< د. محمد فؤاد: الانضمام للقائمة الوطنية أداة تمثيل.. وتوارث المقاعد البرلمانية ليس جريمة بشروط (حوار)
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

د. محمد فؤاد: الانضمام للقائمة الوطنية أداة تمثيل.. وتوارث المقاعد البرلمانية ليس جريمة بشروط (حوار)

الدكتور محمد فؤاد
الدكتور محمد فؤاد

من نائب خدمي إلى مشرّع ورقيب: د. محمد فؤاد يوضح فلسفته في خوض الانتخابات عبر القائمة الوطنية 2025 

- البرلمان القادم يجب أن يكون مساحة للمساءلة وصناعة السياسات لا منصة للخطابات

- نسعى لمعارضة مؤثرة نوعيًا رغم محدوديتها.. والرقابة الحقيقية لا تحتاج إلى شو إعلامي

- الانضمام إلى القائمة الوطنية أداة تمثيل لا تحالف سياسي.. وحزب العدل متمسك باستقلال قراره

- الائتلافات المعارضة تنجح بتبني المواقف.. وتفشل حين تهيمن الشخصنة وتضارب الأجندات

- تزايد رجال الأعمال في البرلمان خطر على التوازن التشريعي.. ونحتاج إلى نائب متفرغ بلا تضارب مصالح

- الإصلاح الاقتصادي قائم على الورق.. لكن التنفيذ ما زال متذبذبًا ومجزأً بين الوزارات

- تعديلات على قوانين المشتريات والمنافسة والدين العام من أولوياتي التشريعية

- اتبنى مشروعات قوانين جديدة: حرية المعلومات، الانضباط المالي، وتمكين الصناعة الصغيرة

- غياب المحليات يُحمّل النواب أعباءً خدمية مرهقة.. والحل في انتخابات محلية عاجلة

- سحب القوانين الحكومية المتكرر نتاج غياب التنسيق وضعف الحوار المجتمعي المبكر

في ظل أجواء الاستعدادات لانتخابات مجلس النواب 2025، تتجه الأنظار إلى عدد من الشخصيات العامة والسياسية التي تمثل مدارس فكرية واقتصادية متميزة داخل المشهد الحزبي. ومن بين هؤلاء يأتي الدكتور محمد فؤاد، عضو المكتب السياسي لحزب العدل، والنائب السابق عن دائرة العمرانية في برلمان 2015، والمرشح الحالي على القائمة الوطنية.

في هذا الحوار، يتحدث د. فؤاد عن رؤيته لدور البرلمان القادم، وملامح أدائه الرقابي والتشريعي، وموقفه من الملفات الاقتصادية والسياسية والهيكلية التي تشغل الرأي العام.

وإلى نص الحوار:

الدكتور محمد فؤاد

بدايةً.. كيف ترى عودتك إلى البرلمان عبر القائمة الوطنية بعد تجربتك السابقة كنائب عن دائرة العمرانية؟

أعلم جيدًا قيمة العمل الخدمي وأهمية التواصل المباشر مع المواطنين، فقد عشت تلك التجربة عندما كنت نائبًا عن دائرة العمرانية في دورة 2015. لذلك أدرك حجم المعاناة التي يواجهها النواب الذين يخوضون الانتخابات على المقاعد الفردية، خصوصًا في ظل غياب المجالس المحلية المنتخبة التي تتحمل جانبًا كبيرًا من المسؤوليات الخدمية.

لكنني اليوم، وأنا أترشح ضمن القائمة الوطنية، أرى أن دوري سيكون مختلفًا؛ فسأتفرغ بشكل كامل للعمل التشريعي والرقابي، وهو الدور الذي يجب أن يكون جوهر الأداء البرلماني الحقيقي بعيدًا عن المطالب الخدمية المباشرة التي تُرهق النائب وتشتته عن مهامه الأصلية.

هناك من انتقد انضمام أحزاب معارضة، من بينها حزب العدل، إلى "القائمة الوطنية" التي تضم أحزاب الموالاة.. كيف ترد على ذلك؟

الانخراط في القائمة بالنسبة لنا ليس شراكة سياسية، بل أداة تمثيل انتخابي تضمن تواجدًا لأصوات مختلفة داخل البرلمان.

