< حرب التكوين.. دلالات دينية يهودية تثير انتباه المراقبين بشأن ما يجري في غزة
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

حرب التكوين.. دلالات دينية يهودية تثير انتباه المراقبين بشأن ما يجري في غزة

الرئيس نيوز

كثيرًا ما أثارت تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، بنيامين نتنياهو، موجات متتالية من الجدل إذ يعمد إلى شحن تصريحاته العلنية بطابع دينييهودي، لا يخفى على أعين المراقبين، وتُظهر النقاشات الداخلية في الأوساط اليهودية الأمريكية حول حرب غزة مدى تعقيد الموقف، حيث تتداخل الأيديولوجيات السياسية مع التفسيرات الدينية للتوراة، كما تبرز خلافات حول كيفية فهم الصراع القائم بين الدولة اليهودية وحركة حماس وتحديد مسار المستقبل. هذه الأصوات، التي تعكس تنوعًا فكريًا كبيرًا، تُقدم رؤى متضاربة حول الأسباب والدوافع وفقًا لصحيفة "واشنطن جويش ويك" الأمريكية.

 

تأويلات توراتية: بين الأخلاق والتعصب
 

يُلقي بعض المحللين الضوء على دور التأويلات الدينية المتطرفة في تأجيج الصراع. وترى الكاتبة والراباي تيمونر، في مقالها الذي نشرته "واشنطن جيويش ويك"، أن اليهودية، كتقليد قديم، يجب أن تتجدد باستمرار لتواجه تحديات العصر.

 

وتُحذر من أن الفشل في تطبيق تعاليم التوراة بطريقة عادلة يحولها إلى "سلاح خطير". وتُشير بشكل خاص إلى الأيديولوجية المتطرفة للحاخام مائير كاهانا، الذي دعا إلى التفوق اليهودي والعنف ضد الفلسطينيين، مؤكدة أن أفكاره لم تمت باغتياله في عام 1990، بل "تفشّت" بين المستوطنين المتدينين اليمينيين. وتصف الكاتبة هذا التفسير بأنه "تعصب مسياني" يرى أن طرد الفلسطينيين سيحقق نبوءة مجيء المسيح، وهو ما "يحرك حرب غزة" ويغذي انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما دفعها إلى القول: "ليس هناك وصية أعظم من فداء الأسرى".

 

وجهة نظر أمنية: تحديات الحرب مع "عدو غير تقليدي"

في المقابل، يُقدم سليمان د. ستيفنز، في مقال آخر نشرته نفس الصحيفة، وجهة نظر مختلفة تمامًا. يجادل ستيفنز بأن الصراع في غزة معقد للغاية، ولا يمكن فهمه من خلال "شفافية أخلاقية" مبسطة. ويدافع عن الموقف الإسرائيلي بالقول إن إسرائيل تقاتل "عدوًا غير تقليدي"، وهو حماس،ويزعم على الرغم من المراجعات أن هدفها "محو اليهود... من على وجه الأرض". ويزعم، رغم الخراب الواضح في غزة أن المقاومة تستخدم المدنيين كدروع بشرية، مروجًا للرواية التي تروق لنتنياهو، ويزعم أنها تستفيد من زيادة عدد الضحايا، في حين يصف ارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية بأنها فقط لتشويه سمعة الدولة. ومع ذلك، لا يتردد ستيفنز في توجيه النقد لإدارة الحرب من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، معترفًا بأن العديد من مؤيدي إسرائيل "انتقدوا" أسلوبه ووحشية الحرب.

 

استراتيجية ما بعد الحرب: "المحمية" والحلول الجذرية

يُقدم ديفيد ج. كاتز، في مقال بـ"جويش بوليسي سنتر" رؤية استراتيجية وسياسية جذرية لمستقبل غزة. ينتقد كاتز العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة، مثل "الرصاص المصبوب" و"عمود السحاب"، لتركيزها على "تقليل قدرة حماس" بدلًا من "تدمير وجودها". ويقترح كاتز "مجموعة من الأهداف الاستراتيجية" تتجاوز النصر العسكري، من بينها التدمير المادي لحماس ومنع إعادة تشكيلها. 

ولكن أبرز ما في رؤيته هو دعوته إسرائيل إلى إعلان غزة "محمية" (Protectorate)، معتبرًا أن هذا النهج غير مسبوق وضروري لإعادة هيكلة "الاقتصاد السياسي" للقطاع بما يخدم الأمن الإسرائيلي. ويرفض كاتز أي اعتراضات قانونية أو أخلاقية على اقتراحه، مؤكدًا أنها "تستند إلى مقدمات خاطئة" أدت إلى "58 عامًا من الفشل الاستراتيجي".

 

دعوات للمحاسبة وتغيير المسار

على الرغم من اختلاف الرؤى، يتقاطع بعض هؤلاء الكتاب في نقطة حاسمة، وهي ضرورة أن تكون هناك "عواقب" على سلوك الحكومة الإسرائيلية. فبينما يدعو كاتز إلى إقامة "محمية"، تطالب تيمونر قادة اليهود الأمريكيين بالضغط على حكومة نتنياهو من خلال تطبيق "قوانين ليهي" الأمريكية، التي تمنع بيع الأسلحة الهجومية للدول التي تنتهك حقوق الإنسان. وتؤكد تيمونر أن هذه "العواقب" لا تهدف فقط إلى حماية الفلسطينيين، بل هي ضرورية "لأجل إسرائيل ووجودها" وسلامة الإسرائيليين أنفسهم، فلا منتصر في حرب كالتي يشهدها القطاع الفلسطيني المنكوب.