< عاجل| مفجر تسونامي "مستقبل وطن".. هل يكرر أحمد عبد الجواد تجربة صفوت الشريف بالحزب الوطني؟
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

عاجل| مفجر تسونامي "مستقبل وطن".. هل يكرر أحمد عبد الجواد تجربة صفوت الشريف بالحزب الوطني؟

الرئيس نيوز

تتجه الأنظار في الأوساط السياسية والبرلمانية نحو اسم النائب أحمد عبد الجواد، الذي بات يُلقب داخل الدوائر السياسية بـ"الضابط السياسي"، باعتباره أحد أبرز الوجوه الجديدة التي صعدت بسرعة لافتة في المشهد السياسي والحزبي خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبح اليوم أمينًا عامًا لـ حزب مستقبل وطن، الحزب الذي يقود الأغلبية في برلمان 2025.

عبد الجواد.. من الأمن الوطني إلى قاعة البرلمان

على الرغم من خلفيته الأمنية كضابط سابق في أحد الأجهزة السيادية، فإن عبد الجواد تمكن من الانزلاق السريع إلى عالم السياسة، عبر بوابة مجلس الشيوخ، حين خاض انتخابات عام 2020 ضمن القائمة الوطنية التي شكلها حزب مستقبل وطن بالتحالف مع عدد من أحزاب الموالاة والمعارضة.

كان ذلك بعد استقالته من جهاز الأمن الوطني في عام 2019، وهي الخطوة التي فتحت أمامه طريقًا جديدًا، سرعان ما سار فيه بخطوات محسوبة وواثقة.

صعود سريع لـ عبد الجواد على السلم الحزبي

لم يكد يمضي وقت طويل على عضويته في مجلس الشيوخ حتى بدأت عملية تصعيد عبد الجواد داخل حزب مستقبل وطن بوتيرة متسارعة، ففي مارس 2023 تم تعيينه أمينًا للتنظيم ونائبًا لرئيس الحزب، ثم لم تمضِ سوى شهور قليلة حتى وصل إلى مقعد الأمين العام للحزب في سبتمبر 2024، بعد عملية إعادة هيكلة واسعة أطاحت برئيس الحزب السابق أشرف رشاد وعدد من قيادات الصف الأول وأمانات المحافظات.

وقد اعتُبرت تلك التغييرات بمثابة تحول جذري في خريطة الحزب الداخلية، إذ رآها مراقبون بمثابة صراع أجنحة داخل الحزب انتهى بإحكام القبضة الأمنية على مسار الحزب وتنظيمه الداخلي.

حضور عبد الجواد في الحوار الوطني والمفاوضات الحزبية

قرار تثبيت أقدام عبد الجواد في الوسط السياسي سار على عجل، فقد ترأس مجموعة حزب مستقبل وطن التي شاركت في جلسات الحوار الوطني، حيث كان حاضرًا في المناقشات الخاصة بصياغة التوافقات حول القوانين والتعديلات السياسية المقترحة، لينسج شبكة كبيرة من العلاقات الحزبية مع رؤوس الأحزاب الموالية والمعارضة "الأمنة".

وخلال الأشهر الأخيرة، كثّف عبد الجواد جولاته الميدانية لدعم مرشحي الحزب في انتخابات مجلس الشيوخ، لكنه في الوقت نفسه كان يقود من خلف الكواليس مفاوضات مغلقة بشأن حصة الحزب من المقاعد داخل الغرفتين التشريعتين، وسط حديث متصاعد عن تنافس محموم مع حزب "الجبهة الوطنية" الذي وُلد حديثًا في المشهد السياسي.

بعض دوائر الحزب  كان يسيطر عليها تخوف من أن يأتي تأسيس حزب الجبهة الوطنية على حساب مستقبل وطن، خاصة بعد انتقادات علنية من قيادات الجبهة لأحزاب "الكراتين والبطاطين"- في إشارة يفهم مغزاها في المشهد السياسي.

غير أن النتيجة النهائية جاءت لصالح حزب مستقبل وطن، الذي حافظ على نصيب الأسد من مقاعد القائمة الوطنية في مجلسي النواب والشيوخ، إلى جانب عدد معتبر من المقاعد الفردية، بعد مفاوضات شرسة،  بينما حلّ حزب حماة وطن في المركز الثاني والجبهة الوطنية في المركز الثالث.

"تسونامي مستقبل وطن".. الإطاحة برموز الحزب من انتخابات البرلمان

غير أن أكثر ما أثار الجدل حول عبد الجواد كان ما وصفه المقربون من الحزب بـ"تسونامي مستقبل وطن"، وهو موجة الإطاحات الواسعة التي هزّت بنية الحزب قبيل انتخابات برلمان 2025.

فقد تم استبعاد عدد من أبرز قيادات الحزب البرلمانية، من بينهم النائب علاء عابد، رئيس لجنة النقل والمواصلات ونائب رئيس الحزب، والمهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، والنائب سامي هاشم، رئيس لجنة التعليم، والنائب محمد السلاب، رئيس لجنة الصناعة.

هذه الاستبعادات المفاجئة أحدثت حالة من الصدمة داخل أروقة الحزب، وأثارت موجة من التكهنات حول خلفياتها ودلالاتها، حتى أنه يتردد مؤخرًا أنباء تفيد بسفر علاء عابد إلى خارج مصر فور علمه باستبعاده من قوائم الترشيح الجديدة.