موقف حزب العدل واضح: معيارنا هو استقلال القرار، وارتباطنا بملفات وبرامج محددة، لا بتفاهمات شكلية.

هدفنا أن يكون للمعارضة البناءة حضور فعلي داخل قبة البرلمان، بما يخدم المصلحة العامة ويعزز التوازن التشريعي.

كيف ترى خريطة المعارضة داخل البرلمان القادم؟

من حيث العدد، قد تكون المعارضة محدودة، لكن من حيث التأثير يمكن أن تكون قوية إذا ركّزت على الملفات الموضوعية ومارست رقابة مبنية على أدوات حقيقية بدلًا من الخطاب الإنشائي أو المزايدات الإعلامية.

القوة الحقيقية لا تأتي من العدد، بل من القدرة على بناء مواقف مبنية على أدلة وبيانات، وهذا ما سنسعى إليه.

بحكم خبرتك البرلمانية السابقة، كيف تقيّم محاولات تكوين ائتلافات معارضة داخل البرلمان؟ ولماذا تنجح أحيانًا وتفشل أحيانًا أخرى؟

الائتلافات البرلمانية تنجح فقط عندما تتشكل حول قضايا محددة قابلة للقياس، وعندما يكون هناك توزيع واضح للأدوار داخل اللجان النوعية.
أما حين تطغى الشخصنة أو تضارب الأجندات وغياب لغة الحوار المشتركة، فإنها تفشل سريعًا وتتحول إلى تجمعات مؤقتة بلا تأثير فعلي.

الدكتور محمد فؤاد

هل ترى أن استمرار غياب المجالس المحلية يشكل ضغطًا إضافيًا على النواب؟

بالتأكيد. غياب المجالس المحلية يُحمّل النواب مسؤوليات خدمية لا تقع ضمن اختصاصهم التشريعي، وهو ما يرهق الأداء البرلماني ويشوّه فكرة الفصل بين السلطات. ولهذا السبب لم أفكر في خوض الانتخابات على المقعد الفردي هذه المرة.

الحل الجذري هو إقرار قانون المحليات وإجراء انتخابات محلية عاجلة، مع منحها صلاحيات مالية ورقابية حقيقية، إلى جانب إنشاء بوابات رقمية لتلقي شكاوى المواطنين، بحيث تكون المحليات خط الدفاع الأول عن المواطن قبل أن تصل مشكلاته إلى البرلمان.

هناك من يرى أن تزايد عدد رجال الأعمال بين المرشحين ظاهرة قد تؤثر على التوازن التشريعي.. ما تعليقك؟ 

نعم، هذه ظاهرة مقلقة، خاصة في نظام المقاعد الفردية. نحن في حزب العدل ندعم فكرة النائب المتفرغ الذي يمارس عمله البرلماني دون تضارب مصالح، خصوصًا في ظل غياب المحليات المنتخبة.

تمثيل رجال الأعمال أمر مشروع طالما يخضع لقواعد الشفافية وتضارب المصالح، لكن الخطر عندما يتحول المجلس إلى أداة دفاع عن مصالح اقتصادية ضيقة.

وماذا عن ظاهرة توارث المقاعد البرلمانية داخل العائلات السياسية؟

الانتماء العائلي في حد ذاته لا يُجرَّم، فالتنافسية هي المعيار الحقيقي للشرعية الانتخابية.
طالما أن المرشح يخوض الانتخابات في بيئة تنافسية حقيقية ويحظى بثقة الناخبين، فلا مانع من أن يكون من عائلة سياسية.

وبالمناسبة، كان والدي نائبًا من قبل، ولكن في محافظة أخرى تمامًا، ولم يكن لذلك أي تأثير على مسيرتي السياسية أو اختياراتي.

كنت من أبرز المنتقدين للسياسة الاقتصادية خلال السنوات الماضية.. كيف يمكن ترجمة هذا النقد إلى أداء برلماني فعّال؟

الانتقاد وحده لا يكفي، والمطلوب اليوم هو تحويل الرؤى الاقتصادية إلى أدوات رقابية وتشريعية منهجية. رؤيتي تقوم على رقابة مبنية على البيانات لا على الانطباعات.

سأسعى لتفعيل جلسات استماع فصلية تتناول ملفات الاقتصاد الكلي، عبر خرائط دقيقة للمخاطر تشمل الدين العام، العجز المالي، والفجوة الدولارية.

