامش ربح شركات الشحن، رغم استفادة المستهلكين.
كما يمثل استئناف الملاحة دفعة قوية لإيرادات قناة السويس، التي تضررت بشكل ملحوظ جراء تحويل السفن لمسارات أطول خلال الفترة السابقة.