السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

«لو عجبك الكرسي خده معاك».. نصيحة محمود السعدني التي لم يفهمها مبارك

الرئيس نيوز


-   «إفيه» مبارك عن تكريم موسيقار الأجيال عبدالوهاب.. وتفاصيل علاقته بالمثقفين
-   لماذا اتسم مبارك بالعدوانية تجاه المثقفين.. وتوجيه رئاسي بتعيين ابنة رجاء النقاش بالجامعة


يتحدث الدكتور "مصطفى الفقي"، في مذكراته "الرواية.. رحلة الزمان والمكان" عن علاقة الرئيس "مبارك"، برجال الفكر والفن من خلال المواقف والطرائف التي كانت بينهما ما بين شد وجذب، وضحكات وغضب من خلال بعض المواقف المطروحة في فصل "في صحبة نجوم الفكر والأدب والفن".

يروي "الفقي" موقف الرئيس "مبارك"، من الكاتب الساخر "محمود السعدني" الذي تعرض للسجن في عهدي الرئيسين "عبد الناصر"، و"السادات" وكلام "السعدني ل"مبارك" حينما قال له:
سيادة الرئيس سيادتك أول رئيس يصغرني في العمر.
فرد "مبارك" قائلاً :
هذا أمر جيد يا محمود، على الأقل أجد سببًا أحترمك من أجله.
ومن المواقف الأخرى التي دارت بينهما، قول "السعدني" لـ"مبارك" :
كرسيك يا سيادة الرئيس جلس عليه من قبل صلاح الدين ومحمد علي وجمال عبد الناصر.
فقال له "مبارك" :
يا سعدني لو عجبك الكرسي خده معاك وأنت ماشي.

تصور مبارك لمقولة السعدني كان تصورًا سطحيًا، لأن الكاتب الساخر كان مراده، أنه لابد و أن يصنع "مبارك" المعجزات والمنجزات في مصر مثل الأسماء التي ذكرها من قبل، وكان دائم السخرية على أحوال مصر في عهد "مبارك" متكئًا على التاريخ للإسقاط على واقع ذلك العصر، واستكشاف المتشابهات مع العصر المباركي، وهو ما ورد في كتابه الشهير "مصر من تاني" الصادر في العام 1990.

أضاف "الفقي": كان مبارك لا يقبل أراء بعض المثقفين، وهو ما وضح للصحفي "عبد الحليم قنديل"، الذي جرى ضربه وتجريده من ملابسه في واقعة شهيرة حدثت في شهر رمضان، وترك عاريًا في الصحراء بسبب كتاباته ومواقفه السياسية.

وحدث نفس الشئ للكاتب والمؤرخ الصحفي الوفدي "جمال بدوي"، عندما كتب عنوانًا لمقاله "أخطأ الرئيس وأصابت امرأة"، قياسًا على مقولة "أخطأ عمر وأصابت امرأة" وتم ضربه ضربًا مبرحًا في طريق صلاح سالم، ولم يعرف الفاعل والتزم الجميع بالصمت تجاه تلك القضية المثيرة.

كما يرصد اختفاء الصحفي "رضا هلال" ابن الأهرام، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وترك الحادث أثرًا أليمًا في نفوس المفكرين والمثقفين والإعلاميين، ومازال يشكل إخفاؤه لغزًا مثيرًا ينسبه البعض لمبارك ونظامه.

يروي "الفقي" قصة حدثت للكاتب "رجاء النقاش"، وهو عدم تعيين ابنته معيدة بالجامعة رغم استحقاقها لذلك بسبب أن أباها يساري قديم، وأبلغه الكاتب والمؤرخ "عبد العظيم رمضان" بذلك مما أدى إلى تبليغ "الفقي" للرئيس "مبارك" بهذا الموقف، وقال الرئيس "مبارك" : رجاء النقاش مثقف لا غبار عليه، و لا يجب أن يضار ابن أو ابنة؛ بسبب انتماء سياسي لأبيه وأسرته.

من هنا تم تعيين ابنة "رجاء النقاش" بالجامعة، عبر تنفيذ "الفقي" للتعليمات الرئاسية نحو هذا الموضوع، وظل "النقاش" يذكر موقف "الفقي" تجاه موضوع ابنته بكل خير.

أشار الكاتب إلى علاقة الرئيس "مبارك"، بموسيقار الشعب "محمد عبد الوهاب" حينما تحدث إليه تليفونيًا، وقت عمله بسكرتارية الرئاسة وطلب منه مقابلة الرئيس، من أجل تعيين المحامي "لبيب عوض" بمجلس الشورى، بناءً على عضويته بالمجلس، وطلب مقابلة الرئيس شخصيًا مثلما فعل مع كافة الحكام الأسبقين.

تم المطلبين، وعقد الرئيس لقاءً مطولاً مع موسيقار الأجيال وطلب "عبد الوهاب" من "الفقي" نشر اللقاء، في الصحف القومية الثلاث بالصفحات الأولى، مثلما كان التقليد معه دائمًا في مثل تلك المناسبات، وبالفعل تم له ما أراد.

وأشار "الفقي" إلى أنه تحذلق على الرئيس حينما قال له، بأنه سادس حاكم يقابل موسيقار الأجيال بعد "الملك فؤاد"، "الملك فاروق"، والرؤساء "محمد نجيب"، "جمال عبد الناصر"، و"أنور السادات"، فابتسم الرئيس "مبارك" وقال: وسوف يستقبله من يأتي بعدي إن شاء الله!".

شاءت الأقدار أن يكون "مبارك" هو الحاكم الأخير الذي استقبل موسيقار الأجيال، الذي وافته المنية يوم 4 مايو من العام 1991، وأمر له الرئيس بإقامة جنازة عسكرية مهيبة، خرجت من مسجد "رابعة" وطاف مع نعشه نياشينه وأوسمته من كافة بقاع الأرض.

سبق للرئيس "مبارك" حضوره حفل تكريم "عبد الوهاب" في 2 فبراير من العام 1978، وهو نائب لرئيس الجمهورية وذلك لحصوله على الإسطوانة البلاتينية من اتحاد الإسطوانات العالمي برئاسة السير "جون ريد"، ويعد "عبد الوهاب" الموسيقار الثالث الحاصل على تلك الإسطوانة على مستوى العالم بعد المطربة الفرنسية "إيدت بياف"، والمطرب الأمريكي "فرانك سيناترا".