تعاطف مع الفلسطينيين.. موظف سابق بالخارجية الأمريكية يكسر صمته بشأن فصله من العمل
كسر شهيد غوريشي، الموظف السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، صمته في أول مقابلة له بعد فصله من منصبه كمسؤول إعلامي بارز، متهمًا الوزارة بفرض "تأثير مخيف" على الموظفين الذين يحاولون استخدام لغة أكثر إنسانية في البيانات الرسمية حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأوضح غوريشي، في حديثه مع صحيفة "ديموكراسي ناو"، أن فصله جاء بعد سلسلة من الخلافات مع قيادات الوزارة، التي رفضت اقتراحاته لإظهار تعاطف أكبر تجاه المدنيين الفلسطينيين في غزة، خاصة بعد مقتل الصحفي الفلسطيني البارز أنس الشريف وخمسة من زملائه في وقت سابق من أغسطس الجاري. واقترح غوريشي إدراج عبارات تعبر عن الحزن لفقدان الصحفيين وتقديم التعازي لعائلاتهم، لكن الوزارة رفضت ذلك على الفور، مستندة إلى اتهامات إسرائيلية بأن الشريف كان عضوًا في حركة حماس، وهو ما اعتبره غوريشي استسلامًا فوريًا للرواية الإسرائيلية دون تحقق مستقل. وأكد أن هذا النهج يعكس مشكلة أعمق في السياسة الأمريكية التي تتجاهل القيم الإنسانية وتفضل الدعم غير المشروط لإسرائيل، مما يساهم في استمرار الأزمة الإنسانية في غزة وفقًا لموقع هافبوست.
وأشار غوريشي إلى أن فصله لم يكن حدثًا معزولًا، بل جزءًا من نمط أوسع من القمع داخل وزارة الخارجية، حيث يواجه الموظفون ضغوطًا لتجنب انتقاد سياسات إسرائيل أو التعبير عن آراء تدعو إلى مزيد من التعاطف مع الفلسطينيين. فقد كشف عن رفض الوزارة لعبارة أعدها في 18 أغسطس 2025، تنص على أن "الولايات المتحدة لا تدعم التهجير القسري للفلسطينيين في غزة"، وهي عبارة كانت قد استخدمت سابقًا في عهد الرئيس دونالد ترامب. كما تصدى غوريشي في 19 أغسطس لمحاولة من مستشار السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد ميلستين، لاستخدام مصطلح "يهودا والسامرة" بدلًا من "الضفة الغربية" في الوثائق الرسمية، وهو مصطلح يروج له الإسرائيليون والصهيونيون. ونجح غوريشي في الإبقاء على المصطلح المعتمد "الضفة الغربية"، لكنه واجه انتقادات حادة من قيادات الوزارة التي اعتبرت اقتراحاته "غير ملائمة". وأكد أن هذه الحوادث تعكس وجود "ثقافة صمت" تحد من قدرة الموظفين على التعبير عن آرائهم، مما يخلق بيئة عمل تخشى فيها التعبير عن القلق الإنساني.
تفاقمت الأمور بعد فصله، حيث تعرض غوريشي لهجوم من شخصيات يمينية متطرفة مثل لورا لومر، التي اتهمته بعدم الولاء لسياسات إدارة ترامب في الشرق الأوسط. وردًا على ذلك، نفى غوريشي الاتهامات التي وصفها بـ"لا أساس لها"، مشيرًا إلى أن نائب المتحدث باسم الوزارة، تومي بيغوت، زعم أن الفصل جاء بسبب "تسريب معلومات سرية"، وهو ادعاء رفضه غوريشي بشدة. وأشار إلى أن هذه الاتهامات تهدف إلى تشويه سمعته وصرف الانتباه عن القضية الأساسية، وهي قمع حرية التعبير داخل الوزارة. كما أعرب عن قلقه من أن فصله سيرسل رسالة مخيفة إلى زملائه، مما يثنيهم عن تقديم نصائح تدعو إلى لغة أكثر إنسانية في التعامل مع قضايا غزة، خاصة في ظل تقارير عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتدمير البنية التحتية نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا.
وفي سياق متصل، سلط غوريشي الضوء على الإحباط المتزايد داخل وزارة الخارجية، مشيرًا إلى تقارير عن "تمرد داخلي" بين الموظفين الذين يشعرون بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وكبار مستشاريه يتجاهلون نصائح الخبراء الداعية إلى مراجعة الدعم غير المشروط لإسرائيل. وأفاد بأن هناك مجموعات داخل الوزارة، تضم حوالي 200 موظف، يتبادلون الآراء عبر قنوات داخلية للتعبير عن استيائهم من السياسة الرسمية. وأكد أن هذا الإحباط يمتد إلى وكالات فيدرالية أخرى وشركات دفاع، حيث يواجه الموظفون صعوبة في التوفيق بين واجباتهم المهنية ومعتقداتهم الأخلاقية. ودعا غوريشي إلى فتح حوار مفتوح داخل الحكومة لضمان توافق السياسات الخارجية مع القيم الإنسانية والقوانين الدولية، مشددًا على أن استقالته كانت احتجاجًا ضد "القرارات قصيرة النظر" التي تهدد بتقويض مصداقية الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
ويعكس موقف غوريشي أزمة أعمق داخل الإدارة الأمريكية، حيث يواجه الموظفون تحديات أخلاقية في ظل الدعم المستمر لإسرائيل وسط حرب خلفت دمارًا واسعًا في غزة. ويؤكد أن فصله يسلط الضوء على قمع حرية التعبير داخل الدوائر الحكومية، مما يثير تساؤلات حول قدرة الموظفين على التأثير في السياسات الخارجية. ومع استمرار الأزمة الإنسانية في غزة، التي وصفتها تقارير دولية بأنها تشهد "مجاعة" و"إبادة جماعية"، يدعو غوريشي إلى تحرك دولي عاجل لفرض المساءلة ووقف الانتهاكات. كما يحث النشطاء والمجتمع الدولي على مواصلة الضغط لفتح ممرات إنسانية وإعادة تقييم السياسات التي تدعم العنف، مؤكدًا أن السكوت عن هذه الأزمة يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويطيل أمد المعاناة الفلسطينية.