< تصنيف الإخوان منظمة إرهابية يضع السودان أمام منعطف حاسم
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

تصنيف الإخوان منظمة إرهابية يضع السودان أمام منعطف حاسم

الرئيس نيوز

فتح قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية الباب أمام تداعيات واسعة على المشهد السوداني، في بلد يعاني منذ 2019 من هشاشة سياسية وصراعات داخلية بين القوى العسكرية والمدنية. 

الصحيفة البريطانية الإندبندنت أكدت أن هذه الخطوة، التي أثارت جدلًا واسعًا داخليًا وخارجيًا، قد تجعل واشنطن في مواجهة مباشرة مع دول في الشرق الأوسط لا تزال ترى في الإخوان جزءًا من المشهد السياسي والاجتماعي.

خلفية التأثير على السودان

منذ سقوط نظام عمر البشير، كان الإخوان جزءًا من البنية السياسية السودانية لعقود، حيث اعتمد البشير على شبكة من الإسلاميين المرتبطين فكريًا بالجماعة لتثبيت حكمه.

 ومع اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تراجع حضور الإخوان المباشر، إلا أنهم حافظوا على نفوذهم عبر شبكات اجتماعية ودينية واسعة. 

ويضع التصنيف الأمريكي هذه الشبكات تحت ضغط دولي غير مسبوق، ويجعل أي محاولة لعودتهم إلى السلطة محفوفة بالمخاطر.

انعكاسات قانونية ومالية

يترتب على تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية قيود صارمة على الجانب القانوني والمالي. فالأحزاب والجمعيات والشخصيات المرتبطة بالجماعة تصبح عرضة للعقوبات الأمريكية، ما يعرض التمويل الخارجي الذي يعتمد عليه الإخوان للقيود، ويضعف قدرتهم على المنافسة السياسية والحفاظ على وجودهم الاجتماعي في بلد يعاني اقتصاديًا.

أبعاد سياسية داخلية

يمنح القرار خصوم الإخوان ورقة ضغط قوية على المستوى الداخلي. فالجيش السوداني قد يستخدم القرار لتبرير إقصاء الإسلاميين من أي عملية سياسية مستقبلية، في حين يمكن للقوى المدنية المطالبة بحكم ديمقراطي استغلال القرار لتقليص نفوذ الجماعة، خاصة وأنها لطالما اتُهمت بمحاولة السيطرة على مؤسسات الدولة.

انعكاسات إقليمية ودولية

إقليميًا، يدعم القرار مواقف دول الخليج مثل السعودية والإمارات، التي تعتبر الإخوان تهديدًا لأمنها الداخلي، ما قد يعزز التعاون مع الخرطوم لإقصاء الجماعة. 

وفي المقابل، دول مثل قطر وتركيا، التي احتضنت قيادات إخوانية، قد ترى في السودان ساحة للصراع على النفوذ، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.

مخاطر التطرف والانقسام الاجتماعي

يثير التصنيف مخاوف من تطرف مضاد، إذ قد تلجأ عناصر الإخوان المستضعفة إلى أنشطة سرية أو التحالف مع جماعات متشددة، ما يفتح المجال أمام تنظيمات مثل "داعش" أو "القاعدة" لاستقطاب عناصر محبطة، وهو خطر أمني جديد على السودان والمنطقة. 

كما يطرح القرار تحديات اجتماعية تتعلق بالهوية السياسية والدينية، حيث تُعد الجماعة شبكة واسعة من المدارس والمساجد والجمعيات، ما قد يخلق فجوة بين الدولة والمجتمع ويزيد الانقسامات الداخلية.

إعادة تعريف العلاقة مع واشنطن

تصنيف الإخوان كإرهابيين يعيد السؤال حول علاقة السودان بالولايات المتحدة. ففي 2020، فتح ترامب الطريق لإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل دفع تعويضات، ما أتاح فرصًا للحصول على قروض دولية ودعم اقتصادي. 

لكن مشاركة الإسلاميين في الحكومة المقبلة بعد التصنيف قد تعرقل التعاون مع واشنطن وتؤثر على فرص السودان في الدعم الدولي.

تخلص الإندبندنت إلى أن تصنيف ترامب للإخوان يمثل منعطفًا حاسمًا في السودان، إذ يضع الجماعة تحت ضغط دولي غير مسبوق ويمنح خصومها فرصة لإقصائها، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام مخاطر التطرف والانقسام الاجتماعي.

السودان، الذي يقف بين الحرب والسلام، يجد نفسه أمام تحدي إعادة تعريف علاقة الدولة بالإسلام السياسي تحت ضغوط أمريكية وإقليمية متزايدة.