كما أطالب بأن يصدر مع كل قانون له أثر مالي تقرير أثر تشريعي يوضح تأثيره على الموازنة العامة والأسواق.

من المهم أيضًا إلزام الحكومة بإعلان مؤشرات اقتصادية ربع سنوية تشمل الصادرات، والاستثمار، والتشغيل الصناعي، وتعثر الشركات العامة، حتى تكون الرقابة مبنية على أرقام ومؤشرات لا على بيانات جزئية.

ومن الملفات التي أركز عليها بشكل خاص: أسعار الطاقة للصناعة، استراتيجية الدين، إعادة هيكلة الدعم، وتنافسية سلاسل الإمداد، إلى جانب متابعة وتطوير السردية الوطنية الاقتصادية بما يحقق الشفافية والثقة بين الدولة والمواطنين.

الدكتور محمد فؤاد

بصفتك عضوًا في المجلس الاستشاري الاقتصادي لرئيس الوزراء، كيف تقيّم جدية الحكومة في تنفيذ الإصلاح الاقتصادي؟

التوجه الإصلاحي موجود من حيث المبدأ، لكن الإشكالية الحقيقية تكمن في تذبذب التنفيذ.
نلاحظ تقدمًا في بعض الملفات بشكل انتقائي، بينما تتراجع ملفات أخرى بسبب ضعف الشفافية أو غياب تسلسل الأولويات.

ما نحتاجه هو وضوح في الرؤية الاقتصادية على مستوى الحكومة ككل، وليس مبادرات متفرقة لكل وزارة تعمل بمعزل عن الأخرى. الإصلاح لا ينجح إلا بتنسيق مؤسسي ومتابعة دقيقة للنتائج الميدانية.

ما أبرز القوانين التي تنوي تقديم تعديلات بشأنها أو تبني مشروعات جديدة لها؟

لدينا أجندة واضحة تشمل تعديلات على قوانين المشتريات الحكومية، والمنافسة، وقطاع الأعمال العام، وإدارة الدين العام، وكذلك قوانين الضرائب والإجراءات الضريبية.

أما مشروعات القوانين الجديدة التي سأعمل على تبنيها فتتضمن: قانون حرية تداول المعلومات، قانون الانضباط المالي، قانون الإدارة المحلية، إلى جانب وضع إطار قانوني واضح لعقود IPP في مجالي الكهرباء والغاز، فضلًا عن حزمة لتبسيط تراخيص الصناعة الصغيرة التي تمثل عماد الاقتصاد الحقيقي.

شهدنا مؤخرًا سحب بعض مشروعات القوانين الحكومية بعد تقديمها بسبب عوار قانوني أو دستوري.. كيف يمكن تلافي هذه الظاهرة تشريعيًا؟

الأمر له أسباب متعددة، أبرزها غياب خط تشريعي منضبط داخل الحكومة. في كثير من الأحيان تعمل الوزارات في جزر منعزلة، كل منها يصيغ قوانينه بمعزل عن وحدة مركزية تراجع التناغم القانوني العام.

هناك أيضًا ضعف في دراسة الأثر المالي والاجتماعي، فضلًا عن قصور في الصياغة القانونية نتيجة الاعتماد على لجان تقليدية محدودة داخل مجلس الوزراء.

إضافة إلى ذلك، فإن غياب الحوار المجتمعي المبكر يجعل القوانين تظهر للعلن ثم تواجه اعتراضات عامة أو طعونًا دستورية تؤدي في النهاية إلى سحبها.

الحل يكمن في وجود آلية تشريعية مركزية للتنسيق والمراجعة قبل الإحالة إلى البرلمان، مع توسيع نطاق المشاركة المجتمعية منذ المراحل الأولى.

أخيرا.. ما هي طموحاتك اتجاه الدورة البرلمانية القادمة؟

أطمح إلى أن يكون البرلمان القادم مساحة حقيقية للنقاش المسؤول وصناعة السياسات، لا مجرد منصة للخطابات.

هدفي أن نعيد للبرلمان دوره الدستوري في الرقابة والمحاسبة والتشريع الجاد، وأن يكون ممثلًا حقيقيًا لطموحات المواطنين، لا مجرد واجهة سياسية.