مكافحة الإرهاب تفتح أبواب البيت الأبيض أمام الشرع في 10 نوفمبر
في خطوة وُصفت بالتاريخية، يستعد البيت الأبيض لاستقبال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في ١٠ نوفمبر، في لقاء هو الأول من نوعه منذ أكثر من ربع قرن بين رئيس أمريكي ونظيره السوري. ووفقًا لتقرير موقع أكسيوس، فإن العنوان العريض لهذا اللقاء هو مكافحة الإرهاب، حيث تسعى واشنطن إلى اختبار إمكانية بناء شراكة أمنية مع دمشق في مواجهة التحديات المتصاعدة في المنطقة.
أجندة اللقاء: من داعش إلى الاتفاقيات الإبراهيمية
وتكشف التسريبات من أروقة البيت الأبيض، والتي نقلتها وسائل إعلام غربية مثل سكاي نيوز، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطرح على الشرع ثلاثة ملفات أساسية، أولها مكافحة الإرهاب، مطالبًا دمشق بلعب دور مباشر في منع عودة تنظيم داعش إلى الساحة، وهو ما تعتبره واشنطن أولوية أمنية قصوى، وثانيًا، ملف الفصائل الفلسطينية، إذ تستعد إدارة ترامب لدعوة سوريا إلى ترحيل الفصائل التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمات إرهابية، في خطوة تهدف إلى تقليص نفوذ هذه الجماعات في المنطقة، وثالثا: الاتفاقيات الإبراهيمية، أي أن المراقبين يتوقعون من ترامب حثّ الشرع على الانضمام إلى مسار التطبيع مع إسرائيل، باعتباره مدخلًا لتوسيع دائرة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وفقًا للرؤية الأمريكية.
رسائل متبادلة: الاقتصاد مقابل السياسة
الشرع، من جانبه، لن يأتِ إلى واشنطن خالي الوفاض. فقد نقلت المصادر أنه يعتزم أن يعرض على ترامب فتح قطاع النفط والغاز السوري أمام الاستثمارات الأمريكية، في محاولة لكسر العزلة الاقتصادية المفروضة على بلاده منذ سنوات. هذه الرسالة الاقتصادية تحمل في طياتها رغبة دمشق في إعادة التموضع، وربما مقايضة التعاون الأمني بفرص اقتصادية مغرية للشركات الأمريكية.
لكن تقرير أكسيوس يشير إلى اللقاء المرتقب لا يمكن قراءته بمعزل عن السياق الإقليمي الأوسع، إذ تسعى واشنطن لإعادة صياغة سياستها في الشرق الأوسط عبر بوابة مكافحة الإرهاب، بعد سنوات من التردد والتراجع، وفي الأثناء؛ ترى دمشق في اللقاء فرصة تاريخية للخروج من دائرة العقوبات والعزلة الدولية، والعودة إلى طاولة التفاهمات الكبرى.
تحالفات جديدة
قد يساهم انضمام سوريا المحتمل إلى الاتفاقيات الإبراهيمية في إعادة تخطيط موازين القوى، ويضع ضغوطًا إضافية على قوى إقليمية مثل إيران وتركيا، أما عن التوقيت، ولماذا الآن؟ فيبدو أن اختيار ١٠ نوفمبر ليس من قبيل التفاصيل العابرة، بل فهو لحظة تشهد فيها المنطقة تصاعدًا في التهديدات الإرهابية، إلى جانب تحولات في مواقف بعض الدول العربية تجاه إسرائيل.
كما أن إدارة ترامب تسعى إلى تسجيل تقدم دبلوماسي جديد يُحسب لها داخليًا وخارجيًا، وبين الطموح والواقع، وعلى الرغم من الزخم الإعلامي، يراقب الخبراء ما يمكن أن يحققه استقبال ترامب للشرع، وما إذا كان اللقاء يمكن أن يُترجم إلى تفاهمات عملية، إذ تبدو العقبات عديدة؛ وسط انعدام ثقة تاريخي بين واشنطن ودمشق، علاوة على تشابك المصالح الإقليمية، خصوصًا مع وجود روسيا وإيران كحليفين رئيسيين تأمل واشنطن في منحهما لقب "حلفاء سابقين" لسوريا، ولعل من أبرز التحديات والعقاب: الرفض الشعبي والسياسي المحتمل لأي خطوة تطبيع سريعة مع إسرائيل داخل سوريا والمنطقة الأوسع.
ومع ذلك، فإن مجرد انعقاد اللقاء يُعد بحد ذاته اختراقًا رمزيًا، يفتح الباب أمام احتمالات جديدة لم تكن مطروحة قبل سنوات قليلة في لحظة اختبار للشرق الأوسط، فالبيت الأبيض، بفتحه أبوابه أمام الشرع، يبعث برسالة مزدوجة: من جهة، يؤكد أن مكافحة الإرهاب تظل أولوية أمريكية لا يمكن تجاوزها، ومن جهة أخرى، يلمّح إلى أن واشنطن مستعدة لإعادة النظر في علاقاتها مع خصوم الأمس إذا توفرت الظروف المناسبة. أما دمشق، فهي ترى في هذه اللحظة فرصة لإعادة التموضع وكسر العزلة، حتى لو كان الثمن الدخول في مقايضات سياسية واقتصادية معقدة.