وقد فُسرت هذه التحركات بأنها جزء من عملية إعادة تموضع داخل الحزب، يقودها عبد الجواد، مستندًا إلى شبكة علاقات قوية داخل مؤسسات الدولة.

تجربة "الضابط السياسي".. بين صفوت الشريف وعبد الجواد

تجربة أحمد عبد الجواد في الانتقال من جهاز أمني إلى الساحة السياسية ليست جديدة على الحياة الحزبية المصرية، فقد سبقه إلى هذا النموذج عدد من الشخصيات، من أبرزهم صفوت الشريف، الذي انتقل من خلفية سيادية إلى أن أصبح أحد أبرز رموز الحزب الوطني الحاكم، وعضوًا محوريًا في لجنة السياسات ومهندسًا للإعلام الرسمي.

وبينما يرى البعض في عبد الجواد نسخة محدثة من نموذج "الضابط السياسي"، فإن آخرين يعتبرونه امتدادًا لتيار جديد من الأمنيين الذين يتم توظيفهم في الحياة السياسية.

خلفية شخصية وأكاديمية لـ أحمد عبد الجواد

ينحدر النائب أحمد عبد الجواد من محافظة الشرقية، ويحمل ليسانس الحقوق وبكالوريوس العلوم الشرطية، كما حصل على دبلوم في القانون العام.

يشغل عبد الجواد حاليًا منصب نائب رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام، وعضو مجلس الشيوخ المصري.

ويصف المقربون عبد الجواد بأنه هادئ الطباع، حادّ في المفاوضات، ويميل إلى الحسم المؤسسي أكثر من الظهور الإعلامي، رغم أنه كانت له تجربة محدودة في الإعلام قبل دخوله المعترك السياسي.

عبدالله السناوي: خلط الأدوار بين الأمن والسياسة يضر بالدولة والنظام معًا

في تعليق خاص لـ "الرئيس نيوز" حذّر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالله السناوي من خطورة ما وصفه بـ “اختلاط الأدوار بين الأجهزة الأمنية والمجال السياسي”، معتبرًا أن انتقال الضباط السابقين إلى العمل الحزبي أو النيابي يمثل خلطًا في الوظائف يضر بالدولة والنظام السياسي والأمن على حد سواء.

وقال السناوي إن الأصل أن يؤدي كل طرف دوره في مجاله المحدد، ضابط الأمن ضابط أمن، هذه وظيفته، يؤدي واجبه ويُحاسَب إن أخطأ ويُجازَى إن أتقن عمله، والطبيب طبيب، والصحفي صحفي، لكن عندما نخلط هذه الوظائف ونسمح بتداخل الأدوار، نكون بصدد حالة غير صحية في بنية الدولة والمجتمع.

وأضاف أن الظاهرة ليست جديدة في الحياة السياسية المصرية، لكنها تأخذ في بعض المراحل طابعًا أكثر وضوحًا، موضحًا أن (خلط الأدوار) كان قائمًا في عصور سابقة عندما كان الأمن يعمل في خدمة السياسة أو يؤطر المشهد العام من خلف الستار، على غرار ما جرى في حقبة صفوت الشريف وكمال الشاذلي، حيث كانت الأجهزة الأمنية تلعب دورًا موازيًا للحزب الحاكم.

وأكد السناوي أن المشكلة لا تكمن في النصوص أو القوانين، بل في الظرف العام الذي يجعل الأمن مهيمنًا على المجال العام، قائلًا: "من حيث المبدأ لا يوجد ما يمنع ضابطًا سابقًا من ممارسة السياسة بعد تقاعده، لا دستوريًا ولا قانونيًا، لكن المشكلة تكمن في السياق، حين يكون المناخ العام مهيمنًا عليه أمنيًا، فإن دخول عناصر أمنية إلى المجال السياسي يعطي رسالة خاطئة بأنها امتداد للهيمنة الأمنية أو شكل من أشكال تأميم الحياة العامة".

وأشار إلى أن الرؤية الأمنية تختلف جوهريًا عن الرؤية السياسية، وأن الخلط بينهما يؤدي إلى إرباك في إدارة الشأن العام، مضيفًا: "الرؤية الأمنية بطبيعتها تركز على السيطرة والمنع والتقييد، بينما الرؤية السياسية تقوم على التفاوض والإقناع والبحث عن مساحات مشتركة، وعندما تسود الأولى على الثانية، يتضرر المجال العام ويضعف الدور المدني".

واستعاد السناوي نماذج من الماضي للتدليل على فكرته، مؤكدًا أن الأسماء التي برزت في الحياة السياسية المصرية من خلفية أمنية أو تنظيمية كانت تعمل تحت سقف سياسي مرسوم من رأس الدولة، مثل صفوت الشريف وكمال الشاذلي وأحمد عز، موضحًا أن تلك النماذج كانت تتحرك في إطار محدد، لا تتجاوزه، بما يخدم تصور السلطة السياسية آنذاك.

واختتم السناوي تصريحاته بالتأكيد أن خلط الأدوار بين الأمن والسياسة مضر بالبلد والنظام والأمن نفسه، لأنه يكرس فكرة أن المجال السياسي محكوم بالرؤية الأمنية وليس بالعقل السياسي المدني القادر على التعدد والحوار.