< الناشطة النسوية إلهام عيدروس: الكوتة النسائية في البرلمان مجرد شكل بلا أثر تشريعي.. وإصلاح النظام الانتخابي مفتاح تمكين النساء سياسيا (حوار)
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

الناشطة النسوية إلهام عيدروس: الكوتة النسائية في البرلمان مجرد شكل بلا أثر تشريعي.. وإصلاح النظام الانتخابي مفتاح تمكين النساء سياسيا (حوار)

الرئيس نيوز

غياب الفاعلية البرلمانية يقيّد النائبات ويمنع التغيير الحقيقي

"القائمة المطلقة" أقصت نساء المعارضة ومنحت الأفضلية للموالاة

البرلمان يتجاهل قوانين الأحوال الشخصية رغم المطالبات الواسعة

تغليظ العقوبات لا يكفي دون منظومة تشريعية متكاملة للنساء

المرأة البرلمانية لا تزال عاجزة عن الدفاع الجاد عن قضايا النساء

أكدت الناشطة النسوية إلهام عيدروس أن التمثيل النسائي في البرلمان الدورة الحالية رغم كونه الأكبر عدديًا في تاريخه، لكنه ظل حضورا شكليا لم ينعكس على التشريعات المرتبطة بقضايا المرأة.

وقالت عيدروس في حوارها لـ"الرئيس نيوز" إن بعض المقترحات، مثل مشروع قانون الأسرة الذي تقدمت به النائبة نشوى الديب بدعم من منظمات نسوية، لم يُطرح للنقاش رغم توقيع نحو 60 نائبًا عليه، بينما ظل قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين حبيس الغرف المغلقة بين الكنائس ووزارة العدل، دون دور يذكر للبرلمان.

وأشارت إلى أن إنجازات المجلس اقتصرت على تغليظ عقوبات حكومية محدودة، دون إصلاحات جوهرية تمكّن النساء من الوصول إلى العدالة. وإلى نص الحوار..

رغم أن البرلمان شهد في دورته الحالية أكبر تمثيل عددي للنساء في تاريخه، إلا أن التساؤل لا يزال مطروحًا: هل انعكس هذا الحضور على واقع القوانين والتشريعات؟

الأزمة لا تتعلق بالنساء فقط، بل ببنية البرلمان ككل، حيث غابت الفاعلية التشريعية والرقابية، ولم ينجح النظام القائم على "الكوتة" في تمكين النائبات من إحداث تغيير جوهري في ملفات مصيرية مثل الأحوال الشخصية، الولاية على أموال القُصّر، قانون العنف الموحد، وقانون عاملات المنازل.

والنساء في المعارضة يواجهن تحديات أعقد من غيرهن، بحكم نظام "القائمة المطلقة" الذي يقصي أصواتهن، ما يجعل التمثيل مرهونًا بأحزاب الموالاة فقط.

أما عن تفعيل الحريات العامة، وتغيير النظام الانتخابي، وتشكيل تحالفات نسوية داخل المجلس، فهي مفاتيح أساسية لتمكين المرأة من تجاوز "الكوتة الشكلية" إلى حضور برلماني فاعل قادر على صناعة التشريعات والدفاع عن قضايا النساء بجدية.

في رأيك، هل كان الحضور النسائي في البرلمان خلال الدورات السابقة مؤثرًا بالفعل في القوانين والتشريعات؟

طبعًا الحضور النسائي مكنش مؤثر كما نتمنى، برغم أنها أكبر نسبة برلمانية في تاريخ النساء من الناحية العددية.

 لكن ذلك طبعًا جزء من حالة البرلمان بشكل عام. يعني دا نتيجة لعدم الفعالية البرلمانية في الوضع التشريعي كله، مش بسبب النساء فقط، لأنهم جزء من حالة عامة البرلمان لا يقوم فيها بدوره سواء الرقابي أو التشريعي كما ينبغي.

البعض كان يهاجم نظام الكوتة للمرأة، فهل العيب من وجهة نظرك في الكوتة أم في تطبيقها؟

أنا رأيي إن الكوتة – أو الأفضل أنا بسميها "آليات ضمان تمكين النساء" – هي ضرورة في كل المجتمعات، مش بس العربية. كل المجتمعات بدأت تتغلب على الانحيازات والعوائق التاريخية التي استمرت سنين طويلة ومنعت النساء من المشاركة السياسية. فهي بالنسبة لي ضرورة. لكن أشكال الكوتة بتتنوع: فيه أشكال بتفيد فعلًا وبتدمج النساء إدماج حقيقي في العملية السياسية، وفيه أشكال لا تتيح إدماج حقيقي وتحقق فقط المعيار العددي.

