< الليلة التي عاد فيها الفراعنة إلى عرش العالم.. كيف رأت الصحافة العالمية افتتاح المتحف المصري الكبير؟
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

الليلة التي عاد فيها الفراعنة إلى عرش العالم.. كيف رأت الصحافة العالمية افتتاح المتحف المصري الكبير؟

الرئيس نيوز

في الأول من نوفمبر، وفي سماء القاهرة المتألقة بأضواء الليزر والألعاب النارية، انطلق صوت الطبول يصدح كأنما يستدعي إرث الملوك القدماء. وكان ذلك لحظة الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير (GEM)، الذي طال انتظاره لأكثر من عقدين، ليصبح أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، وبالفعل؛ مثّل افتتاح المتحف حدثًا ثقافيًا عالميًا، وضع مصر في صدارة المشهد مجددًا. فالمتحف، الذي استغرق بناؤه عقدين وتجاوزت كلفته المليار دولار، حظي بتغطية مكثفة من الصحافة الغربية، التي رأته أكثر من مجرد صرح أثري.

افتتاح المتحف المصري الكبير: عودة الحضارة المصرية إلى عرش العالم في احتفال تاريخي

أشادت شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية بالمتحف باعتباره "أحد أكبر المتاحف في العالم، والأكبر المخصص لحضارة واحدة"، في إشارة إلى ضخامة مشروعه الذي يعرض كنوزًا تمتد عبر 7000 عام من التاريخ المصري. 

وفي السياق ذاته، أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الافتتاح "مفاجئًا للعالم ووضع علم المصريات على خريطة السياحة العالمية". 

كما تناولت صحيفة "الجارديان" البريطانية الأبعاد الاقتصادية، مشيرة إلى أن المتحف يمثل "استثمارًا استراتيجيًا في السياحة والثقافة لتعزيز الاقتصاد المصري".

ومع عرض المجموعة الكاملة للملك الذهبي توت عنخ آمون، وبوقوف تمثال رمسيس الثاني الشاهق في بهو الصرح الثقافي المصري الجديد، يرسل المتحف رسالة حضارية قوية للعالم، لخصتها صحيفة لوموند الفرنسية بالإشارة إليه بأنه "مشروع وطني واستثماري عالمي... يعيد للعالم سحر الحضارة المصرية في ثوب القرن الحادي والعشرين".

ويتجاوز هذا الحدث حدود افتتاح رسمي لمتحف، ليصبح إعلانًا مدويًا عن عودة مصر إلى قلب المسرح العالمي، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في تابوه فني راقص أبطاله من الذهب والحجر لأكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بما في ذلك كنوز توت عنخ آمون الكاملة معروضة لأول مرة، وتطل على أهرامات الجيزة كأنها حارسة أبدية.

أما عن التكلفة، التي تجاوزت مليار دولار أمريكي، والتأخير، على مدار عقود من التحديات السياسية والاقتصادية والفنية، فقد ساهمت في اكتساب يوم الافتتاح أهمية لافتة، وسط حضور قادة العالم ونجوم الإعلام، أصبح المتحف واقعًا ينبض بالحياة، يعد بإعادة إحياء السياحة المصرية وإثارة مخيلة البشرية جمعاء.

وبدأت قصة المتحف المصري الكبير في أوائل الألفية الجديدة، عندما أعلنت الحكومة عن خطط لبناء منشأة عملاقة قرب أهرامات الجيزة. كان الهدف واضحًا: نقل الآثار من المتحف المصري القديم في ميدان التحرير، الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، إلى مكان يليق بتراث حضارة استمرت آلاف السنين. لكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود؛ شهد المشروع تأخيرات متكررة بسبب الثورات السياسية، والأزمات الاقتصادية، والتحديات الفنية في نقل القطع الأثرية الهشة. ووفقًا لشبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية، استغرق البناء أكثر من 20 عامًا، مع تكاليف تجاوزت المليار دولار، مدعومة بقروض دولية واستثمارات يابانية.

وكتبت سي إن إن في تغطيتها للاحتفال: “هذا الوصف يلخص الدراما التي رافقت المشروع، حيث تحول من حلم إلى واقع بعد صراع طويل مع الزمن والظروف، كما أكدت صحيفة الجارديان البريطانية في تقريرها أن المشروع تحدى التأجيلات الأخيرة بسبب التوترات الأخيرة في الشرق الأوسط، بما في ذلك أزمة غزة”.

ويمتد المتحف على مساحة تزيد عن 490 ألف متر مربع، ويضم 12 قاعة عرض رئيسية، بالإضافة إلى حدائق خارجية ومسرح ثلاثي الأبعاد ومتحف للأطفال. أبرز ما فيه هو عرض كنوز مقبرة توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة، بما في ذلك 5398 قطعة أثرية، منها القناع الذهبي الشهير والعرش الملكي، ووصفت هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، عرض الآثار بأنه "مذهل" لدرجة تجعله يحول المتحف إلى "بوابة زمنية لفهم حضارة غيرت وجه العالم".

