< ماذا تفعل السفينة الحربية الأمريكية "جيرالد آر. فورد" في البحر المتوسط؟
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

ماذا تفعل السفينة الحربية الأمريكية "جيرالد آر. فورد" في البحر المتوسط؟

الرئيس نيوز

تتقدم السفينة الحربية الأمريكية "جيرالد آر. فورد" بخطى ثابتة في مياه البحر الأبيض المتوسط، في مشهد يعكس رغبة الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب في استعراض القوة الأمريكية وانتشار نفوذها الاستراتيجي بعيدًا عن الأراضي الأمريكية. هذه السفينة ليست مجرد حاملة طائرات، بل تمثل منصة سياسية وعسكرية متكاملة، قادرة على تحويل البحر إلى موقع للتأثير والسيطرة، وفقا لمجلة ذا ناشيونال إنترست.

وتعمل "جيرالد آر. فورد" على مراقبة التوترات المتصاعدة في المنطقة، لا سيما في ظل التطورات الأخيرة في غزة ولبنان. تحمل السفينة على متنها أكثر من ٤٥٠٠ فرد، وتشمل قدراتها مطارًا متكاملًا، مستشفى بحريًا، وأنظمة دفاع وهجوم إلكترونية متقدمة، بما في ذلك مقاتلات "إف-٣٥" و"إف-١٨ سوبر هورنت". هذه القدرات تمنح الولايات المتحدة القدرة على تنفيذ ضربات سريعة، وتأمين الممرات البحرية الاستراتيجية، وحماية المصالح الاقتصادية، خصوصًا في مجالات الطاقة والغاز في شرق المتوسط.

وتتزامن تحركات السفينة مع مناورات مشتركة مع قوات الناتو، ما يعزز رسالة الردع التي تريد واشنطن توجيهها إلى كل من روسيا وإيران. فالوجود العسكري الأمريكي في المتوسط لا يهدف فقط إلى التواجد الرمزي، بل يخلق منصة مراقبة للتحركات العسكرية في المنطقة، ويتيح الرد الفوري على أي تهديد محتمل.

وتعتبر الولايات المتحدة البحر المتوسط عقدة استراتيجية حيوية، إذ يمر عبره جزء كبير من خطوط الإمداد والطاقة إلى أوروبا والشرق الأوسط. وتراقب واشنطن بدقة أي محاولات لتغيير ميزان القوى في المنطقة، سواء من قبل إيران التي عززت وجودها في البحر الأحمر وخليج عدن، أو روسيا التي تتابع تحركات الأساطيل الأمريكية في تخوم سوريا.

وتوضح التقارير العسكرية أن هذه السفينة تتبع استراتيجية "الردع البحري المرن"، وهي جزء من خطة أوسع للبنتاجون لتعويض تراجع النفوذ الأمريكي على اليابسة في الشرق الأوسط. بعد الانسحاب من أفغانستان وتراجع الدور المباشر في العراق وسوريا، تعتمد واشنطن على القوة البحرية كأداة لضمان الحضور والضغط السياسي في المنطقة، مع الحد الأدنى من التعرض للصراعات الأرضية المباشرة.

تشير مصادر دبلوماسية إلى أن السفينة تمثل رسالة ضمنية للجهات السياسية في المنطقة، بما فيها إسرائيل وحركة حماس، مفادها أن الولايات المتحدة تراقب كل التطورات عن كثب، وأن أي تصعيد في التوتر سيواجه برد سريع ومدروس. هذا الوجود البحري يوفر أيضًا ضمانات أمنية لشركاء واشنطن الأوروبيين الذين يعتمدون على خطوط الطاقة البحرية في المتوسط.

كما تحرص الولايات المتحدة من خلال وجود "جيرالد آر. فورد" على توجيه إشارات واضحة للكونجرس، الذي يتابع كل تحركات الأساطيل ويقر ميزانيات الدفاع، وللبنتاجون الذي يدير الاستراتيجية العسكرية ويقرر توزيع القوات. فحركة السفينة وتواجدها في مناطق حساسة تؤكد قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ استراتيجياتها بحرفية عالية، وتحويل قوة العرض البحري إلى أداة سياسية حقيقية.

وتتجاوز أهمية السفينة الحربية كونها مجرد قطعة بحرية ضخمة، لتصبح رمزًا للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط. فهي منصة مراقبة، قاعدة عمليات متحركة، وأداة ضغط دبلوماسي في آن واحد. تحركاتها في البحر المتوسط تعكس استراتيجية متكاملة تدمج بين القوة العسكرية، السياسة، وحماية المصالح الاقتصادية، وتعيد رسم خطوط النفوذ الأمريكي في المنطقة بطريقة دقيقة وفعالة.