حوار| العميد طارق العكاري: وقف إطلاق النار في غزة يمثل إنجازًا يمكن البناء عليه لإنهاء الحرب بشكل كامل
الخبير الاستراتيجي العميد طارق العكاري لـ"الرئيس نيوز":
- اتفاق شرم الشيخ خطوة مهمة لفتح آفاق جديدة في الشرق الأوسط
- الوساطة المصرية أثبتت قدرتها على تحييد الأطراف المعادية للقضية الفلسطينية
- مؤسسات الدولة المصرية أظهرت جدارتها منذ 7 أكتوبر في إدارة الأزمة الفلسطينية
- مصر هي الطرف الوحيد القادر على إدارة المفاوضات بحكمة ورشد
- الجهد المصري على مدار عامين أعاد تشكيل الصورة الذهنية العالمية عن إسرائيل
- مصر قادت جهود اعتراف الدول الكبرى بالدولة الفلسطينية في المحافل الدولية
- رغم العقبات المحتملة مصر والوسطاء قادرون على نجاح الاتفاق
- نتنياهو يواجه خيارات صعبة بعد فشل أهداف الحرب
- المشهد الإنساني في غزة مؤلم لكنه يشهد صمود الفلسطينيين رغم الدمار
أكد العميد طارق العكاري، المتخصص في الشأن الاستراتيجي والاقتصاد العسكري، أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ يمثل خطوة مهمة نحو فتح آفاق جديدة للشرق الأوسط، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبحضور أكثر من 20 دولة عربية وإسلامية وأوروبية.
وأضاف العكاري في حوار مع "الرئيس نيوز"، أن الوساطة المصرية أثبتت قدرتها على تحييد الأطراف المعادية للقضية الفلسطينية، وإعادة تشكيل الصورة الدولية لإسرائيل، مشيرًا إلى أن القاهرة تواصل إدارة المفاوضات بحكمة لضمان الوصول إلى حل شامل للأزمة.
وإلى نص الحوار…
كيف ترى اتفاق شرم الشيخ الأخير ودوره في فتح آفاق جديدة للشرق الأوسط؟
آفاق جديدة للشرق الأوسط تُفتح اليوم من بوابة شرم الشيخ، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، صاحب القلم الأحمر، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحضور أكثر من 20 دولة عربية وإسلامية وأوروبية. مصر ليست جديدة على دور الوساطة؛ فقد أوقفت التصعيد في العديد من النزاعات السابقة، مثل الانتفاضة عام 2005، وعملية "الرصاص المصبوب" 2008-2009، و"الجرف الصامد" 2014، و"سيف القدس" 2021، و"الفجر الصادق" 2022.
الوساطة المصرية اليوم لا تعني كون مصر طرفًا ثالثًا فقط، بل تمتلك مفاتيح وأدوات حقيقية لتحجيم أي قوة إقليمية، بما في ذلك إسرائيل، التي رغم قوتها العسكرية المحدودة، لا تستطيع مواجهة دول تمتلك جيشًا نظاميًا محترفًا. مصر، بعلاقاتها المتوازنة وقرارها السيادي وقدرتها على بسط نفوذها، قادرة على الضغط على أطراف النزاع وتحييد أي قوة إقليمية وخلق تحالفات جديدة على المستوى الدولي.
كيف تعاملت مؤسسات الدولة المصرية مع تطورات الأزمة منذ السابع من أكتوبر؟
اتبعت جميع مؤسسات الدولة منهجية واضحة منذ السابع من أكتوبر، بدءًا من القيادة السياسية. فقد كشف الرئيس السيسي مخطط التهجير على الملأ، وأكد أن تصفية القضية الفلسطينية خط أحمر.
كما قامت الدبلوماسية المصرية والأجهزة الأمنية بعقد لقاءات مع رؤساء وزراء ووزراء خارجية من مختلف الدول على معبر رفح، بالإضافة إلى التنسيق مع مسؤولين أمميين على رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة. هذا الجهد ساهم في تحييد خصوم القضية الفلسطينية، وجعلهم يلتزمون بموقف داعم، حتى بعضهم اعترف بالدولة الفلسطينية في المحافل الدولية.
ما أثر التحرك المصري الدبلوماسي والإعلامي على صورة إسرائيل في العالم؟
الجهد المصري على مدار عامين أعاد تشكيل الصورة الذهنية العالمية عن إسرائيل. العالم أصبح يرى إسرائيل كما هي، بعزلتها الدولية وضعفها في مواجهة دول ذات سيادة وجيوش نظامية محترفة. في ظل مرور 52 عامًا على هزيمة إسرائيل، لم تشهد المنطقة أي مواجهة عسكرية مباشرة لدولة قوية ضدها.
ما أهمية الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في هذه المرحلة؟
وصول المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار إلى التنفيذ لليوم الثالث على التوالي يمثل إنجازًا مهمًا يمكن البناء عليه للتوصل إلى نهاية الحرب عبر المرحلتين الثانية والثالثة. مصر هي الطرف الوحيد القادر على إدارة المفاوضات بحكمة ورشد، مع مراعاة جميع الاعتبارات، وقد أدرك الجميع، بما فيهم الولايات المتحدة، أن مصر صوت الحق والواقع.
هل يواجه تنفيذ هذا الاتفاق عقبات؟
رغم وجود عقبات محتملة، فإن الخبرة المصرية، إلى جانب جهود الوسطاء القطريين والأمريكيين، توحي بقدرة هذه المفاوضات على النجاح. الرئيس الأمريكي ترامب مارس ضغوطًا كبيرة على بنيامين نتنياهو، الذي فشل في تحقيق أهداف الحرب، مثل استعادة المحتجزين بالقوة، القضاء على قدرات حماس، أو السيطرة على قطاع غزة، إلى جانب خسائر مالية هائلة، وعزلة دولية وانكشاف نقاط ضعف المنظومة العسكرية الإسرائيلية.
كيف تقرأ مستقبل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بعد فشل تحقيق أهدافه من الحرب؟
نتنياهو يواجه ثلاثة سيناريوهات: أولًا، خروج المتطرفين من حزبه، مما يؤدي إلى حل الكنيست ودعوة لانتخابات مبكرة ومحاكمته على التقصير وسوء التخطيط؛ ثانيًا، تحالفه مع أحزاب المعارضة لإنقاذ حكومته، ما يُعد خيانة للأحزاب اليمينية ويؤدي لسقوط الحكومة؛ ثالثًا، عقد صفقة للتخلي عن الحكم مقابل عدم ملاحقته قضائيًا.
ما رؤيتك للمشهد الإنساني في غزة بعد الحرب؟
الجانب الإنساني في غزة مؤلم للغاية، فمشاهد الدمار والخراب كأفلام نهاية العالم. ومع ذلك، يظل الشعب الفلسطيني صامدًا رغم الظلم والقهر من إسرائيل وحكم حماس، وتحياتنا لهم على صمودهم. التحديات كبيرة لإدارة ركام قطاع غزة في غياب مؤسسات القضاء والنيابة والقانون، وانهيار النظام الإداري، وغياب وثائق الملكية العامة والخاصة.