هل تعتقدين أن الكوتة النسائية داخل البرلمان وفرت بالفعل مساحة للنساء للتأثير في قضاياهن وعلى رأسها قوانين الأحوال الشخصية والطلاق للمسيحيين والختان والحضانة؟

للأسف، لم توفر الكوتة مساحة في القضايا المهمة للنساء، ودا بسبب وضع البرلمان. ودا باين جدًا في الأجندة التشريعية النسوية. للأسف الكثير من التعديلات اللي إحنا محتاجينها أو القوانين الجديدة اللي إحنا محتاجينها كنساء مصر – وعلى رأسها أمور مكملة للدستور زي "مفوضية التمييز" – لم تصدر.

وحصلت حملات كثيرة جدًا لقانون الأحوال الشخصية والمطالبة بقانون عادل للأسرة. مثلًا النائبة نشوى الديب قدمت مشروع قانون عادل للأسرة كانت عملته مؤسسة قضايا المرأة (CEWLA)، وأخد مناقشات كتير من مسلمين وأخد توقيعات حوالي 60 نائبًا، لكن لم يُطرح، ومشفناش عليه تجاوب من المجلس سواء من الرجال أو النساء.

أما قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين فالوضع أسوأ؛ مفيش حوار برلماني أصلًا بشأنه، والحوار فيه بيتم بين الكنائس ووزارة العدل من سنين في غرف مغلقة بعيد عن المجتمع والمستهدفين بهذا القانون، ومفيش أي دور للبرلمان.

مثلًا في قضية "الولاية على أموال القُصّر" كان فيه اهتمام شعبي ومؤسسي، وشوفنا اهتمام من المجلس القومي للمرأة ومبادرات مثل حملة "تحت الوصاية". 

وفي جلسات الحوار الوطني كان فيه شبه إجماع حكومي ومعارضة على أن القانون الحالي لم يعد مناسبًا، لكن لم نرَ أي استجابة برلمانية.

حتى القانون الوحيد للأحوال الشخصية اللي اتقدّم في البرلمان عام 2021 كان من مجلس الوزراء، مش من النساء داخل البرلمان.

والتعديلات القليلة اللي بتحصل – زي تغليظ العقوبات على الختان أو التحرش أو التهرب من النفقة – بتيجي من الحكومة مش من النواب.

والأخطر إنها تقتصر على تشديد العقوبات فقط، من غير تعديل منظومة متكاملة تسهّل على النساء الوصول للعدالة.

شوفنا مثلًا البرلمان يقر تغليظ العقوبات على الختان، على التهرب من النفقة، على التحرش، وعلى نهب الميراث، ودي كلها قوانين لصالح المرأة، لكن لا تستفيد بيها النساء بشكل كامل من غير تعديلات تشريعية مكمّلة تسهّل الإجراءات القضائية. 

في المقابل، البرلمان بيتقاعس مثلًا في ملف "الرسوم القضائية"، اللي بترفع تكلفة قضايا الأحوال الشخصية وتعيق النساء عن الوصول للعدالة.

الحركة النسائية المصرية طول الوقت بتطالب بمبدأ "الملف الواحد"، يعني لما الست ترفع قضية مترفعش 50 قضية منفصلة للنفقة وغيرها. 

النائبة نشوى الديب، بمقترحها بالتعاون مع مؤسسة قضايا المرأة، كانت طرحت هذا النظام، لكن للأسف لم نشهد استجابة برلمانية.

البعض يرى أن النساء في أحزاب الموالاة يحصلن على فرص أكبر بكثير من نظيراتهن في أحزاب المعارضة. هل توافقين هذا الرأي؟

نعم، نساء أحزاب الموالاة عندهم فرصة أكبر. السبب أن المعوقات على أحزاب المعارضة في الشارع كبيرة، والنظام الانتخابي بنظام "القائمة المطلقة" يجعل فرصة المرأة معدومة لو دخلت من خارج قوائم الموالاة.

القائمة المطلقة تعني أن القائمة الفائزة إذا حصلت على 50% + 1 من الأصوات تستحوذ على جميع المقاعد. 

وبالتالي، لو امرأة من حزب معارض حاولت دخول البرلمان، فرصتها تكاد تكون معدومة، لأن حزبها لن يحصل على الأغلبية المطلوبة.

فالنساء في أحزاب المعارضة لا يدخلن البرلمان إلا عبر المقاعد الفردية، والدوائر الفردية واسعة وتحتاج مالًا وعصبيات وقبليات، وكلها ظروف معادية للمرأة.

