< الفريضة الغائبة.. عزوف الشباب في الاستحقاقات الانتخابية من 2011 حتى 2025
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

الفريضة الغائبة.. عزوف الشباب في الاستحقاقات الانتخابية من 2011 حتى 2025

الرئيس نيوز

بالتزامن مع إجراء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025 لا تزال مشاركة الشباب في الاستحقاقات النيابية واحدة من أكثر القضايا إلحاحا في المشهد السياسي، فغيابهم عن صناديق الاقتراع يعد مؤشرا خطيرا على مستقبل الحياة السياسية الأمر الذي أكده الخبراء السياسيون، مشيرين إلى أن الأزمة تكمن في غياب المنافسة الحقيقية وافتقاد العملية الانتخابية لروح التعددية، ما أفقد المواطنين الحافز للمشاركة، وحول الاستحقاقات إلى مشهد شكلي.

وكشفت دراسة حديثة أجرتها الباحثة شيماء أبو مندور عبد الغني ونشرت في مجلة البحوث الإعلامية، عن محددات عزوف الشباب عن المشاركة في الاستحقاقات النيابية، وعلاقتها بمستويات مشاركتهم السياسية الافتراضية على شبكات التواصل الاجتماعي.

واعتمدت الدراسة على منهج المسح الإعلامي، وتنتمي إلى الدراسات الوصفية، وذلك من خلال مسح عينة قوامها (400) مفردة من جمهور شبكات التواصل الاجتماعي، للتعرف على تأثير تلك الشبكات على العزوف عن المشاركة في انتخابات البرلمان 2020، في الفئة العمرية من (18-40) عامًا بمحافظة القاهرة.

وأشارت الدراسة إلى أن انتخابات مجلس النواب لعام 2020 تُعد ثالث انتخابات تشريعية بعد انتخابات عام 2011 وانتخابات عام 2015، وقد أثبتت النتائج تراجع معدلات المشاركة في التصويت، وارتفاع معدل العزوف السياسي مقارنة بانتخابات مجلس الشعب لعام 2012، حيث بلغت نسبة المشاركة حينها (60%)، إذ بلغ إجمالي عدد المشاركين 27 مليونًا و851 ألفًا و70 ناخبًا من بين 50 مليونًا.

بينما انخفضت نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2020 إلى (14.23%)، وبلغت نسبة العزوف السياسي (85.27%)، كما انخفضت نسبة التصويت في انتخابات مجلس النواب لعام 2020 إلى (29.5%)، وبلغت نسبة العزوف السياسي (70.5%).

كما أوضحت الدراسة ارتفاع معدلات الأصوات الباطلة في انتخابات مجلس النواب لعام 2015 إلى (8.7%)، وفي انتخابات الرئاسة لعام 2018 إلى (7%)، مقارنة بنسبة بطلان (1%) فقط في انتخابات الرئاسة لعام 2011.

عبد الله السناوي: غياب الشباب عن الاستحقاق الانتخابي مؤشر خطر على المستقبل

ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي عبدالله السناوي إن عزوف الشباب عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي مؤشر خطر على المستقبل، إذا لم تكن هناك مشاركة سياسية حقيقية في الاستحقاقات الانتخابية، فإنها تفقد شرعيتها في حقيقة الأمر وتفقد صلتها بأي أمل في المستقبل.

وأضاف السناوي فى تصريح خاص لـ"الرئيس نيوز": نحن أمام أزمة تستحق التوقف عندها والبحث في أسبابها، ويمكن تلخيص أسبابها المباشرة في جملة واحدة: ليست هناك انتخابات حقيقية تُغري بالمشاركة العامة أو تتبنى فيها برامج متنافسة ومرشحين متنافسين، فإذا تم الاعتماد على القوائم المغلقة المطلقة رقم واحد في الفردي الدوائر، فأنت كأنك أمام عملية تعيين للنواب وليس أمام عملية اختيار حر بين مرشحين، وهذا خطأ سياسي فادح له عواقب وخيمة.

وأشار إلى أن السلطة التشريعية أصبحت ملحقة بالسلطة التنفيذية، ما يؤثر على السلطات الأخرى ومدى كفاءتها ومدى استقلالية القضاء، فهناك عواقب كثيرة جدًا. وإذا أراد أحد أن يقول إن هناك انتخابات، فليُلقِ نظرة على التوقيت نفسه لكل الانتخابات الموجودة، فالمصريون تابعوا انتخابات عمدة نيويورك أكثر مليون مرة في أقل تقدير من متابعتهم لانتخابات مجلسي الشيوخ والنواب في نفس اليوم.

وأوضح السناوي أن هناك فرقًا بين أن تكون هناك انتخابات يشوبها العوار من جوانب متعددة، كما في العراق، وبين أن لا تكون هناك انتخابات من أصله. ربما في الريف هناك بعض الإقبال البسيط لدواعي المجاملات، لكنها ليست انتخابات حقيقية.

وأضاف: "منذ عام 2011، حين أُتيحت أمام المصريين فرصة انتخابات نيابية حقيقية، شهدنا طوابير ممتدة أمام اللجان، لأن الناس، خاصة الشباب، استشعروا أن هناك انتخابات حقيقية وأحزابًا ووجوهًا جديدة تطرح نفسها، وكان هناك تنافس حقيقي. بعد 2013، أُفرغت الحياة السياسية من حيويتها وأصبحت القوى المدنية على الهامش، وهذا يمثل خطرًا على نظام الحكم الحالي، لأن خصومه الرئيسيين، الإخوان المسلمون والقوى المدنية التي تريد دولة حديثة، يضعفون أكثر فأكثر".

وتابع السناوي قائلًا: "من الذي سيدافع مستقبلًا عن مدنية الدولة إذا ما تغيرت المعادلات؟ لا أحد يمكنه القول إن الأمن أو البرلمان سيقوم بهذا الدور. نحن بحاجة إلى قاعدة سياسية واسعة لها مصلحة في المستقبل والتعددية لتبقى موجودة، وهذا كلام غائب. وبالتالي نحن لسنا أمام استحقاق انتخابي يقوي المجتمع والدولة، بل أمام نزيف حاد في الشرعية الدستورية والشعبية".

وختم قائلًا: “إذا أراد أحد القول إن هناك إقبالًا، فليقل، لكن لن يصدقه أحد. الناس تصدق ما تراه. نحن أمام وضع غريب وخطر، وهذا تحذير من عواقب وخيمة ربما تقترب منا أكثر من أي تصور، فالمجتمع كله عازف لأنهم معينون بالقوائم”.