تحذير إيراني: احتجاز ناقلة النفط الإماراتية "تالارا" رسالة للأمريكيين
أعلن الحرس الثوري الإيراني، أمس الإثنين، إن احتجاز ناقلة النفط الإماراتية "تالارا" في خليج عمان كان رسالة للأمريكيين، وكانت قوات الحرس الثوري قد احتجزت الناقلة ونقلتها زوارق مسلحة إلى ميناء بندر عباس، وأكدت السلطات أن الطاقم المكون من واحد وعشرين فردًا بخير.
أوضحت صحيفة "ماريتايم إكزكيوتيف" أن هذه العملية مثّلت أول احتجاز من نوعه منذ أكثر من عام، وأنها جاءت في سياق تصعيد إيراني يهدف إلى إرسال رسالة مباشرة إلى واشنطن وحلفائها بأن أمن الطاقة في مضيق هرمز يمكن أن يصبح رهينة لأي مواجهة.
وأعلنت طهران أنها نفّذت العملية بناءً على أمر قضائي ضد ما وصفته بتهريب البتروكيماويات، لكنها في الوقت نفسه أطلقت تصريحات سياسية أوضحت أن استمرار العقوبات الأمريكية والضغوط العسكرية سيؤدي إلى ردود غير متوقعة.
ونقلت قناة "إيران إنترناشونال" أن مسؤولين إيرانيين غير رسميين شددوا على أن أمن الطاقة لن يبقى مضمونًا إذا استمرت الضغوط، وأن المباني الحيوية في تل أبيب وبعض الدول العربية لن تكون آمنة في حال اندلاع مواجهة شاملة.
وحللت مجلة "ماريتايم هَب" دوافع العملية، وأكدت أن التوقيت يعكس رغبة إيران في الرد على ضربات إسرائيلية وأمريكية استهدفت مواقعها في سوريا والعراق خلال الأشهر الماضية.
وأوضحت أن طهران استخدمت ورقة الملاحة البحرية كأداة ضغط، مدركة أن مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو عشرين في المئة من تجارة النفط العالمية يمثل شريانًا حيويًا للطاقة الدولية. بالفعل ارتفعت أسعار النفط فور الإعلان عن العملية، ما يعكس حساسية الأسواق لأي اضطراب في الخليج.
ومن جانبها، أدانت الولايات المتحدة الخطوة الإيرانية ووصفتها بأنها تهديد غير مبرر للملاحة الدولية، وطالبت بالإفراج الفوري عن الناقلة.
أصدرت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بيانات مشابهة، وأكدت أن حرية الملاحة في الخليج خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
أما الصين والهند فقد تعاملتا مع الحادثة بحذر، إذ ترتبط مصالحهما الاقتصادية مباشرة باستقرار إمدادات الطاقة من المنطقة.
وبعد خمسة أيام من التوتر، أعلنت إيران أنها أفرجت عن الناقلة، مؤكدة أن التحقيقات انتهت دون توجيه اتهامات للطاقم أو الشركة المالكة.
أوضحت صحيفة "ميدل إيست آي" أن الإفراج السريع يعكس أن الهدف لم يكن قانونيًا بحتًا، بل سياسيًا بالدرجة الأولى، إذ أرادت طهران إيصال رسالتها ثم إنهاء الأزمة قبل أن تتفاقم الضغوط الدولية.
وأكد خبراء غربيون أن حادثة "تالارا" تكشف عن قدرة إيران على تعطيل الملاحة الدولية وتهديد أمن الطاقة العالمي إذا أرادت.
وأشاروا إلى أن التلويح بتهديد المباني الحيوية في تل أبيب والدول العربية يعكس رغبة طهران في توسيع نطاق الردع ليشمل أهدافًا غير تقليدية، في رسالة مزدوجة إلى خصومها الإقليميين والدوليين.
وأبرزت الحادثة مجددًا هشاشة أمن الطاقة في الخليج، إذ تحوّلت ناقلة واحدة إلى أزمة دولية خلال ساعات.
هذا الواقع وضع الولايات المتحدة وحلفاءها أمام معضلة صعبة: كيف يواصلون الضغط على إيران مع ضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية؟
وقالت صحيفة ماريتايم هب إن احتجاز "تالارا" لم يكن مجرد حادثة بحرية عابرة، بل رسالة سياسية وأمنية معقدة من طهران إلى واشنطن وحلفائها. الرسالة مفادها أن أمن الطاقة في مضيق هرمز ليس مضمونًا، وأن أي مواجهة مع إيران ستتجاوز ساحات القتال التقليدية لتشمل شريان النفط العالمي والمباني الحيوية في المنطقة.
ومع أن الإفراج عن الناقلة جاء سريعًا، فإن الحادثة ستظل علامة فارقة في مسار التوترات الإقليمية ودليلًا على أن إيران قادرة على استخدام أدوات غير تقليدية في صراعها مع الغرب.