< رجل الظل في دائرة ترامب.. شبكة مصالح تتقاطع فيها السياسة بالمال
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

رجل الظل في دائرة ترامب.. شبكة مصالح تتقاطع فيها السياسة بالمال

الرئيس نيوز

في مشهدٍ تتقاطع فيه المصالح العابرة للحدود مع الولاءات الشخصية، يبرز اسم رجل الأعمال الأمريكي جينتري بيتش كأحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل داخل دوائر النفوذ غير الرسمية المحيطة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

فرغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي في الإدارة الأمريكية، إلا أن تحركاته عبر العواصم العالمية بدت وكأنها تسير على إيقاع البيت الأبيض نفسه، مستندًا إلى علاقة صداقة قديمة مع نجل الرئيس البكر، دونالد ترامب جونيور، وفقًا لتقارير الإندبندنت البريطانية.

دبلوماسية المال والظل

من الكونغو إلى برلين عبر بوابة "الصداقة الرئاسية"

منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وجد بيتش اللحظة الذهبية لتوسيع نفوذه في عالم الأعمال والسياسة.

فخلال أشهر قليلة، زار أكثر من عشرين دولة، من الكونغو إلى باكستان، مرورًا بالإمارات وألمانيا، مقدّمًا نفسه كرجل أعمال “مقرّب من إدارة ترامب”، يسعى إلى تعزيز ما سماه “الدبلوماسية الاقتصادية”.

في الكونغو الديمقراطية، كان الرئيس يتساءل عن هوية هذا الأمريكي الذي يجوب البلاد بحثًا عن امتيازات تعدين.

وفي إسلام آباد، وعد بيتش رئيس الوزراء بمشروعات عقارية “ستكون الأفخم في تاريخ البلاد”.

أما في الإمارات، فتحدث عن مشروع “سكة حديد خليجية عملاقة”، بينما وصل في ألمانيا إلى مكتب المستشار أولاف شولتز بعد إبداء رغبته بشراء حصة من مشروع “نورد ستريم 2” الخاضع للعقوبات الأمريكية، ما دفع الاستخبارات الألمانية للتحقيق في نشاطه.

واشنطن تتبرأ رسميًا

رجل بلا صفة يتحرك بثقة الدولة

مع توالي التساؤلات، أوضحت مصادر أمريكية –بحسب صحيفة ويكلي بليتز– أن جينتري بيتش لا يمثل الحكومة الأمريكية بأي شكل، وأن علاقته بنجل الرئيس لا تمنحه أي غطاء رسمي.

لكن تلك التوضيحات لم توقفه عن الترويج لنفسه كقناة نفوذ غير معلنة، مستفيدًا من حالة الالتباس بين عالم الأعمال وعالم السياسة في إدارة ترامب.

صداقة قديمة تتآكلها المصالح

من زمالة الجامعة إلى صراع النفوذ

تعود صداقة بيتش وترامب الابن إلى تسعينيات القرن الماضي حين التقيا في جامعة بنسلفانيا، وتوطدت علاقتهما عبر حب الصيد والمغامرات.

وكان بيتش أحد إشبيني زفاف ترامب الابن عام 2005، قبل أن تتوتر العلاقة لاحقًا بعدما شعر الأخير بأن صديقه القديم يستغل اسمه لمكاسب تجارية.

وفي عام 2019، وصف ترامب الابن بيتش بأنه “أحد أصدقائه الحقيقيين”، لكن مع عودة والده إلى الحكم، أرسل محاموه خطابًا رسميًا يطلب من بيتش التوقف عن تقديم نفسه كشريك للعائلة.
غير أن الأخير أنكر تلقي الخطاب، وواصل نشاطه، قبل أن تنشر وول ستريت جورنال لاحقًا وثائق ورسائل تؤكد علمه بالأمر.

صناعة النفوذ في عهد ترامب

المال كأداة للدبلوماسية الجديدة

سعى بيتش في الشهور الأخيرة إلى إعادة تقديم نفسه في قالب “رجل الأعمال الدبلوماسي”، فأسس شركتين جديدتين حملتا أسماء وطنية مثل “أميركا أولًا غلوبال”، مستعيرًا شعار ترامب الشهير “أميركا أولًا”.

وقال في تصريحات لاحقة إنه لا يمثل واشنطن رسميًا، بل يسعى إلى “تعزيز العلاقات الأمريكية عبر الاستثمار”.

ورغم أن معظم مشروعاته لم تكتمل، إلا أن بيتش نجح في أمر آخر: ترسيخ فكرة أن النفوذ الأمريكي لم يعد حكرًا على المسؤولين الرسميين، بل يمكن أن يُكتسب عبر المال والعلاقات الشخصية، في عالمٍ تتشابك فيه الحدود بين الدولة ورجال الأعمال.

الوجه الخفي لشبكة النفوذ

بين الاستثمار والتأثير السياسي

اليوم، يواصل جينتري بيتش رحلاته بين القارات، يقدم نفسه تارةً كرجل أعمال، وتارةً كصديق للعائلة الأقوى في واشنطن.

لكن خلف هذا البريق، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان مجرد مستثمر جريء يستغل الفرص، أم أنه جزء من شبكة نفوذ غير رسمية تتحرك في فلك ترامب، حيث المال والسياسة يلتقيان في المنطقة الرمادية التي يصعب تمييز حدودها.