< المخدرات "قاتل صامت" يتسلل في فوضى حرب السودان
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

المخدرات "قاتل صامت" يتسلل في فوضى حرب السودان

الرئيس نيوز

أعلنت تقارير الأمم المتحدة أن الحرب السودانية، التي اندلعت في أبريل ٢٠٢٣، فككت البنية الاجتماعية ودفعت ثلثي السكان إلى حاجة إنسانية حادة. 

ومع استمرار الاشتباكات، كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن البلاد واجهت أزمة موازية تتعلق بانتشار المخدرات بشكل واسع واستخدمتها أطراف النزاع لتمويل القتال. الصحيفة وصفت المخدرات بأنها "قاتل صامت" وتسللت وسط الفوضى وضربت المجتمع من الداخل، ولا تقل فتكا عن القذائف والرصاص.

شبكات التهريب تستغل الفوضى

استغلت شبكات التهريب انهيار مؤسسات الدولة وغياب الرقابة الأمنية وحوّلت الحدود إلى مسارات مفتوحة أمام نشاطها. 

أوضحت تقارير "رويترز" أن المهربين عبروا المثلث الحدودي بين ليبيا ومصر، ونشطوا في دارفور، وتسللوا عبر مناطق شرق السودان، ما جعل الظاهرة عابرة للحدود. 

ذكرت التحقيقات المحلية أن بعض المروجين ارتدوا زيًا عسكريًا، وعكس هذا الوضع حجم الانفلات الأمني وأظهر تداخل تجارة المخدرات مع النزاع المسلح ودعمت العمليات العسكرية.

أكّدت تقارير منظمات دولية أن ضعف الرقابة الأمنية سمح للعصابات أن توسع نفوذها وتنظم شبكاتها بسرعة. الحرب نفسها خلقت بيئة جاهزة لازدهار اقتصاد غير مشروع، واستغلت الميليشيات هذا الوضع لتعزيز سيطرتها على مناطق استراتيجية وفرضت قوانينها الخاصة على السكان المحليين.

المجتمع السوداني يدفع الثمن

تغلغلت المخدرات في المدارس والبيوت واستهدفت الشباب الذين يشكلون غالبية السكان. رصدت التقارير المحلية ارتفاع معدلات الجريمة والعنف الأسري نتيجة الإدمان، بينما الأسر السودانية كافحت يوميًا للحفاظ على تماسكها. 

وصف ناشطون محليون الوضع بأنه "حرب داخلية" والتهم المجتمع كما التهم الحرب المقاتلين في الجبهات. أظهرت الاستطلاعات الميدانية أن كثيرًا من الشباب ارتبطوا مباشرة بتجارة المخدرات أو أصبحوا مستخدمين لها، وزاد هذا الوضع معدلات الانحراف والانخراط في أعمال غير قانونية.

وحذرت الأمم المتحدة من أن انتشار المخدرات وسط غياب الدولة عمّق التصدعات الاجتماعية وعقّد أي محاولة لإعادة بناء النسيج الاجتماعي. 

أوضحت الدراسات المحلية أن الإدمان زاد معدلات الانتحار والعنف داخل الأسر، وأجبر المجتمع المدني على تطوير برامج تدخل عاجلة لحماية الأطفال والمراهقين.

اقتصاد الحرب يتغذى على المخدرات

أكدت الصحيفة نقلا عن تقارير محلية ودولية أن أرباح تجارة المخدرات دخلت مباشرة في تمويل النزاع ودعمت عمليات شراء السلاح. حوّل المهربون المكاسب إلى ذهب أو عملات أجنبية، ثم اشتروا بها السلاح وموّلوا خطوط الإمداد للميليشيات.

 ذكرت تقارير "رويترز" أن أطراف الصراع استخدمت تجارة المخدرات لتعزيز نفوذها وشراء الولاءات في مناطق سيطرتها، وجعلت المخدرات جزءًا أساسيًا من ميزان القوى داخل الحرب.

ومع استمرار انهيار مؤسسات الدولة، اكتسبت تجارة المخدرات طابعًا أكثر تنظيمًا ورفعت احتمال تحول السودان إلى مركز إقليمي لتجارة المخدرات. هذا الوضع أضعف الاقتصاد الرسمي وقلّص قدرة الحكومة على جمع الموارد الضرورية لتحقيق السلام أو التنمية المستدامة.

الخطر يمتد إلى الإقليم والدول المجاورة

فرضت شبكات التهريب تهديدًا مباشرًا على دول الجوار. أكدت تقارير "رويترز" وبيانات أممية أن تدفقات المخدرات قد تصل إلى مصر وليبيا ودول القرن الإفريقي إذا بقيت الحدود بلا رقابة.

هذا التوسع وسّع دائرة الخطر ووضع جهود السلام أمام تحديات إضافية، بينما المجتمع الدولي راقب مسارًا يربط بين انهيار الدولة وصعود الجريمة المنظمة.

 أظهرت التقارير الميدانية أن هذه الظاهرة قد تؤدي إلى انتشار النزاعات المحلية على طول الحدود وخلقت بيئة ملائمة لنشاط الجماعات المسلحة العابرة للحدود.

حرب صامتة توازي القتال المسلح

تقدمت تجارة المخدرات جنبًا إلى جنب مع السلاح، وغذّت النزاع وفتكت بالمجتمع في الوقت نفسه. دفع استمرار هذه الظاهرة السودان نحو التحول إلى بؤرة إقليمية لعبور وتوزيع المخدرات، وعرقل أي مسار لإعادة بناء الدولة أو إحياء التسوية السياسية. 

تقدمت المخدرات خطوة بخطوة لتصبح أحد أخطر أسلحة الحرب وأكثرها قدرة على تمزيق المجتمع بصمت، بينما شبكات التهريب واصلت توسيع سيطرتها على المناطق المحررة وساهمت بشكل مباشر في استمرار دورة العنف والفوضى.