"الغرفة 7": كيف تحولت مدرسة السلام الدولية إلى "مقبرة البراءة"؟.. تفاصيل اعتداء 4 موظفين على 5 أطفال
تفاصيل اعترافات ضحايا "مدرسة السلام الدولية" الصادمة.. عام من الرعب وهتك العرض وتهديد بـ "السكين" على يد 4 موظفين
هزت واقعة مروعة أركان الأمان داخل إحدى المدارس الدولية المعروفة بمنطقة السلام في القاهرة، بعد أن أمرت جهات التحقيق المختصة بحبس أربعة موظفين (بينهم عمال وفرد أمن) لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامهم بالتورط في وقائع هتك عرض واعتداء جنسي على خمسة أطفال، بينهم ثلاث فتيات وطفلان، لا تتجاوز أعمارهم التسع سنوات.
وتحولت المدرسة، التي كانت رمزًا للبراءة، إلى مسرح لجريمة منظمة استغل فيها المتهمون ثقة وصغر سن الضحايا، مستدرجين إياهم إلى "غرفة مخزن" مظلمة ملتصقة بغرفة السائقين، بعيدًا عن أعين الرقابة.
النيابة تفتح ملف "الغرفة المرعبة": تفاصيل شهادات 5 أطفال وتتبع عمليات بحث للمتهمين عن "كيفية التلذذ بطفل"
في بقعة هادئة على أطراف مدينة السلام، وقفت مدرسة دولية يُفترض أنها واحة للنمو والتعليم. كانت نوافذها الكبيرة تستقبل ضوء الشمس، وحدائقها تعد بمستقبل مشرق، لكن خلف هذا المشهد المثالي، كان هناك ظلام كثيف يبتلع براءة خمسة أطفال، لم يتجاوز أكبرهم التاسعة من عمره. اكتشف أولياء الأمور فجأة أن الحماية التي دفعوا ثمنها ليست سوى وهمًا، وأن أبواب المدرسة كانت تغلق على قصص رعب تتجاوز أسوأ الكوابيس.
هذا ليس مجرد بلاغ جنائي عابر، بل هو فضيحة مجتمعية كشفت ضعف الرقابة ونظامًا أمنيًا منهارًا سمح لـ 4 موظفين بالتحول إلى وحوش بشرية، استدرجوا الأطفال بالحلوى لـ "غرفة مخزن" معزولة، وحولوا التعليم إلى كابوس التهديد بالسلاح الأبيض.
كان المتهمون (بينهم عمال نظافة، فني كهرباء، وفرد أمن) يستغلون سذاجة الأطفال ويقدمون لهم "الحلوى" لإبعادهم عن الأنظار، واستدراجهم إلى مكان الجريمة في غرفة مخزن مظلمة ملتصقة بغرفة السائقين، بعيدة عن الفصول وكاميرات المراقبة الرئيسية.
و أكد الأطفال أن المتهمين كانوا يهددونهم بـ "سكين" حادة لمنعهم من الإفصاح عما يحدث، مما يفسر صمتهم الطويل.
الصدمة كانت عندما أشارت شهادة أحد الأطفال إلى أن هذه الأفعال بدأت منذ عام كامل بالتحرش البسيط وتطورت لتصل إلى هتك العرض والاغتصاب.
كيف انهار ستار الأمان؟ شهادة الأم والنزيف
لم تكن أقوال الأطفال الخمسة أمام جهات التحقيق مجرد شهادات، بل كانت سردًا متقطعًا ومؤلمًا لكابوس عاشوه خلف جدران يفترض أنها آمنة. حاولت النيابة التعامل معهم بأقصى درجات اللطف، حيث سأل وكيل النيابة الطفل "ي" عن أحلامه، فجاء رده صادمًا وعميقًا: "نفسي أبقى ضابط علشان أقبض على المجرمين". هذه الجملة كانت مفتاحًا لفتح صندوق الرعب.
الطفل "آ": صرخات الرفض تكشف المستور
بدأت الخيوط تتجمع عندما بدأت الأم تلاحظ التغيرات السلوكية على طفلها "آ". لم يكن يرفض مجرد ارتداء الملابس، بل كان يرفض جزءًا من واقعه الجديد:
تقول الأم: "عندما سألناه، كان يصرخ ويرفض الكلام. أربعة أيام ونحن نضغط عليه بلطف، حتى نطق أخيرًا بوصفه للمكان والشخص. قال إن 'العم المرعب' كان يأخذه هو وزميله 'م' إلى مكان أسماه 'الغرفة المرعبة'، مكان مظلم قرب الألعاب.
غرفة كانت تخفي شرًا لا يمكن لطفل أن يفهمه. لم يكن يعي تمامًا ما يحدث، ولكنه كان يدرك أنه ألم ورعب لا يجب أن يقع".
شهادة "آ" هي التي ربطت الفعل بالشخص والمكان، وبدأت تكشف عن نظام كامل للاستدراج يعمل في الخفاء منذ عام كامل.
الطفل "ي": شهادة الخوف والبطولة
الطفل "ي" كان الأكثر جرأة في سرد التفاصيل المروعة، على الرغم من انهياره النفسي:
روى "ي" لوكيل النيابة أن المشتبه به، الذي تعرف عليه لاحقًا بقميصه الأزرق، كان يتبع أسلوبًا منظمًا: "كانوا بيعطوني حلوى عشان أروح معاهم... وبعدين كان بيربط إيدي بحبل من ورا ظهري ويضع لاصقًا على وشي". هذه التفاصيل الدقيقة عن التقييد والكمّ أظهرت العمد في الجريمة والرغبة في السيطرة الكاملة على الضحية ومنعه من الصراخ.