في ظل التجارب السابقة، هل كان تمثيل النساء في البرلمان تعبيرًا عن كفاءتهن وقدرتهن أم أن المعايير الحزبية والسياسية كانت لها اليد العليا في الاختيار؟

في التجارب السابقة، عندنا نوعين: برلمانات لم يكن فيها أي شكل من أشكال الكوتة، وكانت نسبة النساء فيها لا تتعدى 5%، وبرلمانات مع الكوتة، وهنا ارتفعت النسبة. طبيعي أن يتأثر الأمر بالمعايير الحزبية والسياسية، خصوصًا في القوائم، لأن الانضمام للحزب هو بوابة الترشح.

ما الذي تحتاجه النائبات في البرلمان القادم ليصبحن قوة فاعلة قادرة على تغيير القوانين المتعلقة بالنساء بدلًا من المشاركة الشكلية؟

أولًا: إطلاق الحريات العامة في المجتمع، لأنه لا يمكن لأي نائبة أن تنجح بدون قاعدة شعبية حقيقية من النساء.
ثانيًا: تعديل النظام الانتخابي القائم على القائمة المطلقة، لأنه يقيد النساء ويضع مسارًا واحدًا أمامهن، وهو الانضمام لقوائم الموالاة.
ثالثًا: تعديل لائحة المجلس بما يسمح بتشكيل تحالفات أو آليات تشاورية بين النائبات من مختلف التيارات لوضع أجندة مشتركة

برأيك، ما هي الملفات الأهم التي يجب أن تتبناها المرأة في برلمان 2025 لتثبت أن وجودها في البرلمان ليس مجرد رقم؟
أولًا: مفوضية منع التمييز، لأنها تأخرت كثيرًا وهي مكملة للدستور.
وأيضًا قانون حماية المبلِّغين والشهود، وهو مادة دستورية يجب أن يكون هناك قانون ينظمها، وقانون حرية تداول المعلومات، وهذه ثلاثة قوانين مهمة جدًا.
كذلك نحتاج إلى قانون جديد في مصر للأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين.
أما النقطة الثانية فهي قانون العنف الموحد، وهناك نسختان مقدمتان لهذا القانون:
الأولى أعدتها الدكتورة ميرفت التلاوي عندما كانت رئيسة المجلس القومي للمرأة، وقدمه المجلس القومي للمرأة رسميًا، لكنه موضوع حاليًا في الأدراج.
أما النسخة الثانية فهي مشروع قانون العنف الموحد الذي قدمته الجمعيات الأهلية، وأدخلته إلى البرلمان عام 2015 مع النائبة نادية هنري، لكن الأغلبية البرلمانية دفنته في الأدراج. ثم أُعيد تقديمه مرة أخرى في برلمان 2020 عبر النائبة نشوى الديب، وبالمثل دفنته الأغلبية البرلمانية في الأدراج أيضًا.

وأخيرًا: قانون عاملات المنازل. آن الأوان في مصر أن يُنظم قانون خاص بعاملات المنازل ويحميهن. فعندما صدر قانون العمل الأخير جاء بدون حماية أو مع إقصاء لعاملات المنازل. الدولة، ممثلة في رئيس الجمهورية، قالت وقتها إنه سيصدر قانون لعاملات المنازل. وبالفعل كُتبت مسودة جيدة جدًا لهذا القانون من دار الخدمات النقابية، ثم أخذت النائبة نشوى الديب هذه النسخة وعدلت فيها قليلًا وقدمتها في المجلس، لكنه لم يصدر حتى الآن.
هناك تشريعات كثيرة مطلوبة، لكن هذه هي التشريعات التي أراها أساسية ولا بد أن تصدر

في ختام الحوار، كيف تنظرين إلى المستقبل؟ هل يمكن أن نصل لمرحلة يكون فيها تمثيل النساء نابعًا من الإرادة الشعبية والقدرة لى المنافسة بعيدًا عن الاعتماد على الكوتة فقط؟

أنا شايفة إن الكوتة الدستورية لا تتعارض مع الإرادة الشعبية، طالما تسمح بمشاركة النساء من مختلف التيارات. إحنا كمعارضة بنطالب بـ"القائمة النسبية"، لأنها بتتيح للناخبين حرية الاختيار بين جميع التيارات رجالًا ونساءً. وده مش اختراع مصري أو عربي، لكنه معمول به في بلاد كثيرة، وهو من توصيات الأمم المتحدة اللي بتدعو لضمان مشاركة النساء بنسبة لا تقل عن 30%. في دول أخرى مثل تونس، طبّقوا نظام المناصفة، بحيث تكون نصف القوائم للنساء.