< تسريب صور جوازات السفر: أزمة دبلوماسية تكشف هشاشة التنسيق بين سوريا ولبنان
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

تسريب صور جوازات السفر: أزمة دبلوماسية تكشف هشاشة التنسيق بين سوريا ولبنان

الرئيس نيوز

انتشرت خلال الساعات القليلة الماضية على منصات التواصل الاجتماعي صور مسرّبة لجوازات سفر دبلوماسيين سوريين، بينهم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي كان قد زار لبنان قبل بضعة أيام في زيارة رسمية أثارت جدلًا واسعًا. 

وذكرت صحيفة لوريان لو جور أن هذه الصور، التي كشفت بيانات شخصية يُفترض أن تكون محمية بموجب الأعراف الدولية، فجّرت أزمة دبلوماسية بين بيروت ودمشق، وطرحت تساؤلات حادة حول أمن مطار بيروت الدولي، وحول قدرة الدولة اللبنانية على حماية خصوصية الزوار الرسميين.

اشتباك أمني يعيد الذاكرة إلى حقبة النفوذ السوري

الحادثة لم تقتصر على التسريب فقط، بل سبقتها إبان الزيارة مواجهة مباشرة في مطار بيروت بين عناصر من الأمن السوري المرافقين للوزير الشيباني، وجهاز أمن المطار اللبناني. بدأت المواجهة عندما رفض الفريق السوري الخضوع لإجراءات التفتيش الروتينية وخاصة السلاح الشخصي، ما أدى إلى مشاجرات داخل المطار. 

هذا المشهد أعاد إلى الأذهان ما وُصف بـ"الفزعة السورية"، في إشارة إلى ممارسات أمنية كانت سائدة خلال فترة الوجود السوري في لبنان قبل الانسحاب في عام 2005، حين كانت الأجهزة السورية تتصرف بحرية داخل الأراضي اللبنانية دون رقابة تُذكر.

الصور التي التُقطت للوزير الشيباني وهو يغادر المطار وسط حراسة مشددة، أثارت تساؤلات حول طبيعة العلاقة الأمنية بين البلدين، خاصة في ظل غياب تنسيق واضح بين الأجهزة المعنية، ما دفع مراقبين إلى اعتبار الحادثة "مؤشرًا على خلل في السيادة اللبنانية داخل أهم منشآتها الحيوية".

تسريب جوازات السفر: خرق للأعراف الدبلوماسية

الصور المسرّبة، التي شملت جوازات سفر دبلوماسيين سوريين آخرين مثل مدير إدارة التنمية الإدارية أنس البدوي، ومدير إدارة الشؤون العربية محمد الأحمد، أثارت موجة من الغضب في الأوساط الرسمية السورية، وحرجًا بالغًا للسلطات اللبنانية.

ووصف نائب رئيس الوزراء اللبناني طارق متري الحادثة بأنها "انتهاك غير مقبول للأعراف الدبلوماسية"، مطالبًا بفتح تحقيق رسمي في مصدر التسريب.

وتشير التقارير الإعلامية إلى أن التسريب قد يكون قد تم من داخل مطار بيروت نفسه، حيث يُشتبه بتورط موظفين حكوميين في تصوير الوثائق وجوازات السفر ونشرها، ما يضع السلطات اللبنانية أمام تحدٍ قانوني وأخلاقي في حماية خصوصية الزوار الرسميين، خاصة في ظل التوترات السياسية الإقليمية.

تداعيات سياسية وأمنية

الحادثة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية اللبنانية، حيث اعتبرها البعض محاولة لتشويه زيارة الشيباني، بينما رأى آخرون أنها تعكس ضرورة إجراء مراجعات مؤسسية في ضبط الأمن داخل المطار. كما أن توقيت الحادثة، الذي تزامن مع تحركات دبلوماسية سورية لإعادة تطبيع العلاقات مع لبنان، زاد من حساسيتها، خاصة وأنها جاءت بعد لقاء رسمي جمع الوزير السوري برئيس الوزراء اللبناني نواف سلام.

من جهة أخرى، عبّر مغردون سوريون موالون للحكومة عن غضبهم من التسريب، متسائلين عن مدى قدرة لبنان على حماية الوفود الرسمية، في حين اعتبر معارضون أن الحادثة تكشف هشاشة التنسيق الأمني بين البلدين، وتسلط الضوء على التوترات الكامنة خلف الزيارات الدبلوماسية.

أزمة ثقة أم فرصة للمراجعة؟

في ظل هذه التطورات، يبدو أن حادثة مطار بيروت قد تتحول إلى نقطة تحول في العلاقات اللبنانية السورية، إما نحو مزيد من التوتر، أو باتجاه مراجعة جادة لآليات التنسيق الأمني والدبلوماسي. فلبنان، الذي يسعى للحفاظ على استقلالية قراره السياسي، يجد نفسه أمام اختبار حقيقي في مراجعة إجراءات مؤسساته، بينما تسعى سوريا إلى استعادة دورها الإقليمي عبر بوابة بيروت.

تبقى هذه الحادثة مثالًا حيا على كيف يمكن لتفصيل أمني صغير أن يتحول إلى أزمة دبلوماسية قد تكون لها تداعيات أكبر وربما أكثر خطورة، خاصة في منطقة تتداخل فيها السياسة بالأمن، وتُقرأ فيها كل حركة تحت المجهر.