النقطة الأكثر إثارة للرعب كانت سلاح التهديد: "كان بيمسك سكين، وبيقول لي لو قلت لحد هيوجعك بيها". لقد استغل الجناة التهديد المادي المباشر لحبس صرخاتهم وقطع الطريق على الإبلاغ.
عندما عُرض المتهمون على الطفل "ي"، لم يستغرق الأمر ثواني حتى تعرف على أحد الموظفين. ووفقًا لأقارب الطفل، كانت اللحظة مروعة: "أول ما الولد بص للراجل، برق له بنظرة قوية لدرجة إن والدته صرخت فيه وانهار الابن بالبكاء والصراخ". هذا الانهيار لم يكن مجرد خوف، بل كان تفجرًا للصدمة المكبوتة.
الفتيات الـ 3: التكرار المرير والوصف المشترك
أقوال الفتيات الثلاث أكدت النمط الإجرامي ذاته، من تكرار الاستدراج، أكدن جميعًا أن المتهمين الأربعة كانوا يتناوبون على استدراجهم إلى المخزن المظلم، وأن الحلوى كانت الطعم الأساسي.
وقد تطابقت أقوالهن في وصف كيفية حدوث الاعتداء، وأشرن إلى أن الأمر لم يكن حادثًا فرديًا بل سلسلة من الأفعال تكررت مع أكثر من طفل.
عام من الرعب الخفي
أحد أهم ما كشفته الأقوال هو أن الجريمة لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت اعتداءً منظمًا استمر لمدة عام كامل. بدأ الاعتداء باللمسات، ثم تطور تدريجيًا، مما يشير إلى أن الموظفين شعروا بالأمان التام لعدم وجود رقابة أو اكتشاف، وهو ما زاد من جرأتهم.
هذه الشهادات تُعد حجر الزاوية في ملف الإدانة، حيث أنها صادرة عن أطفال لا يمكن أن تتفق رواياتهم التفصيلية والدقيقة بهذا الشكل إلا إذا كانوا يتحدثون عن حقيقة عاشوها.
الملاحقة والقبض على "وحوش الاعتداء على الأطفال"
عقب البلاغات المتعددة، تحركت أجهزة الأمن بالقاهرة بسرعة. تحولت جهود البحث والتحري إلى سباق ضد الزمن لجمع الأدلة وتأمين الأطفال.
تحريات المباحث وأدلة الإدانة.." كيفية التلذذ بطفل"
و نجحت فرق المباحث في ضبط الموظفين الأربعة المتورطين بناءً على الأوصاف التي أدلى بها الأطفال.
وفي خطوة حاسمة، أمرت النيابة بتفتيش هواتف المتهمين. وقد كشفت التحقيقات عن عمليات بحث إلكترونية لأحدهم عن عبارات مرعبة مثل "كيفية التلذذ بطفل" و "كيفية التعامل مع طفل..."، مما يؤكد النية الإجرامية المسبقة.
و عرضت النيابة المتهمين على الأطفال، حيث تعرف الطفل "ي" على أحد الجناة، وشهدت القاعة مشهدًا مؤثرًا عندما انهار الطفل بالبكاء والصراخ فور رؤيته للمتهم.
و تحفظت المباحث على غرفة المخزن التي شهدت الوقائع، وقامت بـ تفريغ جميع كاميرات المراقبة الخاصة بالمدرسة لمراجعة حركة المتهمين والأطفال.
إجراءات قضائية حاسمة
وجهت جهات التحقيق تهمة هتك العرض والاعتداء الجنسي، وأمرت بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات. كما أمرت النيابة بإجراء كشف طبي دقيق على جميع الأطفال الضحايا لتأكيد الإصابات وتوثيق الوقائع.
و تم استدعاء مدير المدرسة وكبار المسؤولين لسماع أقوالهم حول الإهمال في الرقابة على العمال والأمن، وتحديد مدى مسؤوليتهم عن توفير بيئة آمنة للأطفال.
وقد جرى اصطحاب المتهمين إلى المدرسة لتمثيل تفاصيل الجريمة في موقع الحادث، وهو إجراء حاسم لكشف كافة الملابسات الخفية.
ما بعد الصدمة.. دور المجلس القومي للطفولة
هذه الجريمة لا تنتهي بانتهاء التحقيقات، فالأثر النفسي على الضحايا قد يستمر لسنوات.
لذلك، كان قرار النيابة بتكليف المجلس القومي للطفولة والأمومة بمتابعة الحالة النفسية للأطفال أمرًا بالغ الأهمية. يقوم المجلس حاليًا بإعداد تقارير نفسية تفصيلية للوقوف على مدى تأثير الحادث على الأطفال لضمان حصولهم على الدعم النفسي والعلاج التأهيلي اللازم.
من يحمي أطفالنا داخل أسوار المدارس؟
تفتح قضية "مدرسة السلام الدولية" الباب على مصراعيه لتساؤلات مجتمعية وقانونية ملحة حول، كيف تم توظيف عمال دون تدقيق نفسي وجنائي كافٍ في مؤسسة تعليمية؟
هل كاميرات المراقبة كافية؟ ولماذا كانت "غرفة المخزن" نقطة عمياء خارج نطاق الرصد؟، و ما هو دور المدارس والمجالس القومية في توعية الأطفال بـ "قواعد الجسد الآمن"؟
وتبقى الأنظار معلقة على قرار جهات التحقيق النهائي بإحالة المتهمين للمحاكمة، على أمل أن يكون الحكم رادعًا وصرخة مدوية لإنهاء هذا النوع من الجرائم التي تلطخ أقدس الأماكن.