وعن الاحتفال نفسه، قالت قناة فرانس 24 إنه كان عرضًا فنيًا يجمع بين التاريخ والحداثة، وصعد نحو قمة الإبداع والتنوع الثقافيين. وبدأ باستعراض بطائرات بدون طيار رسمت معًا رموزًا مصرية قديمة في السماء، تلاه عرض موسيقي بقيادة أوركسترا عالمية، ورقصات مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، وحضر الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقرينته، وألقى كلمة أكد فيها أن المتحف "هدية مصر للعالم".  

واستضاف حفل الافتتاح عددًا غفيرًا من القادة الدوليين مثل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ولفتت إلى أن “هذا الحضور الدولي يعكس أهمية المتحف كرمز للتراث الإنساني المشترك، لا سيما في ظل الجدل المستمر حول إعادة الآثار المسروقة من المتاحف الغربية، كما أبرزت قناة France 24 الفرنسية في تغطيتها للاحتفال الفخم الذي جاء بعد تأخيرات متكررة”.

من الناحية الاقتصادية، يُتوقع أن يجذب المتحف 20 ألف زائر يوميًا، مما يعزز السياحة المصرية التي تعرضت لضربات قاسية بسبب الجائحة والتوترات الإقليمية. وتقدر الإيرادات السنوية بملايين الدولارات، مع تذاكر دخول تبدأ من 400 جنيه مصري (حوالي 8 دولارات)، كما أشارت شبكة سي بي إس نيوز الأمريكية إلى أن الافتتاح يمثل "يومًا عظيمًا لمصر وللبشرية"، مضيفة أن تدشين المتحف يأتي في وقت حرج، حيث تسعى مصر لاستعادة مكانتها كوجهة سياحية عالمية، مع التركيز على الاستدامة والتكنولوجيا في عرض الآثار، وهو ما أكدته كذلك صحيفة لوموند الفرنسية في تقريرها عن المتحف كمركز للسياحة المصرية.

وأكدت فرانس 24 أن الرسالة الرئيسية هي حماية التراث، ما يعكس الطموح العالمي للمشروع، الذي يهدف إلى جعل مصر مركزًا للدراسات الأثرية، كما غطت صحيفة CNN الأمريكية كواليس الرؤية المعمارية التي استغرقت عقودًا.

مع افتتاح الأبواب للجمهور، الثلاثاء الموافق 4 نوفمبر، ينتظر العالم رؤية كيف سيغير هذا المتحف فهمنا للحضارة المصرية القديمة. من التماثيل العملاقة إلى المعارض التفاعلية، ويعد المتحف ضيوفه بتجربة غامرة تجمع بين التعليم والترفيه، ويمتد إلى ما وراء مجرد عرض ليصبح جسرًا بين العصور. وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في تغطيتها السابقة عن المشروع أنه "رمز للإصرار المصري"، لكن مع الافتتاح الفعلي، أصبح أكثر من ذلك: هو تحفة تنبض بالحياة تتحدى الزمن، إذ أصبح المتحف المصري الكبير شاهدًا حيًا على عظمة تاريخ لن يموت.

مع انتشار أخبار افتتاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انفجر العالم الرقمي بتفاعلات من مشاهير وخبراء، يعبرون عن إعجابهم بهذا الحدث التاريخي. على منصة إكس (تويتر سابقًا)، شاركت شخصيات بارزة تغريدات بلغات غير العربية، مما أضاف بعدًا دوليًا إلى الاحتفال. 

على سبيل المثال، غردت مها أبو العينين، مؤسسة شركة "ديجيتال آند سافي" ومؤلفة كتب تعد من الأكثر مبيعًا، بالإنجليزية: "اللحظة التي كنا ننتظرها جميعًا قد حانت! متحمسون للاحتفال بالافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير (GEM)! هذه الأعجوبة المعمارية أصبحت أخيرًا جاهزة لمشاركة عجائب مصر القديمة مع العالم"، هذه التغريدة، التي حصدت إعجابات سريعة، تعكس الفرحة الشخصية والوطنية، مع التركيز على الجانب المعماري الذي جعل المتحف تحفة فنية حديثة.

من جهة أخرى، شاركت مجلة "إيه شوت" المتخصصة في السينما، صورًا لنجمات مصريات في الحفل، ومن المشاهير، غردت كريستين زي، الكاتبة الألمانية المتخصصة في الشؤون الملكية الأوروبية.

يذك أن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير (GEM) شهد حضورًا دوليًا رفيع المستوى، ما يؤكد على البعد الدبلوماسي للحدث. وقد تداول النشطاء صورًا تظهر "لمحة أولى من افتتاح المتحف المصري الكبير، بحضور الملك فيليبي، والملك فيليب، والملكة ماري، والملكة رانيا، والأمير ألبيرت"، وهو ما سلّط الضوء على الأهمية السياسية والثقافية التي توليها العائلات المالكة حول العالم لهذا الصرح.